كل ما يجري من حولك

جنين مدينةً منكوبة: العدوان لا يأخذ استراحة

23

متابعات..| تقرير*

لم تتوقّف مجازر الاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين، منذ بدء العدوان عليها قبل 50 يوماً، تحولت خلالها المدينة إلى منطقة منكوبة بفعل تدمير أحيائها واحتلالها، فضلاً عن ارتكاب عمليات قتل وتنكيل واعتقالات ومداهمات فيها على مدار الساعة. ويبدو أن إسرائيل تواصل نقل عملياتها من حيّ إلى آخر، حيث أجبرت الأهالي على إخلاء منازلهم في حيّ الجابريات الملاصق لمخيّم جنين، بعد ساعات من شنّها عملية عسكرية واسعة في الحيّ الشرقي.

ومنذ فجر أمس، استشهد، وفق المصادر الفلسطينية الرسمية، أربعة فلسطينيين، بينهم امرأة تبلغ من العمر 58 عاماً، وثلاثة شبان لم تُحدَّد هوياتهم، بسبب احتجاز قوات الاحتلال جثامينهم في الحيّ الشرقي. كما استشهد شاب في قرية كفر دان (إحدى قرى جنين) جرّاء دهسه بمركبة عسكرية. وبذلك، يرتفع عدد الشهداء في المدينة، منذ بدء العدوان، إلى 35، إلى جانب أكثر من 200 أسير، فيما تزداد الأوضاع الإنسانية تدهوراً وصعوبة، في ظل نزوح أكثر من 20 ألف فلسطيني من المخيّم.

وأظهرت مقاطع مصوّرة التقطها مواطنون أمس، قيام جيش الاحتلال بعمليات تنكيل وتمثيل بجثتَي شهيدَين في الحيّ الشرقي، حيث قامت جرافاته بجرفهما وحملهما، وذلك بعدما فرض جنوده طوقاً مشدّداً على الحي، مانعين طواقم الإسعاف من الوصول إلى المصابين فيه. وكانت قوّة خاصة إسرائيلية اقتحمت الحيّ الشرقي، فجر أمس، وحاصرت منزلاً فيه، مطلقةً في اتجاهه الصواريخ المحمولة كتفاً أو “الأنيرغا”. كما حاصر الجنود موقعاً في شارع حيفا غرب مدينة جنين، وأخلوا مبنى “الأديب” السكني في حي خلة الصوحة، بعد إجبار سكانه على الخروج وإظهار هوياتهم، واحتجازهم للتحقيق معهم ميدانياً. وطاول العدوان، أيضاً، العديد من القرى والبلدات المحيطة بجنين، ولا سيما بلدة قباطية التي داهمتها قوّة كبيرة، قامت بإطلاق قنابل الصوت والرصاص، إثر محاصرتها منزلاً طالبت سكانه بالخروج منه رافعين أيديهم.

وعلى رغم العدوان المتواصل على جنين، لا تزال أجهزة السلطة الفلسطينية تلاحق المقاومين والمطلوبين في المدينة، حيث استشهد، مساء الإثنين، المقاوم عبد الرحمن أبو المنى برصاص عناصر الأجهزة الأمنية. وبحسب إفادات شهود عيان، فإن قوة من أجهزة أمن السلطة بمركبات مدنية، قطعت طريق المطارَد أبو المنى، وحاصرته عند دوار النسيم، وأطلقت عليه الرصاص بشكل مباشر، ثم حملته إلى المستشفى حيث تمّ الإعلان عن استشهاده. وقبلها بوقت قصير، اعتقلت أجهزة السلطة الشاب عقاب نضال بني عودة، للمرة الثالثة من داخل المقهى الخاص به في بلدة طمون جنوب طوباس، بينما حاصرت منزلاً في وادي الفارعة جنوب طوباس.

أظهرت مقاطع مصوّرة التقطها مواطنون، قيام قوات الاحتلال بعمليات تنكيل وتمثيل بجثتَي شهيدَين في الحيّ الشرقي

ودانت الفصائل الفلسطينية استمرار الأجهزة الأمنية في ملاحقة المقاومين؛ إذ استنكرت حركة “الجهاد الإسلامي” جريمة اغتيال المطارد أبو المنى، والتي “تمثّل تصعيداً خطيراً في سياسة سفك الدم الفلسطيني لصالح العدو”. ورأت أن استمرار الأجهزة الأمنية في ممارسة القمع والاغتيالات بحقّ المقاومين، وتنسيقها الوثيق مع الاحتلال، “يجعل من عناصرها وضباطها أداة طيّعة في يد العدو لملاحقة الشرفاء والنيل من المجاهدين والمقاومين”، محذّرةً إيّاها من التمادي في جرائمها ضدّ المقاومة.

واعتبرت حركة “حماس”، بدورها، ما جرى “تصعيداً خطيراً وإمعاناً في سفك الدم الفلسطيني”، منبهة إلى “العواقب الوخيمة لاستمرار جرائم السلطة وانعكاساتها الخطيرة على المشهد الوطني والمجتمعي الفلسطيني، في ظل تجاهلها التام لكل النداءات الوطنية والشعبية والمطالبات الحقوقية بوقف استهداف أبناء شعبنا، والتوقف عن ملاحقة المقاومين، والتساوق مع حملة الاحتلال الأمنية على جنين، التي دخلت يومها 51 على التوالي”.

وفي طولكرم، واصلت قوات الاحتلال عدوانها على مخيم طولكرم لليوم الـ44، وعلى مخيم نور شمس لليوم الـ31، وسط تصعيد عسكري يشمل تعزيزات مكثّفة وحصاراً مشدداً ومداهمات واسعة للمنازل. كما عزّزت وجودها العسكري أمام المنازل التي تستولي عليها في شارع نابلس الذي يربط بين مخيمَي طولكرم ونور شمس، وحوّلتها إلى ثكنات عسكرية، وأقامت حواجز متنقّلة لتقييد حركة المواطنين.

على أن ما تعيشه جنين وطولكرم من عدوان مستمرّ لا تلوح في الأفق أي نهاية له، لا تبدو بقية مدن وبلدات الضفة الغربية بعيدة عنه؛ إذ تشهد جُلُّها يومياً اقتحامات وعمليات عسكرية، تتخلّلها مداهمة المنازل والسيطرة عليها وتنفيذ اعتقالات واعتداءات، باتت تجري بالتزامن مع هجمات أكثر ضراوة تشنّها عصابات المستوطنين، والتي هاجمت إحداها، فجر أمس، قرية أم صفا قرب رام الله، وأضرمت النار في “كراج” للسيارات.

أيضاً، هاجم مستوطنون، خربة “هريبة النبي” في مسافر يطا جنوب الخليل، واعتدوا على المواطنين وممتلكاتهم بالضرب والحجارة، وكسّروا محتويات المساكن، ما أدّى إلى وقوع إصابات. يُذكر أن المستوطنين نفذوا، الشهر الماضي، 230 اعتداءً تركّزت في محافظتَي نابلس والخليل بواقع 43 اعتداءً لكلّ منهما، و38 في رام الله، و25 في القدس؛ كما نفّذوا 68 عملية تخريب وسرقة لممتلكات فلسطينيين.

* الأخبار

You might also like