الأممُ المتحدة باقيةٌ في صنعاء: لا التزامَ بـ«تصنيف ترامب»
متابعات..| تقرير*
أعلنت المنظمات الدولية العاملة في اليمن رفضها نقل مقارّها الرئيسية من صنعاء إلى عدن، مؤكّدة تمسّكها بالبقاء في تلك المقارّ في المناطق الخاضعة لسيطرة حركة «أنصار الله»، على رغم قرار واشنطن تصنيف الحركة منظمة إرهابية أجنبية قبل نحو شهر. وجاء قرار البقاء، والذي أكّده منسّق الأمم المتحدة المقيم في اليمن، جوليان هارنيس، في أعقاب تعرّض المنظمات الدولية لضغوط من قبل الحكومة الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي لنقل مقارّها إلى عدن، وهو ما أثار موجة سخط عارمة في أوساط تلك الحكومة، التي راهنت على قرار التصنيف لتحويل جميع المساعدات النقدية والعينية إليها، والتحكّم بعملية التوزيع الجغرافي لها.
واعتبرت حكومة عدن إعلان هارنيس، والذي ترافق مع تحذيره من خطورة الضغوط التي تتعرّض لها المنظمات لنقل أنشطتها، على أرواح الملايين من اليمنيين، مؤشراً إلى عملية تخادم واضح بين الأمم المتحدة و«أنصار الله». ووصفت مصادر مقرّبة منها تحدّثت إلى «الأخبار» ذلك الإعلان بأنه «تمرّد» على قرار التصنيف الصادر عن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. وكانت حكومة عدن اتخذت من احتجاز الأجهزة الأمنية في محافظة صعدة 8 من العاملين في المنظمات الدولية، بينهم ستة من «برنامج الغذاء العالمي»، ذريعة لمطالبة الأمم المتحدة في رسالة رسمية بسرعة نقل مقارّها إلى عدن، مستغلّة عدم وجود استثناءات في قرار ترامب، والذي جاء بطلب إسرائيلي وليس بطلب من حكومة عدن.
وسبق أن أعلنت الأمم المتحدة تعليق جميع أنشطتها في محافظة صعدة في العاشر من شباط الجاري. وأفاد المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية، فرحان حق، بأن الأمين العام، أنطونيو غوتيريش، «أمر وكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها، في غياب الظروف الأمنية والضمانات اللازمة، بتعليق جميع عملياتها وبرامجها في محافظة صعدة»، وذلك إثر احتجاز الجهات الأمنية الموظفين الأمميين المشار إليهم. وفي المقابل، رفضت وزارة الخارجية في صنعاء ما سمّتها سياسة الانتقاء الإنساني للأمم المتحدة، مطالبة في بيان بالعودة إلى العمل الإنساني في صعدة.
«التصنيف» يستهدف مفاقمة الأزمة الإنسانية ولا يحدّ من قدرات صنعاء العسكرية
من جهتهما، كثّف «المجلس الرئاسي» وحكومة عدن تحرّكاتهما مع السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، للضغط على المنظمات الدولية لنقل مقارّها من صنعاء، في حين يتواصل العمل على تهيئة منطقة المعاشيق وأحياء أخرى في عدن كمقارّ بديلة للمنظمات.
وعلى أي حال، تؤكد مصادر حقوقية في العاصمة، لـ«الأخبار»، أن التدخلات الإنسانية للأمم المتحدة تراجعت خلال السنوات الماضية إلى 70% مما كانت عليه قبل عام 2022، على رغم تأكيد المنظمة الدولية تدهور الأوضاع في مناطق سيطرة حكومة صنعاء، والتي تحتضن أكبر كتلة سكانية في اليمن. وجاء هذا التراجع بفعل الضغوط الأميركية وانخفاض تمويل خطة الاستجابة الإنسانية من قبل المانحين. وتوضح المصادر أن الأعمال الأممية اقتصرت على الأنشطة الإنسانية في المجالين الإغاثي والطبي في تلك المناطق.
من جانبه، قلّل موقع «دروب سايت» الأميركي، في تقرير، من أثر قرار التصنيف على قدرات «أنصار الله» العسكرية، موضحاً أن منظمات الإغاثة والخبراء في الشأن اليمني يرون أن هذا التصنيف لن يغيّر استراتيجية الحركة أو يحدّ من عملياتها العسكرية، لكنه سيؤثّر بشكل مباشر في حياة المدنيين؛ إذ سيفرض قيوداً صارمة على شراء الغذاء والوقود، ما سيعطّل سلاسل الإمداد، ويرفع أسعار السلع الأساسية، ويعمّق الأزمة الإنسانية لنحو 17.1 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي. ونقل الموقع عن مدير الأمن والسلام في منظمة «أوكسفام»، سكوت بول، قوله إن «القرار سيؤدي إلى قطع التحويلات المالية المنقذة للحياة، وعرقلة الواردات التجارية من الأدوية والغذاء، وتقليص الاستجابة الإنسانية بشكل كبير».
* الأخبار