كل ما يجري من حولك

الشرع في تركيا بعد السعودية: سوريا أسيرةٌ للتجاذبات الإقليمية

24

متابعات..| تقرير*

بعد زيارةٍ خارجية أولى أجراها أحمد الشرع، بصفته رئيساً لسوريا، إلى السعودية، التي سبقه إليها أيضاً وزير خارجيته، أسعد الشيباني، يتوجّه «الرئيس المؤقّت للجمهورية العربية السورية»، اليوم، إلى أنقرة، التي زارها الشيباني أيضاً بعد المملكة. وفيما وصفت صحيفة «حرييات» الموالية، الزيارة بـ«التاريخية»، أبدت الصحف العلمانية معارضةً إزاءها، إذ قالت صحيفة «جمهورييات» إن «أبا محمد الجولاني زعيم منظمة هيئة تحرير الشام الإرهابية التي استولت على السلطة في سوريا»، سيقوم بزيارة إلى أنقرة.

على أن ترتيب الزيارات إلى السعودية أولاً، ومن ثم إلى تركيا، ليس صدفة، خصوصاً بعد استياء (علني وغير علني) أبدته دول الخليج ومصر إزاء «الهجمة» التركية على سوريا، وتظهير الأخيرة كما لو أنها باتت «محميّة» تركية، مع وضع أنقرة الخطط العامة والشاملة لكل القطاعات فيها، من الأمن والعسكر، إلى الاقتصاد والمرافق العامة والإدارة والدستور والقوانين. والظاهر أن زيارة الشرع إلى المملكة ليست من بنات أفكاره، بل جاءت بتوصية من أنقرة التي تفضّل امتصاص نقمة كل من الرياض وأبو ظبي والقاهرة، قبل أن ينقلب التنافس إلى عداء علني ومباشر في ظلّ وجود مكوّنات سكانية ومسلّحة، ولا سيما في الجنوب، تميل إلى السعودية، وخشية دعم الرياض وأبو ظبي، «وحدات حماية الشعب» الكردية في حال اضطرّت إلى ذلك.

وبعدما ساد اعتقاد بأن يقوم إردوغان بزيارة إلى دمشق، بعد زيارة أجراها كل من رئيس الاستخبارات إبراهيم قالين، ووزير الخارجية حاقان فيدان، في وقت سابق إلى العاصمة السورية، أفادت وسائل إعلام تركية بأن رئيس الجمهورية سيرجئ زيارته على خلفية «وجود مخاوف أمنية قد تحيط بها». وكانت صحيفة «ميللييات» كشفت عن زيارة الشرع، اليوم، قبيل الإعلان الرسمي الذي صدر عن الرئاسة التركية. وإذ لفتت الصحيفة إلى أن «هذه الزيارة قد تكون طياً لصفحة الشرع الإرهابية»، فهي ذكرت أن جدول أعمالها سيكون حافلاً بعناوين كبيرة وكثيرة، على رأسها مسألة تصفية «الوحدات» الكردية، ومنع عودة تنظيم «داعش» ليشكّل خطراً على أمن البلدين.

من منظور أنقرة، إن الأمن في سوريا يعني الحفاظ على وحدة الأراضي السورية

ومن منظور أنقرة، فإن الأمن في سوريا يعني الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، ولا سيما وحدة الجيش السوري. وفي هذا الإطار، أكّد قائد «قوات سوريا الديمقراطية»، مظلوم عبدي، أن لقاءه الأخير مع الشرع أسفر عن اتفاق على أن تكون «الوحدات» جزءاً من الجيش، على أن يجري البحث في آليات ذلك في وقت لاحق. وفيما لم يحدّد الاتفاق تاريخاً للبحث في تلك الآليات وتطبيقها، اقترح عبدي أن تكون «الوحدات» فصيلاً مستقلاً تابعاً للجيش يحمي مناطق شرق الفرات الكردية، وهو ما يرفضه الشرع الذي يريد انصهاراً كاملاً للأكراد في المؤسسة الجديدة.

ووفقاً لـ«ميللييات»، فإنّ ثمة مشكلة عالقة، تتمثّل بوجود كميات كبيرة من السلاح في المناطق الكردية، وفقاً لتقرير للمدير العام للخارجية التركية، نوح يلماز. وترى الصحيفة أن النقاش يدور الآن حول ما إذا كان بعض هذا السلاح سيُنقل إلى منطقة مسعود بارزاني أو العراق، أو إلى قواعد أميركية في سوريا والعراق، في حين تقترح الولايات المتحدة منحه لقيادة الشرع الجديدة. وسيكون من بنود لقاء إردوغان والشرع أيضاً، مصير منابع النفط في المناطق الكردية، والمرتبط بما قد تفعله إدارة ترامب الجديدة في سوريا.

ولا شكّ كذلك في أن التركيز في المحادثات سيكون على إعادة إعمار سوريا وتنميتها، حيث بدأت تركيا، مع افتتاح سفارتها في دمشق، تشكيل فرق عمل هناك من أجل هذا الغرض. وأمّا القطاعات التي تُعطى أولوية، فهي المواصلات والاتصالات والطاقة والزراعة والصحة والبيئة وتنظيم المدن، فيما فتحت تركيا في مختلف المناطق السورية مكاتب للهلال الأحمر التركي ولـ«وكالة التنمية التركية» ومراكز «يونس إيمري الثقافية»، ومؤسسة مواجهة الكوارث. وذكرت الصحيفة أن المطلوب الآن هو تعيين مستشارين من الوزارات المعنية لمتابعة العمل في سوريا، على أن يبحث إردوغان والشرع مسألة مؤتمر الحوار الوطني، ومن ثم تشكيل الحكومة الجديدة التي ستلي ولادتها المؤتمر، والتي سيبدأ العمل الجدّي بعد تأليفها. كما ستقوم تركيا، وفقاً للصحيفة، بدعوة رجال الأعمال السوريين ورأس المال السوري، والذين كانوا قد هربوا من نظام الأسد، إلى اللقاء في تركيا، وتنظيم إسهاماتهم في عملية التنمية في سوريا، والتي سيُدعى من أجلها أيضاً مستثمرون من دول أخرى.

* الأخبار
You might also like