كل ما يجري من حولك

نتنياهو – ترامب: الطريق إلى «الهدف» ليس واحداً.. المرحلة الثانية من صفقة غزة مشوَّشة

27

متابعات..| تقرير*:

يُتوقع أن يصل رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن الأحد، للقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في زيارة هي في الشكل بروتوكولية للتهنئة بتنصيب الأخير رئيساً للولايات المتحدة، وفي المضمون ذات طابع سياسي وأمني من شأنها أن تحدد مسارات ما بعدها. إذ يحمل نتنياهو عدّة ملفات يريد التنسيق حولها مع الأميركيين، وعلى رأسها الحرب على قطاع غزة، وإمكانية السماح لإسرائيل باستئناف القتال ضد الفلسطينيين، كون اتفاق وقف إطلاق النار ببنوده المنفذة أو تلك المرشحة للتنفيذ، في المرحلة الثانية، لا يحقق لإسرائيل أيّاً من أهدافها، سواء ربطاً بمصلحتها كـ«دولة»، أو بالمصلحة الشخصية لرئيس حكومتها، فيما الجمهور الإسرائيلي محبط من النتائج، التي لم ترقَ أبداً إلى سقف توقعاته. وتأتي هذه الزيارة تزامناً مع بدء مفاوضات المرحلة الثانية، والتي يصل إلى المنطقة من أجل إطلاق مسارها، موفد ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي سيجتمع مع نتنياهو لهذه الغاية، وسيناقش أيضاً ما واجه المرحلة الأولى من صعوبات، أو ما تصفه التسريبات بـ«التنفيذ الخاطئ للاتفاق»، للحؤول دون تكرار «الأخطاء».

ومع ذلك، وعلى الرغم من أن إسرائيل والمقاومة الفلسطينية بدأتا، حتى قبل زيارة ويتكوف، إجراء مناقشات أولية حول الخطوة التالية، وسط حديث عن التحضير للقاء عالي المستوى في العاصمة القطرية الدوحة الأسبوع المقبل، إلا أن نجاح العملية التفاوضية الجديدة في التوصل إلى نتائج أو تنفيذ هذه النتائج، من عدمه، يبدو أكثر ارتباطاً بمخرجات زيارة نتنياهو لواشنطن، ما يعني ضرورة انتظار ما سيرد من العاصمة الأميركية من مؤشرات بعد لقاء ترامب – نتنياهو، لتقدير ما سيلي. ومع أن الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، كما كل من في إسرائيل والولايات المتحدة، يرون ضرورة إنهاء حكم حركة «حماس» في قطاع غزة، وإنهاء الحركة نفسها إن أمكن، إلا أن تقبّل العجز عن تحقيق ذلك يختلف بين الجانبين، وإن نسبياً، ربطاً بالأدوات المتاحة والممكنة، وكذلك الضوابط والمحددات الأميركية والإسرائيلية، والتي يعدّ بعضها عامّاً وبعضها الآخر شخصياً، كما هي حال المصلحة الشخصية لترامب، غير المهتم كثيراً باستئناف الحرب، والمائل إلى إتمام الصفقة التي يتفاخر بأنه السبب في بلورتها، شريطة تحقّق الأهداف المشتركة بينه وبين تل أبيب في ما يخص القطاع، عبر أدوات وخيارات أخرى، غير عسكرية.

من المرجّح أن يحاول ترامب إغواء نتنياهو من خلال استخدام ورقة التطبيع المحتمل مع السعودية

على أنه إن كانت تلك هي إرادة ترامب، والتي يُفترض أن تُلزم إسرائيل ورئيس حكومتها، كما فعلت حتى الآن بعدما تراجع نتنياهو عن «ثوابته» حيال الحرب وامتثل لقرار وقف إطلاق النار، فإن تل أبيب تعمل، في المقابل، على تهيئة الظروف، من بوابة تسلّم الرئيس الأميركي الجديد منصبه، لاستئناف الحرب. ومما يعزّز تلك الفرضية التفاهم الذي توصل إليه نتنياهو مع ترامب، عبر الوزير المقرب من الأول، رون ديرمر، في وقت سابق على دخول الأخير البيت الأبيض، وعنوانه أنه إذا فشلت المفاوضات في المرحلة الثانية، فيمكن لإسرائيل العودة إلى القتال. لكن هل يكفي هذا التفاهم، أو إقدام إسرائيل على إفشال المفاوضات للحؤول دون التوصل إلى اتفاق على المرحلة الثانية، كي يسمح لها باستئناف الحرب؟ ثمة شك كبير، وخصوصاً أن فريق ترامب، المعني بالمفاوضات، لا يبدو مسلّماً للسردية الإسرائيلية حول مسار التفاوض أو جديته أو مصيره، فيما يَظهر ويتكوف مهتماً بالوقوف على كل تفصيل بنفسه، وليس بالوكالة، الأمر الذي يفسر إصراره، وإن مع تمنّع نسبي إسرائيلي، على دخول قطاع غزة، والمعاينة المباشرة لتنفيذ طرفَي الاتفاق التزاماتهما هناك، حتى يينى على تلك المعاينة مقتضاها.

وبحسب التقديرات المتداولة في إسرائيل، فمن المرجح أن يستغل ترامب عامل خشية نتنياهو منه إلى الحدّ الأقصى، وأن يحاول إغواءه بمواصلة المفاوضات وعدم العودة إلى القتال، من خلال استخدام ورقة التطبيع المحتمل مع السعودية، والذي يمكن أن يمتدّ ليشمل عدداً آخر من الدول العربية والإسلامية، ومن بينها سلطنة عمان وإندونيسيا، أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان. إذ يرى ترامب أن مكاسب التطبيع من شأنها أن تتيح لنتنياهو إقناع حتى أقصى اليمين في إسرائيل بالبقاء في ائتلافه والامتناع عن إسقاط حكومته، كون سُلّم التطبيع عالياً جداً، ويتيح له ولكل من يدعو في إسرائيل إلى العودة إلى الحرب، أن ينزلوا عن الشجرة العالية جداً، التي صعدوا إليها. وفي هذا السياق، يأتي الكشف عن قرب زيارة ويتكوف للرياض، في مسعى أوّلي يراد له أن يطلق مسار مفاوضات التطبيع المنشود.
وفي انتظار تبيّن نتائج زيارة نتنياهو لواشنطن، تبقى الأكثر ترجيحاً فرضية عدم العودة إلى الحرب، من بين فرضيات كثيرة يحيط بها العديد من الشروط والشروط المضادة، والأولويات المتباينة حتى بين الحليفين، أميركا وإسرائيل، وبين الأولى والأنظمة الحليفة لها في المنطقة.

* الأخبار البيروتية

You might also like