كل ما يجري من حولك

واشنطن – كييف: بداية حلحلة: مقترح فرنسي بوقف جزئي للحرب

27

متابعات..| تقرير*

بحسب الأنباء الواردة من العاصمة السعودية، الرياض، سيقدّم نظام كييف للأميركيين، اليوم، «مقترحاً فرنسياً» لوقف جزئي لإطلاق النار (بحري وجوّي) في المواجهة المستمرّة مع روسيا، منذ ثلاث سنوات. والتقى في جدة، أمس، عدد من أركان النظام الأوكراني بمسؤولين أميركيين يديرون المفاوضات الثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا، وذلك في محاولة لرأب الصدع في العلاقات الأوكرانية – الأميركية، بعد الاجتماع الكارثي الذي جمع الرئيس فولوديمير زيلينسكي إلى نظيره دونالد ترامب، في البيت الأبيض يوم الـ28 من الشهر الماضي، والذي قرّرت واشنطن بعده، وقْف دعمها العسكري والاستخباري للجيش الأوكراني.

واعتبر مسؤولون أوكرانيون، تحدّثوا إلى الصحافة، أن البدء بوقف نار جزئي يسهل تنفيذه ومراقبته، قد يتوافق مع سعي إدارة ترامب إلى تحقيق وقف عاجل للحرب، ويُظهر حرص نظام كييف على التعاون مع الجهود الأميركية في هذا الخصوص. على أن لذلك التحوّل أسبابه العمليّة أيضاً، إذ يأمل الأوكرانيون في أن يؤدّي تقدُّم المحادثات، إلى تراجع واشنطن عن قرارها تجميد تبادل المعلومات الاستخبارية وإمدادات السلاح، والذي تسبّب، خلال أيام قليلة فقط، بخسارة منطقة داخل الأراضي الروسية كانت استولت عليها القوات الأوكرانية العام الماضي (كورسك).

وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اقترح مبادرة وقف جزئي لإطلاق النار كمدخل لبناء الثقة في المحادثات، بغرض التوصّل إلى تسوية للصراع، وذلك بعد قمّة في شأن أوكرانيا عقدها عدد من الزعماء الغربيين، الأسبوع الماضي، بضيافة رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر. ويشمل الاقتراح الفرنسي وقف الضربات الصاروخية البعيدة المدى، وهجمات الطائرات من دون طيار، والعمليات القتالية في البحر الأسود.

وفي إطار المساعي الدبلوماسية الجارية، التقى زيلينسكي في الرياض، أمس، ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، فيما يقود المحادثات مع الأميركيين في جدة، رئيس مكتب زيلينسكي، أندريه يرماك، بمشاركة وزير الخارجية أندريه سيبيها، ووزير الدفاع رستم عمروف، ونائب رئيس مكتب الرئيس بافلو باليسا. وعن الجانب الأميركي، يرأس وزير الخارجية، ماركو روبيو، الفريق الذي شكّله ترامب لإدارة المفاوضات مع روسيا. وعلم من ناطق باسمه أنه سيبقى وفريقه في جدة لغاية الأربعاء، سعياً لتعزيز هدف الرئيس الأميركي والمتمثّل بإنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية ووقف نزيف الأرواح المستمرّ هناك، فيما أكّدت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أنه «لا مفاوضات ستُعقد بين الروس والأميركيين في السعودية هذا الأسبوع».

شدّد روبيو على ضرورة «أن تحدّد كييف نواياها في شأن السلام بوضوح»

وأعرب روبيو، لدى وصوله إلى جدة، عن أمله في أن يكون الاجتماع مع الأوكرانيين مثمراً، مشدداً على ضرورة «أن تحدّد كييف نواياها في شأن السلام بوضوح»، وأن «تستعدّ لتقديم تنازلات صعبة، كما يفعل الروس». وفي تصريحات له عبر قناة «فوكس نيوز» الأميركية، أمس، لم يأتِ ترامب على ذكر المحادثات الثنائية مع الأوكرانيين بشكل مباشر، لكنه قال إنه «واثق من توقيع صفقة معادن قيّمة» مع نظام كييف قريباً. وفي وقت لاحق، أشار إلى أن التوقف المؤقّت لتبادل المعلومات الاستخبارية مع الجانب الأوكراني قد تمّ رفعه تقريباً، ما اعتبره مراقبون علامة على تحقُّق اختراق دبلوماسي ما.

وكان زيلينسكي قال لقمّة جمعت قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، الخميس الماضي، إنه يريد إبرام اتفاق إطار مع الولايات المتحدة من شأنه أن يمهّد الطريق أمام صفقات أكثر تفصيلاً في شأن موضوع تقاسم المعادن الثمينة والضمانات الأمنية. لكنّ الرئيس الأميركي لا يزال مصرّاً على عدم منح هكذا ضمانات لكييف، مؤكداً أن انخراط الولايات المتحدة في تنفيذ صفقة المعادن سيوفّر ردعاً كافياً لموسكو يمنعها من مهاجمة أوكرانيا مجدداً.

كذلك، رفض ترامب مبدأ توفير حماية عسكرية ودعم لوجستي لقوّة عسكرية تريد لندن وباريس نشرها خلف خطوط التماس، بغرض حماية النظام الأوكراني من محاولات لاحقة لإسقاطه. وعُلم في العاصمة البريطانية، أن اجتماع متابعة افتراضياً في شأن أوكرانيا سيستضيفه ستارمر، السبت المقبل، وسيُدعى إليه نحو 20 من قادة دول ربما تكون راغبة في إرسال قوات للمشاركة في توفير ضمانات أمنية للنظام الأوكراني في حال التوصّل إلى تسوية، وهو ما أطلقت عليه لندن «تحالف الراغبين». ويبدو أن هذا التحالف العتيد جاء كمحاولة من لندن وباريس لتجنّب المرور بقناة الاتحاد الأوروبي، حيث يستحيل التوصّل إلى توافق حول مقاربة موحّدة للمسألة الأوكرانية، نظراً إلى الحاجة إلى إجماع الدول الأعضاء الـ27.

من جهة أخرى، دعا رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، من سمّاهم «الأصدقاء الأعزاء» (في إشارة إلى الأميركيين) إلى احترام حلفائهم وعدم التغطرس، وذلك بعد يوم من خلاف غير عادي على وسائل التواصل الاجتماعي بين كبار المسؤولين في الولايات المتحدة وبولندا حول أقمار «ستارلينك» لخدمة الإنترنت. واتهم روبيو، نظيره البولندي، رادوسلاف سيكورسكي، بـ»اختلاق الأمور»، ووصفه بـ»ناكر الجميل»، في توبيخ علنيّ حادّ، بعدما قال سيكورسكي إن أوكرانيا قد تكون بحاجة إلى بديل لخدمة «ستارلينك» عبر الأقمار الاصطناعية، إذا أصبحت تلك الخدمة غير موثوقة.

وأكّد روبيو أن «لا أحد وجّه تهديدات بقطع خدمة ستارلينك عن أوكرانيا»، وأن على البولنديين أن يقولوا شكراً لأنه «من دون ستارلينك، كانت أوكرانيا لتخسر هذه الحرب منذ فترة طويلة، وسيكون الروس على الحدود مع بولندا الآن»؛ علماً أن وارسو تدفع 50 مليون دولار، سنوياً، مقابل توفير «ستارلينك» لنظام كييف.

* الأخبار

You might also like