بدءُ هَبّة أهلية جنوباً: لا قبولَ بالاحتلال
متابعات..| تقرير*
خرجت في الجنوب السوري أمس، تظاهرات شعبية مندّدة بالتهديدات الإسرائيلية الأخيرة باستدامة الاحتلال للمناطق السورية التي دخلتها قوات العدو في الثامن من تشرين الأول الماضي. وتركّزت التظاهرات في محافظة القنيطرة، في مناطق البعث وخان أرنبة والرفيد، وفي محافظة درعا، في «ساحة 18 آذار» وسط درعا، وفي قرية نافعة في حوض اليرموك، بالإضافة إلى قريتي جلين وتسيل، بالإضافة إلى «ساحة الكرامة» في مدينة السويداء. وتمحورت الشعارات المرفوعة في التظاهرات، التي سجّلت مشاركة العشرات في بعضها، والمئات في أخرى، على رفض التهديدات الإسرائيلية، وتأكيد وحدة الأراضي السورية، والدعوة إلى إجبار الاحتلال على الخروج من المناطق المحتلة، فيما حلّق طيران الاستطلاع الإسرائيلي فوق عدد من مناطق الجنوب خلال التحركات.
ويأتي هذا بعد تهديدات أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بالتدخل لحماية الدروز في الجنوب السوري، وتحذيره السلطات السورية الجديدة من نشر أي قوى عسكرية في الجنوب السوري. وهي مواقف تبعتها تصريحات لوزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، ألقاها في اجتماع مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل في العاصمة البلجيكية بروكسل، ودعا فيها إلى إقامة نظام فيدرالي في سوريا، ووصف الإدارة السورية الجديدة بأنها «جماعة إسلامية جهادية إرهابية استولت على دمشق بالقوة». وتابع أن «الكل يعرف من هو الشرع، إنهم ينتقمون من العلويين، ويؤذون الأكراد، وإننا لن نتنازل عن الأمن على حدودنا»، في ما يبدو محاولة جديدة للدفع نحو تقسيم سوريا الممزّقة.
وفي غضون ذلك، نقلت قوات الاحتلال دبابات إضافية إلى النقاط التي أنشأتها في مناطق محافظة القنيطرة، كما حاولت اقتحام قرية السويسة بقوة ضمّت عدداً من الدبابات، الأمر الذي قابله احتجاج سلمي من قبل سكان القرية الواقعة في ريف القنيطرة. وتأتي هذه التحركات الشعبية لتعاكس كل المحاولات الإسرائيلية لتحقيق «قبول» لدى الأهالي بالاحتلال، فيما تستمر محاولات إغواء سكان الجنوب بالعمل في الأراضي المحتلة، من خلال عروض تشغيلهم بأجر يومي يبلغ 350 شيكلاً (أي ما يعادل 100 دولار أميركي)، مع تأمين نقلهم من الأراضي السورية وإليها يومياً. وفي هذا السياق، أفادت مصادر أهلية من الجنوب، «الأخبار»، بأن «وعود التشغيل وصلت إلى حد السماح بالعمل ضمن المزارع الإسرائيلية مع تأمين الإقامة للراغبين مستقبلاً، على أن تشمل عملية التشغيل كامل مكوّنات الأقليات في سوريا، بما في ذلك العشائر العربية والمتحدرون من الشركس، بشرط توافر الشروط الأمنية اللازمة في المتقدّمين للعمل».
ويبدو أن العدو يحاول استثمار انتشار الفقر في قرى الجنوب، بغية اختراق بنية المجتمع السوري، وإلغاء مفهوم «العداء لإسرائيل» لدى السكان، وهو ما يفسّر عرضه أجراً يومياً للعامل، يساوي ثلاثة أضعاف الأجر الشهري للموظف الحكومي في سوريا. وفي هذا الإطار، قالت مصادر في بلدة حضر، ذات الغالبية الدرزية، إن «أفراداً من الطائفة الدرزية دخلوا إلى الجولان المحتل، حيث التقوا بضباط من جيش الاحتلال، وناقشوا ملف «تشغيل السوريين»، وتسويق المنتجات الزراعية لقرى جبل الشيخ، في أسواق الأراضي المحتلة»، الأمر الذي وصفته المصادر بأنه «حالات فردية مستنكرة بالنسبة إلى أبناء الطائفة»، علماً أن «هيئة البث الأسرائيلية» زعمت أن «قرار جلب عمال سوريين جاء بعد طلب من وجهاء مجالس القرى الدرزية في الجولان مساعدة أقاربهم في الجانب السوري بعد تدهور الأوضاع هناك عقب سقوط نظام بشار الأسد». وأضافت أن خطة التشغيل يشرف عليها منسّق أعمال الحكومة في الأراضي الفلسطينية، غسان عليان، الذي زار بلدة مجدل شمس الأسبوع الماضي، لمتابعة تطورات هذه الخطة تحديداً.