كل ما يجري من حولك

دورةٌ جديدة من «الابتزاز باللقمة»: حجبُ المساعدات يعصفُ بالغزيين

27

:

أطفال فلسطينيون ينتظرون وجبات من مطبخ خيري في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ ف ب)
أطفال فلسطينيون ينتظرون وجبات من مطبخ خيري في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ ف ب)

غزة | انعكس التنفيذ الفعلي لقرار منع دخول المساعدات والبضائع إلى قطاع غزة، بشكل حادّ على الوضع المعيشي الهشّ في القطاع، حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية من مثل الطحين واللحوم والوقود، وسط عجز حكومي عن ضبط الأسواق التي يتلاعب فيها كبار التجّار والمحتكرين. ويشكّل هذا التلاعب سِمة اقتصاد الحرب واقتصاد ما بعد وقف إطلاق النار، وهو ما يفسّر حقيقة أن أقل الخطوات الإسرائيلية من قبيل التهديدات والتصريحات العالية النبرة بالعودة إلى القتال، تتحكّم بمستوى العرض والطلب. هكذا، لا يزال الواقع الاقتصادي في غزة تحت تهديد المجاعة وإن توافرت السلع الأساسية، فيما الأهالي الذين جرّبوا الجوع والحرمان طويلاً، أضحوا أكثر حساسية وتوجّساً من العودة إلى الأيام السود.

ويقول المواطن حمزة عساف، لـ»الأخبار»، إنه «منذ لحظة إغلاق المعابر، انقلبت أوضاع السوق، وأقبل الناس على تخزين المنتجات الرئيسية مثل السكر والطحين، واستغلّ التجار حالة الإقبال الكبيرة لرفع أسعار كل السلع الأساسية»، مضيفاً أن «كميات اللحوم المتوفّرة في الأسواق محدودة، ولذلك زادوا على الكيلوغرام نصف ثمنه، وتضاعف سعر الوقود، ولم تنجح محاولات ضبط السوق. فنحن في سوق سوداء كبيرة بلا وزارة اقتصاد ولا شرطة تلاحق المحتكرين ولا حكومة فاعلة».

«حماس» لا تزال ترى أن ثمة مساحة ممكنة لإلزام حكومة الاحتلال بالاتفاق

وتجاوزت الخطوة الإسرائيلية التي تمثّلت بإغلاق المعابر بشكل كلي أمام المساعدات لليوم الثاني على التوالي، وترافقت مع المزاعم الإسرائيلية عن أن البضائع المتوفّرة في القطاع تكفي السكان لـ6 أشهر، في سطوتها ما فعله جيش الاحتلال خلال الحرب، فيما أكّد مسؤولون إسرائيليون أن الأيام المقبلة ستتضمّن المزيد من الضغوط من مثل قطع الكهرباء عن محطتي التحلية المركزيتين في مدينة دير البلح، وقطع مياه خط مكروت، والمنع التام لدخول الوقود وكل المستلزمات الحياتية، توازياً مع التهديد الواضح بالعودة إلى القتال بعد عشرة أيام، في حال لم تقبل حركة «حماس» بما هو مطروح على الطاولة، أي الهدوء 50 يوماً مقابل تسليم نصف الأسرى الأحياء والقتلى.

ويصنع هذا المستوى من التهديد، حالة من التوتر تضع اقتصاد القطاع وحالة السوق في وسط رمال متحرّكة، خصوصاً أن الـ42 يوماً الأولى من وقف إطلاق النار دخلت فيها كميات من البضائع المخصّصة للاستهلاك اليومي وليس للتخزين. ويوضح مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سلامة معروف، أن «كل البضائع المتوفرة في الوقت الحالي في الأسواق تكفي القطاع لمدة أسبوعين فقط، لأن الكميات التي سمح الاحتلال بدخولها كانت مخصّصة للاستهلاك في سوق متعطّشة لكل أنواع السلع وليس للتخزين، كما أن الشاحنات التي كانت تدخل بشكل يومي لم تكن تحتوي جمعيها على المواد الغذائية».

وبناءً على ما تقدّم، يدرك الغزيون أنهم مقبلون على مرحلة صعبة من الابتزاز بلقمة العيش، وهي مرحلة أكثر سوءاً من الهواجس الجمعية المتعلّقة بإعادة الإعمار ودخول الخيام والكرفانات والمعدات الثقيلة. أما حركة «حماس»، ومن خلفها فصائل المقاومة، فلا تزال ترى أن ثمة مساحة ممكنة لإلزام حكومة الاحتلال بالاتفاق الذي وقّعته برعاية الوسطاء، مع تفضيلها السير على حافة هاوية العودة إلى القتال، على أن تقبل بتسليم ما تبقّى لديها من أسرى إسرائيليين من دون انتزاع التزام إسرائيلي واضح بإنهاء الحرب وإعادة الإعمار.

* الأخبار
You might also like