كل ما يجري من حولك

خطوات صهيونية متسارعة لهدم المنازل: «عام ضَـــمِّ الضفة»

37

متابعات..| تقرير*

في ظل العدوان المتواصل على مخيم طولكرم، لليوم الـ23 على التوالي، شرعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، في عملية هدم واسعة للمنازل في المخيم، بعد أن أخطرت بهدم 16 منزلاً داخله، بذريعة شقّ شارع. ويأتي هذا بعدما بلغ عدد المنازل التي دمّرها العدو بشكل كامل خلال هجومه على طولكرم، 22 منزلاً على الأقل، بالإضافة إلى تدمير 300 منزل بشكل جزئي، وإحراق 11 بيتاً، بينما فاق عدد البيوت المدمّرة في جنين الـ100. وعلى رغم ارتباط عمليات الهدم والتخريب، والتي طاولت أيضاً البنى التحتية، بعدوان «السور الحديدي» الذي أطلقه جيش الاحتلال منذ قرابة شهر في شمال الضفة الغربية، إلا أنه لا يمكن النظر إليها بمعزل عن سياسة حكومة اليمين بشأن مستقبل الضفة، وما يُحاك ضدها من مخططات.

وهي سياسة تبدو جليّة، مع إعلان الحكومة عن نوايا ضمّ الضفة إلى الأراضي المحتلة، والسيطرة عليها عبر تقسيمها إلى كانتونات معزولة يتم التحكّم بها من خلال الحواجز والبوابات العسكرية، وتغيير طابعها الديموغرافي والجغرافي، وخصوصاً في المخيمات التي يسعى الاحتلال إلى ضرب رمزيتها وجغرافيتها وهويتها، بالإضافة إلى تطبيق التهجير والنزوح في نطاقات ضيقة نسبيّاً، لخلق نموذج يمكن تعميمه مستقبلاً على مستوى الضفة ككل.

ومن هنا، يظهر أن الضغوط ستتعاظم على الفلسطينيين خلال الفترة المقبلة، وهو ما توعّد به وزير المالية في حكومة الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش، الأحد الماضي، بالقول إن عام 2025 سيشهد هدم إسرائيل لمبانٍ فلسطينية في الضفة أكثر مما يتم بناؤه، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1967. وبحسب «القناة الـ7»، قال سموتريتش، زعيم حزب «الصهيونية الدينية» اليميني المتطرف، إن «2025 سيكون أول عام منذ 1967، ندمّر فيه أكثر مما يبنون».

وتوعّد، في كلمة ألقاها خلال اجتماع وحدة إنفاذ القانون في «الإدارة المدنية» الإسرائيلية، بالمضي قدماً في عمليات الهدم «بكل قوتنا»، بالإضافة إلى «منع البناء» الفلسطيني في المناطق الخاضعة لسيطرة إسرائيل. وأكّد أن ميزانية العام الجاري ستشمل زيادة كبيرة في الموارد المخصّصة لذلك، من خلال تعزيز القوى العاملة، وشراء معدات جديدة، وتطوير تقنيات حديثة لمراقبة البناء الفلسطيني.

ولا يقتصر ما توعّد به سموتريتش على ملاحقة «البناء غير القانوني»، بل يشمل أيضاً «منعاً كاملاً للبناء الفلسطيني وإعادة السيطرة الإسرائيلية على الأرض»، على اعتبار أن «السيطرة على الأرض هي جوهر الصراع، ومن يسيطر على الأرض يحدد مستقبلها». ويأتي هذا فيما يمنع الاحتلال الفلسطينيين من البناء في المنطقة المصنّفة «ج»، والتي تشكل 60% من مساحة الضفة الغربية، وتخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة، والمهدّدة بالضم، الذي تسارعت الخطوات على طريقه منذ السابع من تشرين الأول 2023. ومذّاك، طاولت عمليات الهدم الإسرائيلية 1,359 منشأة فلسطينية في المنطقة المذكورة، ما أدّى إلى تشريد 1,166 فلسطينياً، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة.

أيضاً، هجّرت إسرائيل، في الوقت نفسه، أكثر من 28 تجمعاً بدوياً ورعوياً في الضفة، مسيطرةً على 240 كيلومتراً مربعاً، إضافة إلى تفعيل 1000 حاجز تقسّم الضفة إلى «كانتونات» صغيرة ومحاصرة يتم تفتيش كل من يمر بها. وبحسب «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان»، فقد بلغ عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة حتى نهاية عام 2024 نحو 770 ألفاً، موزعين على 180 مستوطنة و256 بؤرة استيطانية، منها 138 بؤرة رعوية وزراعية.

وتسير هذه السياسة الطاردة للفلسطينيين، بالتزامن مع سلسلة من التسهيلات والتشريعات التي تقرّها إسرائيل لصالح المستوطنين، إذ صادق «الكنيست»، في قراءة تمهيدية، على مشروع قانون يسمح للإسرائيليين بتسجيل أنفسهم كمالكي أراضٍ فلسطينية. ومن شأن المشروع، الذي تمّت الموافقة عليه بأغلبية 58 عضواً مقابل معارضة 33 من مجموع 120 مقعداً في الكنيست، في حال المصادقة عليه نهائياً، تعزيز الاستيطان، علماً أنه واحد من جملة قوانين تسعى حكومة نتنياهو لتمريرها، في محاولة لتكريس الضم الذي سيكون أحد أوجهه فرض القوانين والقرارات على الضفة. وفي هذا السياق، اعتبرت حركة «السلام الآن» الإسرائيلية المعارضة للاستيطان أن مشروع القانون المشار إليه «سيعطي حفنة من المستوطنين المتطرفين الفرصة لشراء الأراضي، ومن ثم إنشاء المستوطنات، سواء في قلب الخليل أو في أي مكان آخر». وأضافت أنه «علاوة على ذلك، ليست للكنيست سلطة سنّ قوانين في الأراضي التي لا تخضع للسيادة الإسرائيلية، ومحاولة تطبيق قانون الكنيست على الأراضي المحتلة تعادل الضم وتعدّ انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي».

كما أشارت المنظمة، في تقرير حمل عنوان «2024 في الضفة الغربية… عام الضم والتهجير» نشرته على موقعها في الـ21 من الشهر الماضي، إلى أن النصف الثاني من العام المذكور شهد بناء 7 بؤر استيطانية جديدة في المناطق المصنّفة «ب»، في خرقٍ واضحٍ لبنود «اتفاقية أوسلو» الموقّعة في عام 1995، والتي تنص على أن المناطق «ب» تخضع للسيطرة المدنية الفلسطينية الكاملة، بما في ذلك سلطة التخطيط والبناء.

وتابعت أنه «في عام 2024، هدمت الإدارة المدنية وبلدية القدس عدداً قياسياً من المباني»، شمل «1280 مبنىً في الضفة الغربية والقدس الشرقية بسبب عدم الحصول على ترخيص بناء». وفي ختام تقريرها، اعتبرت أن «الواقع القانوني والإداري والمادي هو التعبير الأكثر وضوحاً عن ضم الأراضي إلى إسرائيل. وعلى هذا النحو، فإن عام 2024 ليس فقط عام الذروة للمشروع الاستيطاني، بل أيضاً عام الضمّ الذي تجعل فيه الحكومة الأراضي المحتلة جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل، ما يحوّل إسرائيل إلى دولة أبارتهايد».

* الأخبار البيروتية
You might also like