كل ما يجري من حولك

واشنطن تستعدُّ لـ«مرحلة جديدة»: إعادةُ انتشار أمريكية بين سوريا والعراق

18

متابعات..|  تقرير*:

كشف مصدر أمني عراقي أن الحدود العراقية – السورية تشهد تحركات للقوات الأميركية، مشيراً، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن التحوّلات الأخيرة في سوريا دفعت واشنطن إلى إعادة تقييم انتشارها في البلدين، تحسباً لأي متغير قد يحدث في المنطقة. ولفت المصدر إلى أنه «كان هناك تغيير في خارطة انتشار القوات الأميركية بعد سقوط نظام بشار الأسد»، مرجحاً أنه «مع تسلّم الرئيس دونالد ترامب السلطة، قد تعزّز الولايات المتحدة تواجدها بأعداد إضافية في المنطقة، وفي العراق تحديداً». وأضاف أن «عدداً من أفراد القوات الأميركية انسحبوا من سوريا إلى العمق العراقي، ومعهم سيارات عسكرية ومعدات، كما استنفروا على الحدود خوفاً من تسلّل مجموعات تتبع إيران أو تنتمي إلى تنظيم داعش إلى سوريا».

وفي هذا السياق، يقول عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، علي البنداوي، إن «الوضع في المنطقة غير مستقر، وهناك متغيرات حدثت وأخرى قد تحدث مستقبلاً في الشرق الأوسط. وأميركا لديها نفوذ ومصالح وتحاول أن تبقى طويلاً». ويشير، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «الأجهزة الأمنية العراقية تراقب وتمسك الحدود بشكل كامل، ومع ذلك ندعو الحكومة إلى أن تعرف طبيعة هذه التحركات ومدى خطورتها على أمن البلاد»، مضيفاً أن «العراق لديه اتفاقات عدة مع الولايات المتحدة ومنها الاتفاقية الإطار المعنية بالأمن، وهناك أيضاً اتفاقات لجدولة انسحاب واشنطن بشكل نهائي بناء على مخرجات اللجنة العسكرية العليا المشتركة بين الطرفين».

وتجري القوات الأميركية، بين حين وآخر، تحرّكات على الحدود العراقية أو إعادة تموضع لقواتها، وتنقلها من سوريا إلى العراق أو بالعكس. لكن هذه المرة، تزامنت تلك التحركات مع تنصيب ترامب رئيساً والترقب لسياسته تجاه المنطقة، وخاصة العراق الذي يزعم البعض أنه مقبل على تغييرات جذرية في نظامه، كما حدث في سوريا. ويرى السياسي العراقي، عائد الهلالي، أن «تسلّم ترامب يمكن أن يحمل انعكاسات ملحوظة على الشؤون العراقية، سواء من الناحية الأمنية أو السياسية. فعلى الصعيد الأمني، من المتوقع أن تعزز الإدارة الأميركية الجديدة تعاونها مع العراق في مكافحة الإرهاب، خاصة في مواجهة بقايا تنظيم داعش. ومن ناحية أخرى، قد يتصاعد الوجود العسكري الأميركي في العراق في إطار محاربة النفوذ الإيراني في المنطقة، وهو ما قد يؤدي إلى توترات مع القوى السياسية العراقية التي تسعى إلى الحفاظ على سيادة البلاد». ويعتبر الهلالي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «توجهات ترامب في السياسة الخارجية قد تؤثّر على علاقات العراق مع الولايات المتحدة، إذ تتّجه الإدارة إلى دعم الحركات الموالية لها بشكل أكبر، الأمر الذي قد يسبّب انقسامات داخل الحكومة العراقية بين القوى التي تدعم التعاون الوثيق مع واشنطن وبين تلك التي تعارض الوجود الأميركي».

سياسة ترامب قد تعمّق الانقسام بين القوى العراقية التي تدعم التعاون مع واشنطن وتلك التي تعارضه

ويعتقد أن «تحرك القوات الأميركية من سوريا في اتجاه حدود العراق يمكن أن يُفسَّر على أنه جزء من إعادة تقييم للوجود العسكري الأميركي في المنطقة بعد الانسحاب الجزئي من بعض المناطق السورية. إلا أن هذا التحرك قد يحمل أيضاً رسائل إستراتيجية تحسباً لتطورات محتملة، سواء أكانت مرتبطة بالنفوذ الإيراني في المنطقة أم بتحركات لتنظيمات إرهابية مثل داعش». ويضيف الهلالي أن «الهدف قد يكون أيضاً ضمان استقرار الحدود العراقية – السورية في مواجهة أي تهديدات أمنية. هذه التحركات قد تكون مؤشراً إلى تعزيز الوجود الأميركي في المنطقة بشكل عام، بما في ذلك مناطق نفوذ واشنطن في العراق، وهو ما قد يثير تساؤلات حول تأثير ذلك على العلاقات مع الأطراف العراقية المختلفة».

أما المحلل الأمني، جودت كاظم، فيرجح أن «التحركات الأميركية وتعزيز القوات بأعداد إضافية قد يعطي الحجة لفصائل المقاومة لعدم تسليم سلاحها أو الالتزام بالخطاب الحكومي الرسمي. ولذا، هناك مخاوف لدى الفصائل من أن واشنطن والحكومة العراقية تريدان الانقلاب عليها». ويضيف، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الولايات المتحدة، وخاصة مع عودة ترامب ومتغيّرات سوريا ولبنان، قد تعمل على عزل إيران تماماً عن ممارسة نفوذها في العراق، عبر ممارسة سياسة الضغط الشديد على صناع القرار أو تهديد الفصائل بعقوبات أو اغتيالات في سبيل سكوتها وعدم التمرد عليها». ويعتقد كاظم أن لدى واشنطن «تقييماً جديداً لحالة المنطقة؛ فتحرك قواتها، أو الانتقال مثلاً من شمال شرق سوريا إلى الحدود العراقية يتضمن رسائل، لا سيما أن الولايات المتحدة تتخوّف من صراع داخل سوريا مع المجاميع المسلحة الكردية، وأبرزها قسد التي ترعاها واشنطن وتريد عبرها قطع الطريق أمام تركيا، مثلما نجحت في إبعاد روسيا».

* الأخبار البيروتية

You might also like