كل ما يجري من حولك

اشتباكاتُ «الهيئة» مع «العشائر»: ضبطٌ للحدود أم «صندوق بريد»؟

30

متابعات..| تقرير*

يسود التوتر عند الحدود اللبنانية السورية إثر الاشتباكات المستمرة منذ أيام بين العشائر اللبنانية ومسلحي هيئة «تحرير الشام»، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى من القرى الحدودية، معظمهم من المدنيين والأطفال.

وقال مصدر ميداني لموقع «الأخبار»، إن أفراد «تحرير الشام» تعمّدوا استهداف مواقع للجيش اللبناني وأحياء مدنيّة، فيما يحرص أبناء العشائر على التصدي لهذه الهجمات، مشيراً إلى أن «الاشتباكات التي دارت يوم أمس الأحد استُخدمت فيها أسلحة ثقيلة ومتوسطة، بالتزامن مع رد عناصر الجيش اللبناني على مصادر النيران».

  • فوج المدفعية الأول في الجيش اللبناني (مديرية التوجيه)
    فوج المدفعية الأول في الجيش اللبناني (مديرية التوجيه)

قلق في الداخل

ويُنتج هذا المشهد المتوتر عند الحدود اللبنانية السورية، مشهد توتر أكثر عموماً مع تزايد الخشية من تحول هذا النزاع إلى صراع داخلي لبناني.

وفي هذا السياق، أعرب منسّق الحكومة اللبنانية السابق لدى قوات «اليونيفل»، والخبير العسكري العميد المتقاعد منير شحادة، عن تخوّفه من امتداد الاشتباكات إلى الداخل اللبناني ما يؤدي إلى فتنة مذهبية في كل الأراضي اللبنانية.

واعتبر شحادة في حديثه إلى موقع «الأخبار»، أن قرار الجيش بالتدخل الفوري كان «صائباً»، و«حسناً فعل الجيش اللبناني أنه تدخل لصد هذه الهجمات التي طالت الأراضي اللبنانية والرد عليها لأن هذا يجنّب المنطقة الشمالية الشرقية من نزاعات قد تؤدي إلى فلتان أمني لا يمكن ضبطه وتخلق فتنة في كل الأراضي اللبنانية».

وتلعب عدة مؤشرات دوراً بارزاً في زيادة منسوب القلق، أبرزها تواجد عدد كبير النازحين السوريين في لبنان المؤيدين للإدارة الجديدة، وحديث تقارير أمنية عن «خلايا نائمة» بينهم. ومن هذه المؤشرات ايضاً دخول كمية كبيرة من الأسلحة إلى لبنان وانتشارها بين المواطنين ومخيمات النزوح، إثر سقوط النظام السوري وحلّ جيشه.

  • عناصر من هيئة «تحرير الشام» (أ ف ب)
    عناصر من هيئة «تحرير الشام» (أ ف ب)

مَن بدأ أولاً؟

وقد علمت «الأخبار» أن الاتصالات جارية بين المسؤولين اللبنانيين ونظرائهم السوريين لضبط الحدود واحتواء هذه الاشتباكات.

وأفادت مصادر سوريّة مؤيدة لهيئة «تحرير الشام»، موقع «الأخبار»، بأن «التدخلات العسكرية عند الحدود اللبنانية السورية، تقتصر على التصدي لعمليات التهريب فقط، ولمنعها من الجانبين»، واتّهمت المصادر، العشائر اللبنانية بأنها هي مَن «بدأت بإطلاق النار على عناصر الهيئة بعد إحباط لعملية تهريب الكبتاغون».

رغم ذلك، لا تتوقف حركة قوافل المحروقات المهربة باتحاه الاراضي السورية، حيث تعبر مئات الآليات يومياً من لبنان إلى سوريا بطريقة غير شرعية، وعلى الطريق الممتد من حمص وصولاً إلى معبر «العريضة» ينتشر المئات من بائعي المحروقات بشكل عشوائي، يشترون المواد من المهرّبين دون تدّخل من «عناصر الهيئة» الذين يسمحون لهم بالعبور، ما يجعل التساؤل مشروعاً حول هدف الحملة السورية على الحدود اللبنانية وتوقيتها.

 

وقد كان لافتاً في هذا السياق ايضاً، تزامُن العدوان الإسرائيلي الذي استهدف (الأحد) معبر قلد السبع – جرماش الحدودي مع سوريا في جرد الهرمل، مع اشتباكات خاضتها عناصر الهيئة مع مسلحي العشائر في الموقع نفسه.

يذكر أن قيادة الجيش قد أعلنت إثر الاشتباكات انتشارها في مناطق عدة عند الحدود الشمالية والشرقية وأصدرت أوامرها بالرد على أي عملية إطلاق نار على الأراضي اللبنانية.

ولفتت في بيان، إلى أنّ وحدات الجيش «تنفذ تدابير أمنية استثنائية على امتداد هذه الحدود، يتخلّلها تركيز نقاط مراقبة وتسيير دوريات وإقامة حواجز ظرفية»، مؤكدة أنها «تتابع الوضع وتعمل على اتخاذ الإجراءات المناسبة وفقاً للتطورات».

بدورها، أكدت العشائر إلتزامها بتوجيهات الجيش اللبناني، وشدد خالد عبد العلي جعفر، أحد وجهاء عشيرة آل جعفر، لموقع «الأخبار»، على «التزام العشائر بتوجيهات الجيش اللبناني والدولة اللبنانية»، لكنه شدد على «جهوزية العشائر في حال استمرت الاعتداءات أو حاولوا الدخول إلى الأراضي اللبنانية».

وكشف أنه «أُطلق منذ يوم أمس الأحد أكثر من 100 صاروخ وقذيفة على الأراضي اللبنانية، وهذا القصف المستمر منذ بداية الاشتباكات أدى لسقوط 5 شهداء وأكثر من 35 جريحاً».

 

ترسيم الحدود

تعود أزمة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا إلى فترة الانتداب الفرنسي في عشرينيات القرن الماضي، عندما تم ترسيمها من قِبَل سلطات الانتداب.

ويبلغ طول الحدود السورية اللبنانية 375 كلم، وتشهد الأراضي السورية واللبنانية تداخلاً، اذ يُسجل منذ سنوات طويلة 27 خلافاً على طول الحدود من مزارع شبعا جنوباً وصولاً إلى الشمال، وتشمل عدداً من البلدات والقرى التي تقع على كلا الجانبين، فيما تشهد بعض البلدات الحدودية نقاطاً حساسة ومناطق نزاع بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد.

ومن أبرز القرى المشتركة التي تسود فيها الحركة اليومية ذهاباً وإياباً، العبودية، ووادي خالد في محافظة عكار، وعرسال وجديدة يابوس في محافظة البقاع، وجرود الهرمل لجهة القلمون في سوريا.

* الأخبار البيروتية

You might also like