وفد درزي سوري في إسرائيل: طريف والهجري يزكّيان سلخَ الجنوب
متابعات..| تقرير*
دخل وفد مؤلّف من 60 رجلَ دينٍ درزياً إلى الأراضي المحتلة، أمس، في خطوة غُلّفت بالحديث عن زيارة «مقام النبي شعيب»، الواقع في بلدة جولس بالقرب من طبريا في الجليل الأسفل. وجاءت هذه الزيارة بناءً على دعوة من الرئيس الروحي لطائفة الموحّدين الدروز في فلسطين المحتلة، موفق طريف، وبموافقة رسمية من حكومة الكيان الإسرائيلي، أقرّها وزير الأمن، يسرائيل كاتس.
وبحسب المعلومات، فإن ثلاث حافلات إسرائيلية ترافقها مصفّحات تابعة لجيش الاحتلال دخلت بلدة حضر الحدودية مع الجولان لنقل أعضاء الوفد، بعد إجبارهم على ترك هواتفهم في الأراضي السورية، وسط تشدّد أمني ومنع اقتراب الصحافيين طيلة فترة الزيارة، وذلك بطلب من طريف، وبالتوافق مع الرئيس الروحي للموحّدين الدروز في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، الذي لم يستجب لطلبات شخصيات دينية ومجتمعية في السويداء، بمنع الزيارة، معتبراً أن دخول الوفد إلى الجولان المحتل «ليس تطبيعاً مع إسرائيل».
وعلى رغم التحفّظات الكبيرة من غالبية الطائفة على الخطوة التي قد تضع الدروز في موقف «محرج» أمام الرأي العام في سوريا، أصرّ طريف، من جهته، على حدوثها لما تحمله من رسائل سياسية مباشرة إلى دمشق، بأن دروز سوريا، الذين يحاول العدو استغلالهم للتمدّد في هذا البلد، «خط أحمر» بالنسبة إلى إسرائيل. وفي تصريحات خرج بها طريف عقب الزيارة، إلى قناة «الحرة»، رفض الربط بين الملفات السياسية وزيارة الوفد بوصف الأخيرة «دينية بحتة» بحسب زعمه، مدّعياً بأنه على رغم إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، توسيع المنطقة العازلة في القنيطرة والسويداء ودرعا، «لن يكون هناك تدخل في الشؤون السورية أو في شؤون أهلنا هناك».
ورداً على سؤال حول وجود «ضمانات من إسرائيل بأنها قد تتدخّل عسكرياً من أجل حماية الدروز في المناطق التي ربما تتعرّض لاعتداءات»، قال طريف إنه «في حال حصل ذلك فبدون شك سنتدخّل، لن نسمح بأن يكون هناك أي اعتداء على أبناء الطائفة الدرزية»، داعياً إلى تشكيل حكومة سورية تضمن حقوق الأقليات.
وفيما كانت وسائل إعلام عبرية تحدّثت عن أن الوفد الدرزي يضمّ مئة شخص، كشف مصدر درزي من بلدة حضر، في حديث إلى «الأخبار»، أن «أربعين شخصية من محافظة السويداء تقرّر عدم مشاركتها في الزيارة، بعد ضغوط مارستها شخصيات دينية رفيعة المستوى»، علماً أن «أعضاء الوفد هم من دروز جبل الشيخ الذين تربطهم علاقة قرابة مع سكان الجولان وشمال فلسطين».
وعلى الرغم من أنه كانت ثمة رغبة شعبية في اعتراض طريق القافلة ومنع دخولها عبر بلدة حضر، تدخّل وجهاء البلدة لمنع حدوث مثل هذا الأمر، خشية تحوّله إلى مواجهات مباشرة مع جيش الكيان. وعلى هذه الخلفية، اكتفى قادة المجتمع المحلي دينياً ومجتمعياً، بإصدار بيان باسم سكان البلدة، استنكروا فيه الزيارة التي تأتي «تلبية لدعوة جهات موالية للاحتلال»، لافتين إلى أن «إسرائيل التي لم تكن يوماً حريصة على حقوق الأقليات، تستغل هذه الزيارة الدينية كأداة لزرع الانقسام في الصف الوطني، وتسعى لاستخدام الطائفة الدرزية كخط دفاعي لتحقيق مصالحها التوسعية في الجنوب السوري».
وأضافوا أنهم لم ولن ينسوا الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق أهلنا في الجولان والضفة الغربية وقطاع غزة، مشدّدين على أنّ هؤلاء «المشايخ لا يمثّلون إلا أنفسهم»، وأن «انتماء أهالي وعائلات قرية حضر الوحيد هو إلى طائفة الشعب السوري».
ويأتي دخول الوفد الدرزي إلى الأراضي المحتلة، بعد تصريحات غير مسبوقة لشيخ عقل الطائفة في سوريا، حكمت الهجري، الذي وصف الحكومة في دمشق بأنها «متطرفة ومطلوبة للعدالة الدولية»، مؤكداً أنه «لا وفاق ولا توافق مع السلطات في دمشق»، ومتعهّداً بـ«العمل بما هو مناسب للطائفة الدرزية». وبالتزامن مع تصريحات الهجري، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إرسال آلاف الطرود من المساعدات الإنسانية إلى أبناء الطائفة الدرزية في سوريا، فيما كان المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، ديفيد مينسر، قد أكّد، في تصريحات سابقة، أن عشرة آلاف طرد من المساعدات الإنسانية أُرسلت إلى «الدروز في مناطق تشهد معارك في سوريا» خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وإزاء ذلك، قال أحد المحامين السوريين، في حديث إلى «الأخبار»، إن القانون السوري «يمنع أي جهة سورية من التعامل مع أي دولة أو كيان سياسي خارج البلاد»، لافتاً إلى أن «الحالة القانونية في مثل هذه الحالة، لا تتأثّر بسقوط النظام، إذ تندرج مسألة التعامل مع العدو تحت «جريمة الخيانة العظمى»، والتي تصل عقوبتها إلى حد الإعدام، كما تجرّم عقوبة التعامل مع العدو بالحبس مع الأشغال الشاقة لمدة تراوِح بين 3 و15 عاماً». ويضيف أن «زيارة الوفد الدرزي من دون موافقة رسمية من السلطات المركزية توضع في هذه الخانة»، مستدركاً بأن «هناك خللاً في المفاهيم القانونية حالياً نتيجة لاعتبار بعض الأطراف، الحكومة الانتقالية، سلطة أمر واقع، ولا تمثّلها».
أما ميدانياً، فقد جدّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، تفتيش منازل في بلدة جباتا الخشب في ريف القنيطرة، فيما دخلت مجموعة من «قوات حفظ السلام» (يوندوف) إلى مواقع داخل مقر «اللواء 90» للاطّلاع على الأضرار التي خلّفها جنود العدو هناك. وبعد مغادرة القوة الأممية، عادت مجموعة مؤلّفة من ثلاث مصفّحات ودبابة تابعة للاحتلال، لتدخل الموقع نفسه، من دون اتضاح السبب. كما سُجّل دخول قوة إسرائيلية ثانية إلى قمة تل المال، الواقعة في ريف درعا الشمالي، والتي تبعد 14 كم عن «شريط فضّ الاشتباك»، حيث أقامت هناك حاجزاً مؤقتاً لمدة أربع ساعات، بالتزامن مع أعمال تخريب لنقاط عسكرية في التل الذي كانت قد دخلته قبل أسبوع للغاية نفسها.