كل ما يجري من حولك

بطلُ «تياسير» يصدِمُ العدو: ماذا نفعلُ في الضفة؟

27

متابعات..| تقرير*

عمّق جيش الاحتلال عدوانه على بلدة طمون في محافظة طوباس، مع مواصلته حصار البلدة وتجريفها، فضلاً عن استهدافها بالغارات من وقت إلى آخر. ووفقاً لرئيس بلدية طمون، ناجح بني عودة، فإن وضع البلدة يزداد سوءاً، خصوصاً في ظلّ رفْض الاحتلال التنسيق لإغاثة المواطنين وتزويدهم بالاحتياجات الأساسية. وأكّد بني عودة أن طمون تخضع لحصار شامل، حيث أُغلقت جميع مداخلها، فيما تستمرّ عمليات التجريف وتدمير البنية التحتية، في موازاة قطع المياه، وأيضاً الكهرباء والاتصالات عن بعض الأحياء. ولفت إلى أن «قرابة 15 منزلاً أُخليت بشكل قسري، وتمّ تحويلها إلى ثكنات عسكرية، ما اضطر أصحابها إلى التوجه إلى أقاربهم»، مبيّناً أيضاً أن بعض المواد التموينية بدأت تنفد، إذ يمنع الاحتلال إدخالها، وهو ما يضاف إلى الخسائر التي يتكبّدها المزارعون، خاصة أن البلدة زراعية. كما أكّد أن العدوان الحالي يختلف عمّا سبقه من عمليات عسكرية، لجهة «حجم القوات المشاركة فيه، وكذلك نوعية الآليات العسكرية المستخدمة والتي لم نعهدها سابقاً».

في هذا الوقت، وفي ذروة الاستنفار العسكري الواسع في الضفة، جاءت العملية الفدائية التي وقعت، صباح أمس، عند حاجز تياسير العسكري قرب مدينة طوباس، لتشكّل صفعةً للمنظومة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية، بعدما أسفرت عن مقتل جنديين وإصابة 8 آخرين، اثنان منهم بجروح خطيرة. وعلى خلفية العملية، استحضرت وسائل الإعلام العبرية الفشل الذي واجهه الجيش في يوم «طوفان الأقصى»؛ إذ تساءلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عمّا إذا كان تمّ «استخلاص عبر السابع من أكتوبر، ورأت أن «تمكُّن منفّذ العملية من الدخول إلى المجمع العسكري عند حاجز تياسير قبل إطلاق النار، يُظهر حجم الخطر. منفّذ منفرد، على ما يبدو، رصد برج المراقبة لأيام، وهاجمه في ساعات الفجر الأولى، ما يؤكد أن العبر من يوم المذبحة لم تُطبّق. وفي الوقت الذي تتعاظم فيه العملية في شمال الضفة الغربية، يتقدّم العدو في حرب العصابات، ويرصد نقاط الضعف».

وفي التفاصيل التي نشرها الإعلام العبري، فقد وصل منفّذ العملية سيراً على الأقدام إلى موقع الحاجز، ليل الإثنين، حيث رابط في المكان حتى ساعات الصباح الأولى، وكان متأهّباً مع خروج أول جنديَّيْن من برج المراقبة إلى الحاجز، فباشر بإطلاق النار عليهما من مسافة قريبة جداً، قبل أن يتدخل جنود آخرون ويطلقوا النار من البرج. وذكرت مصادر عبرية أخرى أن «المنفّذ أجهز على كامل القوّة العسكرية وأوقع أفرادها بين قتيل وجريح، قبل أن يقتحم ويسيطر على برج عسكري، ومن هناك أدار اشتباكاً طويلاً» مع قوات الاحتلال قبل أن يُعلن عن استشهاده. كذلك، أفاد الإعلام الإسرائيلي بأن المنفّذ كان يرتدي جعبة عسكرية وسترة واقية من الرصاص، ويحمل بندقية «إم 16»، وأن أحد القتلى هو قائد فرقة في كتيبة الاحتياط 8211 التابعة للواء «إفرايم» الإقليمي. وذكر مصدر عسكري في قيادة المنطقة الوسطى في الجيش، بدوره، أن التقديرات تشير إلى أن «الموقع العسكري كان تحت عملية مراقبة وجمع معلومات لفترة زمنية طويلة»، وأن «المنفّذ على دراية بالمنطقة، واختار الوقت المناسب للتنفيذ»، في حين أعلن جيش الاحتلال فتح تحقيق في كيفية اقتحام المنفّذ لمجمع الجنود وبرج المراقبة وإطلاق النار من مسافة قريبة جداً، والسيطرة على الجزء العلوي من نقطة المراقبة.

