كل ما يجري من حولك

لا انتشاءَ غربياً بـ«حلول» ترامب: ماذا لو فشلنا مجدّداً؟

29

متابعات..| تقرير*

تشي تصريحات المسؤولين الأميركيين، منذ بدء العملية العسكرية الأحدث ضد اليمن، بأنّ التخطيط لهذه العملية بدأ منذ وقت ليس بقصير، ولا سيما بعدما عجزت الهجمات المتفرقة التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، في وقت سابق، على هذا البلد، في ثني «أنصار الله» عن الاستمرار في عملياتها وإلحاق خسائر بالأصول الأميركية بحراً وجواً. كما تشي تلك التصريحات بأن العدوان المتجدد قد يستمر لأسابيع طويلة، في حين وصف مراقبون إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عنه بـ»التغيير المهم في السياسية الأميركية تجاه المنظمة اليمنية»، والذي يهدف، بشكل رئيسي، إلى توجيه «رسالة إلى إيران» والضغط عليها.

وفي هذا السياق، كشف موقع «أكسيوس» أن ترامب أمر بالبدء بإعداد «خطط عسكرية لاستهداف الحوثيين، عقب قراره إعادة تصنيف الجماعة كـ(منظمة إرهابية)، بعد عدة أسابيع من تولّيه منصبه». وأشار الموقع إلى أنّه بعدما أسقطت «أنصار الله» طائرة عسكرية أميركية مُسيّرة، قبل أسبوعين، «تسارعت الاستعدادات لشنّ الهجمات»، فيما انحصرت النقاشات، خلال اليومين الماضيين، بشكل رئيسي، في الوقت المناسب للبدء بها. وأخيراً، وافق ترامب على خطة القصف الجمعة، قبل أن يصدر، السبت، «الأمر النهائي بتنفيذها».

ومن بين «العدد الصغير من الحلفاء الذين تمّ إبلاغهم مسبقاً» بالخطة، أفاد مسؤولون إسرائيليون بأنّ واشنطن «أخطرت تل أبيب قبل التنفيذ». ومن جهتها، ذكرت شبكة «سي أن أن» الأميركية، أنّ الهجمات الأخيرة استغرقت «وقتاً لتنظيمها وتخطيطها»، مشيرة إلى أنّ الولايات المتحدة «كانت بحاجة إلى جمع المعلومات الاستخبارية لشن هجمات أشمل».

وعقب العدوان، كان لافتاً اتصال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، بنظيره الروسي سيرغي لافروف، والذي أبلغه فيه بالضربات على اليمن، مؤكداً له أنّه «لن يتم التسامح مع استمرار هجمات الحوثيين على سفن الشحن العسكرية والتجارية الأميركية في البحر الأحمر». وفي وقت لاحق، اعتبر روبيو، في حديث إلى شبكة «سي بي أس» الأميركية، أنّه «ما من ضرورة لشنّ عمليات برية ضدّ الحوثيين»، زاعماً أنّ الضربات طاولت «عدداً من المسؤولين عن إطلاق الصواريخ». وأردف روبيو أنّ الهجمات في البحر الأحمر تشكّل «وضعاً غير قابل للاستمرار، ولن نسمح لهم بالتحكم في مرور السفن»، كما «لن نسمح بوجود أشخاص يمتلكون صواريخ تهاجَم بها البحرية الأميركية».

استبعدت واشنطن إمكانية شنّ «عملية برية» في اليمن

وتعقيباً على الأحداث الأخيرة، نشر «المجلس الأطلسي» تقريراً تضمّن مداخلات لعدد من الخبراء، الذين أجمعوا، تقريباً، على إمكانية ألا تحقّق الهجمات، هذه المرة أيضاً، أهدافها. ويؤكد أحد هؤلاء أنّه «نظراً إلى التاريخ الطويل للمقاومة الحوثية، بدءاً من الإطاحة بحكومة اليمن المركزية، ووصولاً إلى حربهم ضد التحالف الذي تقوده السعودية، فمن غير المرجّح أن تردع الجولة الحالية من الضربات الجوية الحوثيين»، ولا سيما أنّهم يتلقون «الدعم لا فقط من إيران، ولكن أيضاً من خلال شبكات المشتريات من الصين وروسيا»، معتبراً أنّ واشنطن ستحتاج إلى استخدام «موارد تتجاوز الضربات الجوية».

