حكومةُ الشرع لا تصحّحُ «خطأها»: خريطةٌ ناقصة لسوريا
متابعات..| تقرير*
تضمّن إعلان بدء العمل بجوازات السفر، والذي نشرته وزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية السورية، خريطة جغرافية غير كاملة لسوريا، حُذف منها الجولان ولواء إسكندرون وجزء من القنيطرة، ما أثار موجة امتعاض كبيرة لدى السوريين. وعلى الرغم من تبرير البعض بأن «الرسمة» الواردة في الإعلان قد تكون خطأ غير مقصود، إلا أن الجهة المعنية، وبعد مضي أيام عدة على نشرها، لم تعمد إلى تصحيحها أو حذفها.
وفي عام 2012، نشر الصحافي والناشط يوسف الحيدر، وهو من أبناء الجولان، منشوراً يدعو إلى نشر خريطة سوريا الحديثة كاملة مع الجولان ولواء إسكندرون، رداً على نشر إحدى المؤسسات الرسمية الخريطة من دون تلك المناطق السورية المحتلة، ليجد نفسه حاملاً، اليوم، المطلب نفسه. ويقول الحيدر لـ«الأخبار»: «يجب تداول الخريطة السورية الكاملة دائماً، خوفاً من أن تُنسى هذه الأراضي أو تُعطى لمغتصبيها كورقة ضغط، كما حصل عندما استخدمها النظام السابق لتخفيف حدة الثورة السورية ومحاولة إيقافها، مقابل التخلي بشكل دائم، ورسمي ربما، عن لواء إسكندرون لتركيا، والجولان العربي السوري للكيان الإسرائيلي»، رافضاً أن تقدّم الحكومة الانتقالية تنازلات أخرى بما يخص الأراضي السورية، في وقت يبدو فيه أنها تروّج لذلك بالفعل، في آخر منشور لوزارة الداخلية الجديدة.
وتنسحب المخاوف نفسها على تيماء عيسى، الناشطة المدنيّة من الجولان، والتي تحذّر من تكرار المنهجية التي اتّبعها النظام السابق، والقائمة بحسبها على «وأد القضايا، ومصادرة كل مساحات المناصرة لإحياء مطلب الأرض المحق»، قائلةً لـ«الأخبار»: «في سوريا الجديدة التي صُنعت بثورة حقوق ومقارعة للظلم، واستثمرها الكيان الصهيوني في الجنوب ليتوغّل داخل الأراضي السورية، بدأت موجة نزوح جديدة عقب سقوط النظام السابق، كالتي بدأها أجدادي»، فيما تتكرر «الكذبة» نفسها، حول أنّ مغادرة الديار ستستمر لأيام معدودة «قبل أن نعود إلى ديارنا»، وهو ما لم يحصل.
لم تعمد الجهات المعنية إلى تصحيح الخريطة أو حذفها
ويبدو لافتاً أنّ الإدارة الجديدة لم تحرّك ساكناً مقابل التوغّل الإسرائيلي؛ إذ لم لم تصدر بياناً واحداً أو رأياً أو أي إشارة ضد تلك الممارسات، قبل أن تنشر وزارة الداخلية خريطة سوريّة خالية من الجولان وقرى القنيطرة التي سلبها الكيان في توغّله الأخير. وتضيف عيسى: «كناشطة مدنية عملت وكثيرين غيري على التنديد وإلقاء الضوء على ما يحدث، طالبت بتصويب هذا الخطأ الفادح، من دون أن ألقى آذاناً صاغية». وتتخوّف ابنة قرية عين فيت في الجولان المحتل، من أن تكون قريتها قد «سقطت من خريطة بلدها سوريا»، متسائلةً: «هل سقطت سوريا جدي اليوم مع سقوط الجولان من الخريطة؟ وهل اندثرت آلاف القصص عن أراضينا وما عاد لمفاتيح دورنا أبواب نطالب بالعودة إليها؟».
من جانبه، يشير المحلل السياسي، علي جديد؛ إلى أنه بعد سقوط نظام الأسد، ظهرت حالة من التخبط على مختلف المستويات المحلية والإقليمية والدولية، تعبّر في جزء منها عن الدهشة الحاصلة من سرعة سقوطه بعد أربعة عشر عاماً، وفي جزء آخر عن عدم استكمال الاستعدادات للتعامل مع الحدث. ويقول: «الخرائط التي بدأت تنتشر أثارت مخاوف لدى بعض فئات المجتمع السوري من التغيير الذي حدث، ويبدو أن هناك من يريد تعزيزها واللعب عليها عبر استعادة خطط ومشاريع سابقة»، مضيفاً، في حديث إلى «الأخبار»، أنّ «ما يصدر عن بعض الجهات الرسمية الحالية يؤكد الرسائل السابقة التي عبّرت عنها أكثر من شخصية في الحكومة السورية الجديدة، والتي تعكس رغبتها في تحقيق السلام مع كل الأطراف الإقليمية، وتشير إلى أنّ هدف الإدارة الجديدة يركّز على إعادة بناء سوريا بعيداً عن أي صراع إقليمي». ويختم بالقول: «هذا جزء من حزمة التطمينات التي قدّمتها الإدارة الجديدة إلى الداخل والخارج للحصول على الدعم الإقليمي والدولي المطلوب في المرحلة القادمة، أو على الأقل، لتجنّب أي (فيتو) محتمل على عملها».