البحرية الأمريكية تستنزف صواريخَ اعتراضية أكثر مما استخدمته خلال 30 عاماً مضت في 15 شهرًا من القتال بالبحر الأحمر
متابعات..|
كشفت تقارير عسكرية أمريكية حديثة أن البحرية الأمريكية استخدمت خلال عملياتها القتالية في البحر الأحمر مع اليمن منذ أكتوبر 2023 أكثر من 400 ذخيرة دفاع جوي، أي أكثر مما استخدمته خلال الـ30 عاماً الماضية، ما أدى إلى استنزاف مخزونها من الصواريخ الاعتراضية، وفقًا لما صرح به القائد البحري المتقاعد برايان كلارك من معهد هدسون، حسب تقرير نشره موقع “Task & Purpose” الأمريكي المتخصص بشؤون القوات المسلحة الأمريكية وصناعات الدفاع، ورصده وترجمه “المساء برس”.
استنزاف غير مسبوق للذخائر
وأطلقت البحرية الأمريكية خلال المواجهات مع القوات اليمنية 120 صاروخًا من طراز SM-2، و80 صاروخًا من طراز SM-6، و20 صاروخًا من طراز Evolved Sea Sparrow، بالإضافة إلى صواريخ SM-3، ما تسبب في إنفاق أكثر من مليار دولار على الصواريخ الاعتراضية وحدها، وفقًا لتقديرات الخبراء العسكريين.
ومع نفاد المخزون، اضطرت البحرية الأمريكية إلى اللجوء إلى استخدام طلقات المدافع مقاس 5 بوصات لإسقاط الطائرات المسيرة اليمنية، حيث تم إطلاق 160 طلقة مدفعية خلال الأشهر الأخيرة من المواجهات، وذلك بسبب ارتفاع تكلفة الصواريخ الاعتراضية وصعوبة تصنيعها بسرعة كافية لتعويض النقص.
ضربة استراتيجية للقدرة العسكرية الأمريكية
ووفقًا لكلارك، فإن البحرية الأمريكية ستحتاج إلى سنوات لتجديد مخزونها من الصواريخ، مما يضعها في وضع دفاعي ضعيف أمام أي مواجهة مستقبلية محتملة مع الصين أو أي تهديد آخر. وأضاف: “إذا حدث غزو لتايوان اليوم، فإن البحرية الأمريكية ستنفد أسلحتها خلال أيام قليلة من القتال، لأن الصواريخ المصممة لهذا النوع من الحروب تُصنع يدويًا وبإنتاج محدود، مما يجعل تعويضها سريعًا أمرًا مستحيلًا.”
معركة غير متكافئة..
وصواريخ بملايين الدولارات ضد طائرات بمئات الدولارات
بدأت المواجهات في البحر الأحمر بعد شن حركة المقاومة الفلسطينية حماس عمليتها ضد الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023، حيث أعلنت القوات اليمنية في صنعاء دعمها لغزة عبر استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل وحين حاولت الولايات المتحدة التصدي للهجمات اليمنية وتحرير الملاحة الإسرائيلية وسعت صنعاء قائمة أهدافها لتشمل السفن المملوكة لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا اللتان أعلنتا الحرب على اليمن لمنعه من مواصلة إسناد غزة عسكرياً وانتهت المعركة بعد 15 شهراً بفشل أمريكي بريطاني ذريع.
وفي 19 أكتوبر 2023، كانت المدمرة الأمريكية USS Carney أول سفينة أمريكية تخوض اشتباكًا مباشرًا، حيث أسقطت خلال 10 ساعات فقط 15 طائرة مسيرة يمنية و4 صواريخ كروز، في ما وصفته البحرية بأنه “أشد معركة بحرية خاضتها سفينة أمريكية منذ الحرب العالمية الثانية”.
ومنذ ذلك الحين، واجهت البحرية الأمريكية هجمات غير مسبوقة من الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية اليمنية، حيث استخدمت واشنطن صواريخ بقيمة ملايين الدولارات لإسقاط طائرات تُصنع محليًا في اليمن بتكلفة لا تتجاوز بضعة آلاف من الدولارات، ما جعل المعركة غير متكافئة اقتصاديًا.
إيقاف الهجمات اليمنية يكشف زيف الادعاءات الغربية
وفي أواخر يناير 2025، أعلنت القوات اليمنية وقف الهجمات في البحر الأحمر جزئيًا بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية حيز التنفيذ، وهو ما يثير تساؤلات حول السبب الحقيقي وراء بقاء القوات الأمريكية في المنطقة، خاصة بعد انسحاب بعض الدول الأوروبية من عملية “حارس الرخاء” التي قادتها واشنطن.
إذا كانت البحرية الأمريكية قد استنزفت صواريخها في التصدي للهجمات اليمنية، فكيف يمكنها الادعاء بأنها كانت تحمي حركة الملاحة الدولية بينما السفن الإسرائيلية والغربية بقيت محظورة بقرار يمني؟ ولماذا لم تتعرض السفن غير المحظورة لأي هجمات؟
واشنطن في مأزق استراتيجي.. ما التالي؟
الآن، مع التوقف المؤقت للهجمات اليمنية بعد أن تحققت شروطها، تجد واشنطن نفسها أمام 3 حقائق مرة:
أولاً: مخزونها من الصواريخ في وضع حرج، ولا يمكن تعويضه سريعًا.
ثانياً: البحرية الأمريكية تعرضت لاستنزاف تاريخي في مواجهة غير متكافئة.
ثالثاً: لم تستطع واشنطن كسر الحظر البحري اليمني، الذي استمر حتى قررت صنعاء رفعه بقرارها السيادي.
من المنتصر الحقيقي؟
وفي الوقت الذي تروج فيه واشنطن لانتصاراتها البحرية، تكشف الأرقام والحقائق الصادرة من الأمريكيين العسكريين المتخصصين أنفسهم، أنها خرجت من البحر الأحمر بقدرات عسكرية مستنزفة، وصورة استراتيجية ضعيفة، دون تحقيق أي من أهدافها المعلنة.
ويبقى السؤال الأهم: هل كانت أمريكا تقاتل لحماية الملاحة، أم أنها خاضت معركة خاسرة ضد قوة يمنية أثبتت قدرتها على فرض إرادتها رغم الفارق الهائل في الإمكانيات العسكرية؟
المساء برس