وتشمل الموارد المشار إليها، بحسب التقرير، الانخراط الدبلوماسي مع موسكو وبكين، ووضع المزيد من الموارد البحرية لقطع الإمداد عن الجماعة، جنباً إلى جنب «الضغط الفعّال على إيران». وشدّد الخبير، أيضاً، على ضرورة تعزيز دفاعات السعودية والإمارات، عبر إرسال كمية كبيرة من الأصول العسكرية، والحفاظ على درجة عالية من التنسيق الدولي، لإرسال إشارة بأنّ الولايات المتحدة تنوي القيام بـ»أكثر مما كانت تقوم به في الماضي».

وطبقاً لخبير آخر، تحدّث إلى الموقع، ففي حين قد تؤثّر الضربات الأخيرة «على قواعد الحوثيين وقادتهم ودفاعاتهم الصاروخية، على المدى القصير، إلا أنّهم قد أثبتوا، في الماضي، مرونتهم، واستمروا في تشكيل تهديد إقليمي بعد الضربات المتتالية من قبل السعودية وتحالفها، وأخيراً من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة». ويرجّح صاحب الرأي المتقدم أنّه في ما يتعلق بالمستقبل، فمن المرجّح أن تشن المجموعة رداً انتقامياً، يستهدف مجموعة «يو إس إس ترومان» الضاربة في البحر الأحمر أو القواعد الأميركية في المنطقة. وطبقاً لما ينقله المصدر نفسه عن خبراء آخرين، فإنّ الضربات الجوية الأحدث من المتوقّع أن تؤثّر، بشكل كبير، على المدنيين، ما سيزيد من مشاعر الاستياء تجاه الولايات المتحدة، حتى في أوساط «المدنيين الذين لا يدعمون الحوثيين».

ومع ذلك، يذهب بعض المراقبين إلى أنّه كي تكون الحملة الأميركية «فعّالة»، يجب أن تستمر إلى حين إلحاق الضرر بقدرة «أنصار الله» على إنتاج الصواريخ والطائرات المُسيّرة وإطلاقها، والاعتماد على السعودية والإمارات، اللتين «تعرفان الساحة اليمنية جيداً»، لتعطيل قدرة إيران على دعم الجماعة، وصولاً، في نهاية المطاف، إلى «إسقاط نظام الحوثي»، بشكل يضر، إلى حدّ كبير، بـ»الوجود الإيراني في المنطقة». ولا يستبعد أصحاب هذا الرأي، إمكانية أن تقرّب الهجمات الأخيرة، في خضمّ التوترات المتزايدة أخيراً، واشنطن وطهران من «المواجهة».

وعلى أي حال، لا تبدو العملية الأميركية ضد اليمن مستغربة؛ إذ إنّه في الأشهر الأخيرة، دأب المراقبون الغربيون على التحذير، باستمرار، من أنّ الأحداث التي تلت عملية «طوفان الأقصى»، ساهمت في «تعزيز موقف الحوثيين»، بدلاً من إضعافه. وفي هذا السياق، تشير مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، في تقرير، إلى أنّ «الحوثيين خرجوا من 7 أكتوبر أقوى وبموارد أكثر»، مع وجود «مجنّدين جدد وجعب مملوءة وعلاقات أوثق»، بما في ذلك المساعدة المبلّغ عنها من روسيا. ويُضاف إلى ما تقدّم، أنّ الحملة المتعددة الجنسيات التي بدأتها واشنطن فشلت في جذب الدعم من معظم الحلفاء والشركاء، أو تحقيق الهدف المعلن المتمثّل في حماية حرية الملاحة، ما جعلها تبدو، في أفضل الأحوال، «عاجزة».

* الأخبار
You might also like