كل ما يجري من حولك

بغداد تستثمرُ «نداء أوجالان»: نحو مطالبة أنقرة بسحب قواتها

28

متابعات..| تقرير*

بعد دعوة زعيم حزب «العمال الكردستاني»، عبدالله أوجالان، من سجنه، أنصاره إلى إلقاء السلاح وحلّ الحزب، تتّجه الأنظار إلى انعكاسات هذه الخطوة على المشهد الأمني في العراق، فيما تفتح تلك الانعطافة الباب أمام حكومة بغداد للمطالبة بسحب القوات التركية المتواجدة في شمال العراق. وتحتفظ تركيا بوجود عسكري هناك منذ التسعينيات، بحجة ملاحقة مقاتلي «العمال الكردستاني»، والذين يتخذون من جبال قنديل معقلاً لهم. وأدّى ذلك إلى توترات دبلوماسية متكرّرة بين بغداد وأنقرة، خاصة مع تنفيذ تركيا عمليات عسكرية داخل الأراضي العراقية، من مثل «مخلب النمر» و»مخلب الصاعقة»، استهدفت مواقع الحزب.

وفي هذا الإطار، يعتبر مسؤول في وزارة الخارجية العراقية أن هذه المستجدات مهمة جداً. ويقول لـ»الأخبار»، إن «الموقف التركي من مسألة الانسحاب لا يزال غير واضح. فمن الممكن أن ترى أنقرة أن وجودها في شمال العراق لا يرتبط فقط بمحاربة حزب العمال الكردستاني، بل أيضاً بضمان نفوذها الاستراتيجي في المنطقة، خاصة في ظل المنافسة الإقليمية مع إيران».

ويضيف المسؤول أن «حكومة بغداد وأيضاً إقليم كردستان أمام فرصة استثنائية في التفاوض مع أنقرة لإجلاء قواعدها العسكرية وقواتها، نتيجة سقوط حجتها في ملاحقة العماليين وتأمين حدودها المشتركة مع العراق وسوريا».

ويتوقّع المسؤول أن يشكّل رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، وفداً تفاوضياً، لمناقشة الملف الأمني مع تركيا، محتملاً أيضاً توقيع اتفاقية ثلاثية تشمل كلاً من بغداد ودمشق وأنقرة، ولا سيما أن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، عندما زار العراق العام الماضي، شدّد على ضرورة تجريم بغداد «العمال الكردستاني» من أجل سحب قوات بلاده من العراق. ويلفت المسؤول إلى أن «نفوذ تركيا أصبح أقوى مع تشكيل إدارة سوريا الجديدة. ولذا قد يكون التفاوض بشروط عسيرة، منها تحقيق خطة تركيا أو ما يُعرف بحلم إردوغان في الوصول إلى نينوى».

أنقرة قد تماطل في الانسحاب طلباً لضمانات أمنية

ومع تراجع مبرّرات التدخل التركي، وإتاحة الفرصة أمام بغداد لإعادة التفاوض مع أنقرة حول مستقبل هذه القوات، خاصة في ظل تصاعد الضغوط الداخلية والدولية لإنهاء التدخلات العسكرية الأجنبية في البلاد، يؤكد النائب في البرلمان العراقي، أحمد الموسوي، أن «العراق ماض في اتجاه إنهاء وجود جميع القوات الأجنبية». ويرى، في حديث إلى «الأخبار»، أن «العراق في الوقت الحالي قوي ولا يحتاج إلى قوات، ولديه القدرة على إنهاء وجود القوات التركية في البلاد بعد انتهاء ذريعتها بالدفاع عن أمن تركيا»، لافتاً إلى أن «البرلمان سيفاتح الحكومة بضرورة الضغط على أنقرة لسحب قواتها».

ويعتقد بأن «التحوّلات في المنطقة ستحتّم على العراق أن يواكبها وأن يبرز كل أوراقه الدبلوماسية والسياسية، ما يعني أنه في حال امتنعت تركيا عن الانسحاب، فمن الممكن اللجوء إلى المجتمع الدولي بشكل قانوني لتقديم مذكّرة تطالب بالانسحاب»، فيما يمكن أن يؤدي إنهاء النزاع بين تركيا و»العمال الكردستاني» إلى تعزيز الاستقرار في إقليم كردستان، الذي كان ساحة للاشتباكات بين الجيش التركي والمقاتلين الأكراد، ما أثّر على الأوضاع الأمنية والاقتصادية فيه.

من جهته، يرى المحلل السياسي الكردي، هيوا علي، أن «قرار إلقاء السلاح جاء نتيجة مبادرة قادها زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، بهدف تحقيق الاستقرار. ويشير، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «إقليم كردستان لا يتحمّل أي نزاع مسلح أو قصف تركي يودي بحياة المئات من المدنيين. وعليه سيشهد الشعب الكردي استقراراً كبيراً»، مرجّحاً أن «تجتمع إدارتا بغداد وأربيل من أجل إنهاء مشكلة بقاء قوات تركية في البلاد». ويعتبر علي أن «تركيا قد تكون متردّدة في الانسحاب من دون وجود ضمانات واضحة بعدم عودة المقاتلين الأكراد إلى النشاط المسلح، خاصة أن زعيم الحزب لا يزال مسجوناً»، مستدركاً بأن «بإمكان حكومة الإقليم أن تلعب دوراً وسيطاً في إقناع تركيا بإنهاء وجودها العسكري، مقابل ترتيبات أمنية جديدة».

* الأخبار
You might also like