لجنة ناجل: توصياتٌ لميزانية الدفاع والأمن الإسرائيلي والتهديد التركي
متابعات..| تقرير*
تتناول هذه المقالة تقرير “لجنة ناجل” التي بحثت في بناء قوة “إسرائيل” وميزانية الدفاع والأمن، والتي تم تقديمها مؤخراً إلى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في 6 كانون الثاني/يناير 2025. وكان من أبرز توصياتها زيادة نحو 15 مليار شيكل سنوياً للأجهزة الأمنية، وتمديد الخدمة العسكرية الإلزامية إلى 3 أعوام، وضرورة تجنيد جميع “مواطني الدولة”، والتحذير من التهديد السوري والتركي المحتمل.
بدأت اللجنة عملها الصيف الماضي في خضم حرب إقليمية غير مسبوق، وأنهت عملها بوثيقة شاملة، وكان التفويض الممنوح لها أوسع نطاقاً من أي لجنة سبقتها. وخدم في اللجنة مع ناجل 14 خبيراً ومسؤولين دفاعيين سابقين رفيعي المستوى، تحت إشراف الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي يعقوب ناجل، ومن بين التقرير المكون من 130 صفحة، لم يتبق سوى 20 صفحة فقط للنشر، تتضمن العدد الدقيق لقوات جيش الاحتلال الإسرائيلي المطلوبة على الجبهات المختلفة، هو أحد المواضيع الرئيسية التي ستبقى سرية.
ما لا يقل عن عشرين صفحة (17-37) من تقرير “لجنة ناجل” مخصصة لوصف التهديدات التي تواجه إسرائيل والتصريحات المتعلقة بمفهوم الأمن المطلوب لمواجهتها، والمفهوم العملياتي المطلوب من جيش الاحتلال الإسرائيلي ليلعب دوره في تحقيقها. ورغم أن التقرير يحتوي على عدد من الأفكار من أجل التغيير، فإنه لم يتضمن أي تحقيق في فشل السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ومن بين التوصيات الرئيسية التي قدمتها اللجنة تحويل المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية وميزانيتها من موقف الردع والدفاع إلى موقف هجومي أكثر استباقية ووقائية في مواجهة التهديدات.
وقال رئيس اللجنة، البروفيسور يعقوب ناجل، “إن هذا التحول سوف يستلزم تحويل الموارد إلى توازن بنسبة 70% للهجوم مقابل 30% للدفاع”.
وبالإضافة إلى اتباع نهج هجومي أكثر استباقية للتهديدات، قال ناجل “إن تمويل الجيش الإسرائيلي وبناء قوته لمواجهة الدول المهددة البعيدة، وخاصة إيران، كان غير كافٍ إلى حد كبير ويحتاج إلى زيادة الموارد والتمويل”.
الاستثمار في قضايا الأمن
بحسب تقرير لصحيفة جيروزالم بوست اعتبر ناجل أن إسرائيل بحاجة إلى استثمار موارد أكبر بكثير في القضايا الأمنية المتعلقة بالفضاء، والحرب السيبرانية، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا بشكل عام.
“ومن المثير للاهتمام أن ناجل لم يعتقد أن حجم جيش الدفاع الإسرائيلي كان غير كافٍ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكنه يعتقد أنه أصبح صغيراً بشكل غير كافٍ الآن في ضوء التحديات السبع التي يواجهها على الجبهات السبع.” بحسب التقرير
ودعا ناجل إلى دمج جميع “المواطنين الإسرائيليين” في الجيش الإسرائيلي، مع التركيز بشكل خاص على الحريديم.
وبالإضافة إلى ذلك، اقترح “أن العبء الواقع على جنود الاحتياط يمكن تخفيفه بشكل كبير من خلال إنشاء عدد أكبر من وظائف الضباط المهنية القصيرة الأمد، والتي تستمر لمدة عامين فقط. وسيكون لدى هؤلاء الضباط الخبرة التي يتمتع بها العديد من جنود الاحتياط، ولكن من الممكن أن يحصلوا على رواتب أقل”.
في الوقت نفسه، قال ناجل “إن الضباط والمقاتلين على وجه الخصوص يجب أن يحصلوا على رواتب أعلى حتى يتمكنوا من البقاء في الخدمة في عصر أصبح فيه الموت في المعركة أكثر تواتراً بكثير مما كان عليه قبل السابع من أكتوبر”.
وأضاف “أن مجرد محاولة تحفيز الجنود والضباط على الخدمة لفترة أطول دون رواتب تنافسية مقارنة بالقطاع الخاص لن يجدي نفعاً بعد الآن”.