لا يمكن النظر إلى عملية «تياسير» وتفاصيلها، بمعزل عن العدوان العسكري على شمال الضفة

وأياً يكن، فالأكيد أنه لا يمكن النظر إلى العملية وتفاصيلها، بمعزل عن العدوان العسكري على شمال الضفة الغربية، والذي دخل أسبوعه الثالث، خاصة أن الحاجز العسكري الذي نُفّذت عنده، ليس بعيداً من بلدة طمون ومحافظة جنين، علماً أن العدوان يُخاض بغرض منع العمليات الفدائية. وإلى جانب الفشل الاستخباري، يَظهر أيضاً الفشل العملياتي لجيش الاحتلال، إذ استطاع مقاوم واحد فقط، وبسلاح بسيط، اقتحام حاجز عسكري محصّن. ولم تتأخّر ردود الفعل في الأوساط الإسرائيلية على ذلك، إذ استغلت «القناة الـ14» العبرية اليمينية، عملية إطلاق النار، للتحريض ضدّ الأسير المحرّر، زكريا الزبيدي، الذي أُفرج عنه قبل أيام بموجب صفقة التبادل الأخيرة. ووفقاً للمراسل العسكري للقناة، هيلل بيتون روزن، فإن الزبيدي، الذي شارك في عملية الهروب من سجن جلبوع، نفّذ، قبل عدّة سنوات، هجوماً قرب حاجز تياسير. واعتبر المراسل أن «هذه الأحداث ربّما تجري بإلهام من زكريا، وربّما حتى بتوجيه منه». وكان وزير الجيش الإسرائيلي توجّه إلى الزبيدي، عبر «إكس»، قائلاً: «تمّ إطلاق سراحك في اتفاق لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، خطأ واحد، وستلتقي بأصدقاء قدامى». ومن جهته، دعا رئيس مجلس مستوطنات غور الأردن، دافيد لحياني، إلى تهجير أهل الضفة، قائلاً: «لماذا نريد تهجير سكان قطاع غزة فقط؟ يجب أن نقوم بتهجير وطرد جميع الفلسطينيين من الضفة الغربية ومن الداخل».

إلى ذلك، واصل جيش الاحتلال، أمس، عدوانه على مدن وقرى ومخيمات في محافظات جنين وطولكرم وطوباس، حيث تقوم آلياته بعمليات تجريف وتفجير وتدمير، في وقت وسّعت فيه من حملة الاعتقالات والتنكيل بحقّ المدنيين، دافعةً الآلاف منهم إلى النزوح. كذلك، استقدمت القوات الإسرائيلية مزيداً من التعزيزات العسكرية إلى مخيم طولكرم، الذي يتعرّض لحصار مشدّد منذ 9 أيام، فيما ينتشر جنود الاحتلال في أحيائه، ويداهمون منازل المواطنين هناك، ويخربون محتوياتها، ويهجّرون سكانها. ووصلت أيضاً تعزيزات جديدة إلى مخيم جنين، الذي اندلعت فيه اشتباكات مسلحة بين مقاومين وقوات الاحتلال عند الشارع العسكري. وفي طمون، شرع الجيش في استخدام أسلوب جديد عبر توفير غطاء جوي لقواته على الأرض، قاصفاً البلدة خمس مرات صباح أمس، بصواريخ تحذيرية تمهيداً لاقتحام القوات البرية.

 

You might also like