كل ما يجري من حولك

غزة ترفض التهجير: نكبة الـ1948 لن تتكرر

25

متابعات..| تقرير*

منذ دخوله البيت الأبيض، لم يخفِ الرئيس الأميركي دونالد ترامب رؤيته الخاصة للقضية الفلسطينية، وهي رؤية تستند إلى سيطرة أميركية مباشرة على الأرض، وإحداث تغيير ديمغرافي واسع النطاق، مع وعود بتحويل غزة إلى «ريفييرا الشرق الأوسط».

حديث ترامب عن «تهجير» الفلسطينيين أو «تطهير» غزة، وإعادة تشكيل القطاع وفقاً لتصورات اقتصادية وأمنية تخدم المصالح الأميركية والإسرائيلية، يكشف عن امتداد جديد لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية، لكن هذه المرة تحت شعار «التنمية والاستقرار».

لكن، هل يمكن فعلاً فصل هذا الطرح عن السياسات المستمرة التي تهدف إلى تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها الأصليين؟ وكيف ينعكس هذا المخطط على واقع اللاجئين الفلسطينيين، لا سيما في ظل تعليق التمويل الأميركي لوكالة الـ«أونروا»، التي تشكل ركيزة أساسية في توفير الخدمات لهم؟

«الأونروا» والضغط الأميركي

يؤكد عضو المكتب السياسي لحركة «الجهاد الإسلامي» في فلسطين، إحسان عطايا، لموقع «الأخبار»، أن «الفلسطينيين في لبنان، كما في غزة وأي مكان آخر، يرفضون أي شكل من أشكال التوطين أو المساس بهويتهم كلاجئين فلسطينيين، وانتهاك حقهم في العودة». ويشير إلى أن «الدستور اللبناني ومقدمته يشكلان عامل دعم للفلسطينيين في مواجهة الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على لبنان للخضوع لرؤيتها».

أما في ما يخص تعليق التمويل الأميركي لـ«الأونروا»، فيرى عطايا أن «خروج الولايات المتحدة من الوكالة لن يؤدي إلى إنهاء عملها، إذ سبق أن سحبت واشنطن تمويلها في ولاية ترامب الأولى، ومع ذلك استمرت الوكالة في أداء دورها».

  • سيارة تابعة للأمم المتحدة عند حاجز على طريق صلاح الدين في المغراقة وسط قطاع غزة أمس (أ ف ب)
    سيارة تابعة للأمم المتحدة عند حاجز على طريق صلاح الدين في المغراقة وسط قطاع غزة أمس (أ ف ب)

ويوضح أن هناك دولاً أخرى ترفض تعليق عمل «الأونروا»، وأنه رغم التحديات الاقتصادية التي قد تنشأ، إلا أن الدعم يمكن أن يُعوَّض عبر مانحين آخرين، إضافة إلى دور يمكن للبنان أن يؤديه، عبر استقدام المساعدات أو تخصيص دعم بالشراكة والتنسيق مع إدارة الوكالة والفصائل الفلسطينية.

رفض الـ«تهجير» والتمسك بـ«الهوية الفلسطينية»

يؤكد عطايا أن «الفلسطينيين متمسكون بحقهم في العودة إلى وطنهم، ويرفضون أي محاولات لدمجهم في أي دولة أخرى، وتذويب هويتهم الوطنية، عبر منحهم جنسيات أخرى»، وهو سياق ترفضه الفصائل الفلسطينية بشدة.

أما في ما يخص غزة، فيشير إلى أن أهلها يرفضون الهجرة إلى مصر أو الأردن أو أي دولة أخرى، كما إن الدول المعنية لاقت طرح ترامب بالاستنكار، ما يعكس من جهة، وعياً بأهداف هذه المشاريع، ومن جهة أخرى يعبر عن «التماس الدول لمصالحها».

وإذ يشير إلى أن أهالي غزة، رغم معرفتهم بأن منازلهم مدمرة، عادوا إلى أرضهم بإصرار، متمسكين بالبقاء فيها، وهو ما ينسف أي رهانات على دفعهم إلى مغادرتها، يعتبر عطايا أن «من استطاع تحمل أكثر من عام من الحرب والحصار والتجويع والأوضاع الاقتصادية الصعبة، دون أن يصدر منه أي احتجاج ضد المقاومة، لا يمكن لأحد أن يقتلعَه من أرضه. ورأينا كيف التف الأهالي حول المقاومة، بظهور عناصرها المسلح، أثناء تسليم الأسرى الإسرائيليين، ما يؤكد أن أبناء غزة «لن يتخلوا عن أرضهم».

هل يرضخ الأردن ومصر لضغوط ترامب؟

يرى عطايا أن مصر والأردن ليس لهما مصلحة في تهجير الفلسطينيين إلى أراضيهما، وحتى لو ظهر تجاوب من جانبهما في بعض الجوانب، فسيكون ذلك في إطار «المناورة السياسية» وليس القناعة باستيعاب موجة لجوء جديدة من غزة.

  • دعا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه نظيره الأميركي ماركو روبيو إلى الإسراع في إعادة إعمار غزة بوجود الفلسطينيين الرافضين للتهجير (أ ف ب)
    دعا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه نظيره الأميركي ماركو روبيو في واشنطن أمس، إلى الإسراع في إعادة إعمار غزة بوجود الفلسطينيين الرافضين للتهجير (أ ف ب)

ويؤكد أن «الرهان الأساسي في إفشال مخطط تهجير الفلسطينيين يقع على عاتق الشعوب، التي يجب أن ترفض تهويد غزة بعد أن انتصرت على الاحتلال بدمائها وتضحياتها».

تضليل «إعادة الإعمار» لعبة يدركها الغزّاويون

بحسب عطايا، فإن «الإدارة الأميركية لم تكتفِ بالهدفين الإسرائيليين المتمثلين في استعادة الأسرى الإسرائيليين بالقوة العسكرية دون قيد أو شرط، والقضاء على المقاومة، بل أضافت هدفاً جديداً منذ الأشهر الأولى للحرب، وهو تهجير الفلسطينيين من غزة».

ويشير إلى أن هذا المشروع ليس مجرد فكرة تبناها ترامب، بل هو جزء من إستراتيجية أميركية ممتدة عبر إداراتها المختلفة، تسعى إلى استكمال تهويد فلسطين وإلغاء الهوية الفلسطينية لضمان أمن الكيان الصهيوني.

وفي رد على هذه السياسات، يدعو عطايا إلى تكثيف النشاط الجماهيري الداعم لفلسطين في مختلف أنحاء العالم، وإطلاق حملة دعائية عالمية تدعو أميركا إلى «استيعاب المستوطنين الصهاينة في أراضيها»، بدلاً من تهجير الفلسطينيين، مؤكداً بذلك أن وجود الاحتلال يعني استمرار المقاومة، وأن تجربة التهجير عام 1948 لن تتكرر، مهما بلغت الضغوطات.

  • متظاهرون في بلدة أم الفحم ضد التهجير القسري للفلسطينيين (أ ف ب)
    متظاهرون في بلدة أم الفحم يوم 8 شباط ضد التهجير القسري للفلسطينيين (أ ف ب)

وإذ يعتبر أن التهويل حول إعادة إعمار غزة، والترويج لفكرة أن العملية قد تستغرق عقوداً من الزمن، يهدف إلى دفع الفلسطينيين إلى مغادرة القطاع، يؤكد عطايا أن الفلسطينيين يدركون هذه «الألاعيب»، ولن يقعوا ضحية لهذه الحرب النفسية.

* الأخبار البيروتية
You might also like