كل ما يجري من حولك

الضفة تفرحُ لحرية الأسرى وتتحضّر لعدوانٍ موسّع

21

متابعات..| تقرير*:

بات مئات الفلسطينيين ليلتهم على أرصفة شوارع مدينة بيتونيا قرب رام الله، في انتظار الإفراج عن الأسرى بموجب الاتفاق المبرم بين إسرائيل وحركة «حماس». وبعد ساعات من الانتظار في البرد الشديد، والقمع الذي تعرّضوا له من جانب قوات الاحتلال بقنابل الغاز المُسيّل للدموع، تحوّل ليل رام الله إلى نهار، بفعل الحشود الجماهيرية التي كانت في استقبال الأسرى المُفرج عنهم من سجن عوفر، في مشهد مؤثّر سعى الاحتلال كثيراً إلى منعه، حيث رفع المشاركون الأعلام الفلسطينية، بينما اعتلى الشبان المركبات والحافلات ورفعوا راية «حماس».

على أن الفرحة الكبيرة بالحرية، لم تخفِ حجم المعاناة التي عايشها الأسرى في السجون، والتي بدت واضحةً على هيئتهم. ومن بين هؤلاء، الأسيرة شيماء رواجبة، طالبة الهندسة في جامعة «النجاح»، والتي خرجت على كرسيّ متحرّك لعدم قدرتها على الحركة، بفعل تعرّضها لجريمة طبية. وعاشت الأسيرات حالة ضغط نفسي هائل خلال الأيام الأخيرة قبل الإفراج عنهن، إذ قالت الأسيرة المحرّرة، ياسمين أبو سرور، إن الاحتلال، وقبل أسبوع من دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيّز التنفيذ، عزل الأسيرات عن العالم الخارجي، وقطع عنهنّ الأخبار، حتى إنهن لم يكنّ يعرفن حتى صباح الأحد أنه سيتم الإفراج عنهن. كما تعرّض جميع الأسرى المُفرج عنهم لضغوط من قِبَل استخبارات الاحتلال، في شأن التصريح إلى وسائل الإعلام، أو إظهار أيّ معالم احتفال، تحت طائلة اعتقالهم مجدّداً.

وروت الأسيرات، في كلمات مقتضبة أمام الصحافيين، جانباً من المعاناة والأهوال التي عايشنها في سجون الاحتلال، بين التجويع والتنكيل والإهمال الطبي. ومن هؤلاء، الطالبة الجامعية أمل شجاعية (22 عاماً) من بلدة دير جرير قرب رام الله، والتي أمضت سبعة أشهر قاسية في سجون العدو، إذ أكدت أن الأسيرات «يتعرّضن يومياً للقمع والتنكيل وسحب الأغراض والممتلكات، ويعشن أوضاعاً إنسانية صعبة للغاية حيث البرد القارس ينهش أجسادهن، في ظلّ نقص في الغذاء والدواء»، مشيرة إلى أنه يتم انتهاك خصوصيتهن من خلال تفتيشهن عاريات. وذكرت شجاعية أنها خضعت، أخيراً، للتحقيق في سجن عوفر، مشيرة إلى أن الأسيرات تعرّضن لمعاملة سيئة من إدارة مصلحة السجون يوم الإفراج عنهن.

أمّا الأسيرة المحررة رغد عمرو (23 عاماً) من بلدة دورا في محافظة الخليل، والتي قضت خمسة أشهر في الاعتقال، فأكّدت هي الأخرى تعرُّض الأسيرات لتنكيل وضرب وإهانات يوم الإفراج عنهن. وقالت: «صباح الأحد، دخل مدير السجن وقال: لا يوجد أيّ إفراجات خلال الـ14 يوماً، والظهر دخل نائبه بأسلوب همجي وتعامل سيئ، وبدأ يقول: لا تجرّبوني مرّة أخرى، ممنوع ارتداء أيّ ملابس شرعية». وأفادت بأن «القوات الإسرائيلية زجّت بالأسيرات في ساحة من الحجارة والحصى، تُركنا فيها لساعات»، ثم «تمّ تشغيل شاشة كبيرة وعُرضت علينا فيديوهات تهديد وأخرى تشوّه صورة المقاومة. بعد ذلك تمّ جلب مجموعة من الأسرى الأطفال الذين كانوا في حالة مزرية للغاية»، مضيفةً: «تعرّضنا للضرب والإهانة، ثم نُقلنا إلى كرفانات وهناك أيضاً تعرّضنا للتهديد، ومن بعدها تفتيشنا شبه عرات». ومن جهتها، قالت الأسيرة المحررة، هديل شطارة، وهي أكاديمية في جامعة «بيرزيت»، إن «ثمن الحرية كان غالياً جداً، وسُدّد بدماء أهل غزة وبدمار منازلهم».

