كل ما يجري من حولك

الغزيّون على أنقاضِ منازلهم: صامدون هنا

20

متابعات..| تقرير*:

ما إن دقت الساعة الثامنة والنصف من صباح الأحد، حتى انطلق آلاف النازحين في اتجاه منازلهم في شمال قطاع غزة، حيث تَحضر آثار الإبادة لكلّ مناحي الحياة. وتصف فاتن القانوع وضع منطقة أحمد ياسين التي تقطن فيها بالمأساوي، وتقول في حديث إلى «الأخبار»: «وصلت بصعوبة بالغة إلى هنا بسبب الدمار الذي حلّ بالمنطقة، لأجد منزلي عبارة عن كومة من الحجارة». وتضيف: «رغم ما حلّ بي، من فقدان ابني ومعظم عائلتي ودمار بيتي إلا أن لساني لا ينفك عن القول: رضينا يارب فارض عنا، وأنا واثقة من عوض الله لنا». وتؤكد «(أننا) لن نترك أرضنا وسننصب هنا خيمتنا، ونعيد بناء بيتنا ليصبح أجمل مما كان عليه، فأنا واثقة بعوض الله الذي عوضني عن ابني الشهيد بطفل جديد».

ومن مخيم جباليا الذي اختفت معالمه، تحاول أم أحمد أبو حسين (44 عاماً) أن تجد المربع السكني الذي كان يضم منزلها السكني أو أي شيء يدل عليه بعدما جرف الاحتلال المنطقة. وتقول لـ«الأخبار»: «ظنّ العدو أننا سنترك أرضنا التي أجبرنا على النزوح منها تحت نيرانه الحاقدة، إلا أننا عدنا إليها بعدما خرج منها صاغراً، لنضع خيامنا فيها ونعيد إعمارها والسكن فيها، حتى نعود إلى بلدتنا الأصلية قرية نعليا المحتلة منذ عام 1948». وفي أحد شوارع مشروع بيت لاهيا، تلفت نظرك طفلة ترتدي الكوفية الفلسطينية وتحمل علم فلسطين، هاتفةً: «رغم ما أصابنا من فقد وما حل بنا من دمار فنحن المنتصرون على العدو الصهيوني»؛ تقول الطفلة منى عباس (9 أعوام)، مضيفة في حديثها إلى «الأخبار»: «نحن فدا المقاومة التي نضعها تيجاناً على الرؤوس، وما حل بنا من ظلم ودمار هو بسبب الصمت العربي والدولي الذي لم تحركه مشاهد الدماء التي تسيل بشكل يومي على هذه الأرض المباركة». ويشير شقيقها نعيم عباس (16 عاماً) إلى أنه صُدم من هول ما شاهد من دمار في منطقة سكنه التي تحولت إلى أرض رملية، مستدركاً: «سرعان ما حمدت الله، وقلت فدا المقاومة». ويضيف في حديث إلى «الأخبار»: «ستبقى المقاومة في أرضنا ولن تنسحب ولن تتخلى عنا، لأن المقاومين هم أبناء هذه الأرض وإن ذهب جيل يخلفه جيل آخر ونحن من هذه الأجيال، نحن جيل المقاومة والتحرير».

«ذُهلت من هول ما شاهدت، وكأن زلزالاً أتى على المنطقة ولم يترك أثراً لمبنى أو عمارة»

أما ملك عزيز (22 عاماً)، والتي كانت تسير مسرعة في اتجاه مدينة غزة، فتقول: «ما إن وصلنا إلى منطقتنا في بيت لاهيا، بدأت قذائف الدبابات الصهيونية تتطاير من حولنا من دون أن نجد مكاناً نحتمي به». وتصف الوضع في منطقة سكنها بالمحزن جداً، قائلة: «من شدة الدمار لم أتمكن من معرفة الشارع الذي نقطن فيه، وليس المنزل الذي عشت فيه سنين عمري». وتضيف: «رغم ذلك، نحن المنتصرون بثباتنا وصمودنا، وسنَكيد العدو الصهيوني ببقائنا في أرضنا وإعمار بيوتنا ومدينتنا. ورغم أنني أحمل الجنسية البلجيكية ويمكن لي الهجرة في أي وقت، ولكنني لن أترك أرض الجهاد والرباط مهما كان»، مشيدة بالمقاومة الفلسطينية «التي ذاقت المر مثلنا ودافعت عنا حتى دحرنا الاحتلال عن أرضنا»، محمّلةً «الأنظمة العربية والعالمية أسباب الظلم الذي عايشه الشعب الفلسطيني في غزة، فقد كان يشاهدنا نُقتل ولم يحرك ساكناً».

ومن جهته، يلفت جمال شكشك (65 عاماً) إلى أن «الشعب الفلسطيني في غزة عانى لمدة 470 يوماً ودفع ثمناً غالياً من أجل الحرية، فقد فقدنا بيوتنا وأبناءنا من دون أن نرتكب أي ذنب». ويضيف: «تصدّينا للاحتلال الإسرائيلي بثباتنا وصمودنا وضربات مقاومتنا الباسلة، وخرجنا منتصرين»، معرباً عن أمله في أن «تكون هذه آخر الحروب التي يخوضها الشعب الفلسطيني». ومن أمام ركام بيته في بلدة جباليا، وقف شادي الأسود (25 عاماً) مكبراً ورافعاً شارة النصر، قائلاً لـ«الأخبار»: «انتهت حرب الإبادة في قطاع غزة، والتي دمرت بيوتنا وكل ما يمتّ إلى حياتنا بصلة، ورغم ذلك انتصرنا على عدونا وعدنا إلى أرضنا التي هَجَّرنا منها كي يستوطن فيها». ويتابع: «أجبرت ضربات المقاومة العدو على التراجع بعدما فشلت خطة الجنرالات، ونقول لهم: إننا باقون على أرضنا مهما كلفنا ذلك من ثمن».

ويقول أبو محمد من منطقة الصفطاوي شمال قطاع غزة، بدوره، لـ«الأخبار»: «ذُهلت من هول ما شاهدت، وكأن زلزالاً أتى على المنطقة ولم يترك أثراً لمبنى أو عمارة». ويضيف: «استهدف الاحتلال الإسرائيلي في أول شهر من الحرب، المنزل الذي كنت أسكن فيه واستشهدت بناتي الأربع وأُخرجتُ وزوجتي مصابين من تحت الأنقاض». ويتابع أنه جاء ليتفقد بيت عائلته الكبيرة، «والذي كنت سآوي إليه حتى يُعاد بناء بيتي لأجده وقد سُوي بالأرض هو الآخر، محتسبين ذلك عند الله الذي سيعوضنا ويكرمنا بأفضل مما فقدنا».

* الأخبار الييروتية

You might also like