لا دخانَ أبيضَ من محادثات الدوحة: العدو «يستعدّ» لاستئناف القتال
متابعات..| تقرير*
تكثّفت التصريحات والرسائل المصوّرة التي بثّتها المقاومة في قطاع غزة، خلال الـ48 ساعة الماضية، في مؤشر إلى مدى التأزّم الذي بلغته المفاوضات. ومساء أمس، نشر الإعلام العسكري التابع لـ«كتائب القسام» مقطعاً مصوّراً للجندي الإسرائيلي الأسير متان أنجريست، ظهر فيه مطالباً حكومة الاحتلال بالانتقال إلى المرحلة الثانية من الصفقة، محذّراً من أن استمرار الضغط العسكري «سيُفضي إلى مقتله ورفاقه». وجاءت هذه الرسالة بعد يوم واحد من كلمة الناطق العسكري باسم الكتائب، أبو عبيدة، الذي أكّد «الالتزام بمسار الانتقال إلى المرحلة الثانية من الصفقة، ورفض كل العروض التي قُدّمت أخيراً». وفي الوقت ذاته، توجّه وفد من قيادة «حماس» إلى القاهرة، ليؤكد أمام الوسطاء المصريين الموقف المعلن نفسه، بحسب مصادر مطّلعة.
في المقابل، ذكرت «هيئة البث الإسرائيلية» أن «حماس رفضت العروض التي قُدّمت إليها»، وأن «المستوى السياسي وجّه الجيش بالاستعداد للانتقال إلى القتال في غضون أيام أو أسابيع، مع التخطيط لإطلاق اسم جديد على العمليات العسكرية». إلا أن هذا التوجّه العسكري يواجه عقبات، إذ نقل ألون بن دافيد، المحلل العسكري الإسرائيلي، أن «الجيش الإسرائيلي غير قادر حالياً على تجنيد أربع فرق لمهاجمة قطاع غزة بالزخم السابق، نظراً إلى توزيع قواته في سوريا ولبنان والضفة الغربية، واحتياجه إلى عشرة آلاف مقاتل على الأقل»، فيما أفادت صحيفة «هآرتس» بأن «نسبة التجاوب مع الاستدعاء للخدمة في قوات الاحتياط انخفضت إلى 50%، إذ يرى العديد من الجنود أن دوافع استئناف الحرب سياسية أكثر منها عسكرية».
تواصل سلطات الاحتلال إغلاق معبر كرم أبو سالم أمام البضائع التجارية والمساعدات الإنسانية بشكل كامل
وفي سياق متصل، نشر عدد من الأسرى الإسرائيليين المُفرج عنهم رسالة طالبوا فيها حكومة الاحتلال بـ«تنفيذ بنود الاتفاق كاملاً، والإفراج الفوري عن جميع رفاقهم»، مؤكدين أن «كل دقيقة في غزة تعني الجحيم». ويأتي ذلك في وقت تزايدت فيه المؤشرات إلى تصعيد قادم محتمل، حيث أعلن جيش الاحتلال «سقوط صاروخ أُطلق من شرق غزة داخل حدود القطاع»؛ كما نفّذ العدو غارة استهدفت مجموعة من المواطنين في شمال غزة، بزعم «محاولتهم زرع عبوة ناسفة».
وعلى المستوى السياسي، لا تزال تثير المفاوضات المباشرة بين واشنطن وحركة «حماس» عاصفة داخل الأوساط الإسرائيلية؛ إذ أفادت قناة «i24 NEWS» بأن «المفاوضات متواصلة، وتصرّ حماس خلالها على إنهاء الحرب وضمان انسحاب إسرائيلي كامل من غزة». ووفقاً للقناة، فإن «المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وآدم بولر يجريان محادثات ثنائية مع الحركة من دون تنسيق مع إسرائيل، ما يثير مخاوف تل أبيب من احتمال اتخاذ قرارات من دون التشاور معها».
وأشارت إلى أن «الإدارة الأميركية تسعى لإطلاق سراح الأسرى الأميركيين، حتى لو كان ذلك على حساب اتفاق لا يتماشى مع الرؤية الإسرائيلية»، مضيفةً أن «إسرائيل تهدّد بالعودة إلى القتال، لكنّ مصادر رفيعة المستوى أكّدت أن أي استئناف للعمليات العسكرية لن يحدث من دون موافقة أميركية، وبعد أن تستنفد واشنطن كل جهودها الدبلوماسية».
وفي السياق نفسه، كشف موقع «واللا» العبري، عن مكالمة «متوترة» جرت بين وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، ومبعوث ترامب، آدم بولِر، اعترض فيها الأول على المحادثات السرية بين واشنطن و«حماس». وبحسب الموقع، فإن «المكالمة المتوتّرة بين الرجلين أجريت الثلاثاء بعد لقاء الأخير بخليل الحية، رئيس طاقم حماس للمفاوضات»؛ وأكّد ديرمر خلالها أنه يعترض على المفاوضات المباشرة مع «حماس» من دون «موافقة مسبقة من إسرائيل».
وفي ظلّ هذا التوتر، تواصل سلطات الاحتلال إغلاق معبر كرم أبو سالم أمام البضائع التجارية والمساعدات الإنسانية بشكل كامل، فيما جدّد قائد حركة «أنصار الله» اليمنية، السيد عبد الملك الحوثي، تهديده بـ«استهداف السفن الإسرائيلية بعد أربعة أيام إذا لم يُرفع الحصار عن غزة». ومع استمرار هذه التطورات، يبقى القرار بشأن العودة إلى الحرب، سواء بالشكل السابق أو بأساليب جديدة، معلقاً حتى تتضح نتائج التفاهمات الأميركية مع «حماس».
* الأخبار