«بعد القتال الكبير في لبنان وغزة، حان وقت الضفة الغربية»

وعلى وقع الإفراج عن الأسرى، صعّدت قوات الاحتلال وعصابات المستوطنين هجماتها على مناطق متفرّقة في الضفة، حيث شنّت الأولى حملة مداهمات تخلّلتها مواجهات في بعض المناطق أوقعت إصابات في صفوف المواطنين، فيما اعتقلت عدداً من الفلسطينيين، وواصلت نصب حواجز عسكرية، وفرضت إجراءات أمنية مشدّدة في مختلف مناطق الضفة. ومن جهتهم، حاول المستوطنون إحراق محطّة وقود ومنزل في بلدة ترمسعيا قرب رام الله، وأحرقوا خمس مركبات في بلدة سنجل شمال رام الله، بينما استشهد طفل وأصيب ثمانية مواطنين، بينهم طفلان ومُسنّ، في بلدة سبسطية قرب نابلس.

لكنّ التطوّر الميداني اللافت كان في محافظة طوباس، حيث أعلن جيش الاحتلال مقتل جندي واصابة آخرين بينهم ضباط، بعضهم بجروح خطيرة، عقب انفجار عبوة ناسفة بآلية عسكرية خلال اقتحام بلدة طمون. وأعلن الناطق باسم الجيش، في بيان مقتضب صباح أمس، مقتل جندي احتياط (31 عاماً) يخدم في الكتيبة 8211 في لواء «أفرايم» المسؤول عن منطقة قلقيلية، خلال نشاط عملياتي في بلدة طمون، وإصابة أربعة جنود آخرين، بينهم قائد الكتيبة، والذي وُصفت حالته بالخطيرة. وليل أول أمس، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة طمون، حيث وقعت اشتباكات مسلحة، تخلّلها تفجير عبوات ناسفة.

وفيما تُقرع طبول الحرب في الضفة، وتجتمع أسباب عدة تدفع نحو التصعيد، بعضها يتعلّق بجوهر المشروع الاستيطاني، ولا سيما بعد الفشل في قطاع غزة، قال مراسل «القناة الـ14»، هليل بيتون روزين، تعقيباً على عملية طمون، إنه «بعد القتال الكبير في لبنان وغزة، حان وقت الضفة الغربية». وذكر موقع «حدشوت بزمان» العبري، بدوره، أن قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال ستتّخذ إجراءات أمنية، استعداداً لحالة التصعيد، حيث تعمل على تغيير خطة الدفاع، على مخارج القرى البارزة، على أن تقام نقاط فحص مأهولة قبيل دخول الشوارع الرئيسية، من أجل تقليل احتمالات عمليات إطلاق النار والدهس، بعد استخلاص العبر من عملية البونداك، وعملية معبر ترقوميا.
من جانبها، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن «قرية طمون من القرى الخمس التي نفَّذ فيها لواء الأغوار عمليات عدوانية قاسية في الأسابيع الأخيرة، وفي القرية عدد ليس قليلاً من المسلحين، ولكنّ القلق في المؤسسة الأمنية هو من تهريب المتفجرات والوسائل القتالية عبر الحدود الشرقية، والذي قد يكسر التوازن النسبي الموجود في الضفة الغربية».

* الأخبار الييروتية

You might also like