وأوصى في تقريره المفصّل “بتمديد الخدمة الإلزامية للذكور بشكل دائم إلى 36 شهراً”. ومن بين النقاط الرئيسية التي أشار إليها هي ضرورة قيام إسرائيل بإنتاج وتصنيع المزيد من الأسلحة الأساسية بشكل مستقل.
وبحسب تقرير الصحيفة أيضاً “هذه هي النقطة التي أشار إليها العديد من المسؤولين والخبراء الدفاعيين منذ أن جمدت الولايات المتحدة بعض شحنات الأسلحة إلى إسرائيل في مايو/أيار 2024 بسبب غزو رفح في غزة، ولكن ناجل لم يعط في مؤتمره الصحفي أي إشارة إلى كيفية إدارة مثل هذه الثورة”.
وفيما يتعلق بإعادة تأهيل الجنود الجرحى، اقترح ناجل إضافة 250 موظفاً إضافياً إلى وزارة الدفاع للمساعدة في هذه المشكلة المتوسعة والهائلة في المستقبل.
ورفض ناجل رغبة وزارة المالية في الحصول على مزيد من السيطرة على عملية ميزانية الدفاع، وأوصى فقط بمنح الوزارة قدراً أكبر من الشفافية.
ووفقاً لتوصيات اللجنة ينبغي أن تزداد ميزانية الدفاع بنحو 133 مليار شيكل خلال العقد المقبل لغرض إضافة قدرات هجومية ودفاعية. وتوصي اللجنة بإضافة ما بين 9 و15 مليار شيكل سنوياً إلى ميزانية الدفاع خلال الأعوام الخمسة المقبلة بزيادة كلية تصل إلى نحو 20 مليار.
التهديد الجديد في سوريا
وتطرقت اللجنة إلى سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وتدمير معظم قدرات الجيش السوري على أيدي الجيش الإسرائيلي، فأكدت وجوب رفض الدعوات إلى تقليل الحاجة للاستثمار في تعاظم القوة العسكرية، منوهة بأن إسرائيل قد تجد نفسها أمام تهديد جديد في سوريا لا يقل خطورة عن سابقه على شكل “قوة سنيّة متطرفة لن تقبل بوجود إسرائيل. وستتفاقم المشكلة إذا ما تحولت القوة السورية إلى ذراع تركي كجزء من تحقيق حلم تركيا باستعادة التاج العثماني مما قد يؤدي إلى مواجهة تركية إسرائيلية مباشرة”.
ومع ذلك رأت اللجنة أن إيران ما زالت تشكل التهديد الرئيس، وأنه يجب تركيز معظم بناء القوة والاستعدادات في مواجهتها، وأن على إسرائيل أن تدافع عن نفسها بقواها الذاتية.
وفيما يتعلق بالدفاع الجوي أوصت اللجنة بوجوب مواصلة تعزيز الدفاع الجوي متعدد الطبقات مع التركيز على الدفاع ضد الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة من إيران واليمن على أساس التكنولوجيا الإسرائيلية وبتمويل أميركي.
كما أوصت اللجنة ببناء سياج جديد على طول منطقة الحدود مع الأردن، في خطوة أشير إلى أن إسرائيل امتنعت عنها حتى الآن، كي لا يتم تفسير ذلك في الجانب الأردني وكأن “إسرائيل لا تثق بقدرات المملكة على منع التسلل والتهريب إلى الأراضي الإسرائيلية”.
علّق نتنياهو عن التقرير قائلاً: “إننا نشهد تغيرات جوهرية في الشرق الأوسط. لقد كانت إيران منذ فترة طويلة أكبر تهديد لنا، ولكن هناك قوى جديدة تدخل الساحة، وعلينا أن نكون مستعدين لما هو غير متوقع. يقدم لنا هذا التقرير خريطة طريق لتأمين مستقبل إسرائيل”.
يجسد تقرير “لجنة ناجل” رؤية بعيدة المدى تهدف إلى تعزيز قدرات الكيان العسكرية في مواجهة التحديات والتهديدات الناشئة، ليس فقط من إيران وحلفائها في غزة ولبنان، بل أيضاً من التغييرات الديناميكية الإقليمية خصوصاً مع دولة تركيا واتساع نفوذها في سوريا. وهذه الرؤية، تتطلب أولويات استراتيجية تتعلق بالأمن والدفاع وتقديرات مالية لميزانية الجيش والقدرات العسكرية، بهدف تقوية الجيش الإسرائيلي وضمان تفوقه في مواجهة أي تهديد محتمل.
* الخنادق