كل ما يجري من حولك

استبشار إيراني بوقف النار: ارتياحٌ لا يحجب المخاوف

20

متابعات..| تقرير*:

كان لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة صدًى واسع في إيران، إذ اعتبره الناطق باسم الخارجية، إسماعيل بقائي، «تطوّراً مهماً وانتصاراً ومثالاً للإرادة والإيمان والقدرة على الصمود في غزة». وفي مؤتمره الصحافي، أمس، قال بقائي: «لقد عبّرنا عن موقفنا في شأن وقف الإبادة الجماعية في غزة، ونعتقد بأن وقف إطلاق النار يعني توقّف مخطّط إبادة فلسطين»، مضيفاً: «بذلنا الكثير من الجهود لتعبئة المجتمع الدولي لوقف الإبادة الجماعية والجرائم ضدّ الإنسانية في غزة… وقد عُقد اجتماعان لمنظمة التعاون الإسلامي بناءً على اقتراح الجمهورية الإسلامية، وحاولنا الكثير في هذا المجال على مستوى الأمم المتحدة والمنطقة وفي المباحثات الثنائية».

وبالتزامن مع بدء سريان وقف إطلاق النار في غزة، الأحد، أقيم في طهران ملتقى لتكريم الأطباء والممرضين والمسعفين في حادثة تفجيرات «البيجر» الإرهابية في لبنان، ألقى فيه القائد العام لـ»الحرس الثوري»، حسين سلامي، كلمةً اعتبر فيها وقف إطلاق النار «انتصاراً تاريخياً ومصيرياً»، فيما عدّه قائد «قوة القدس»، إسماعيل قاآني، «أكبر هزيمة للكيان الصهيوني». وقال سلامي: «نأمل في أن يفي الكيان الصهيوني هذه المرة، عكس ما كان عليه الحال دائماً، بتعهّده. اليوم، ينتهي إطلاق النار على المظلومين في غزة، وهو انتصار تاريخي ومصيري، حيث يتبلور درس كبير». أمّا قاآني، فرأى أن «سفّاحي الكيان الصهيوني، مصّاصي الدماء وقَتَلة الأطفال، وبعد 15 شهراً من الجرائم التي لا حدّ لها ولا حصر ضدّ الشعب الفسطيني المظلوم ولبنان والمنطقة، اضطروا اليوم، وفي ذروة الذلّ والهوان، إلى قبول وقف إطلاق النار».

وفي السياق نفسه، تناولت وسائل الإعلام الإيرانية التطورات في غزة، إذ رأى غالبيتها أن إسرائيل لم تنل مبتغاها الرئيسي المتمثّل بالقضاء على «حماس» والمقاومة؛ وأنه على الرغم من القتل الواسع والدمار الهائل، فإن وقف إطلاق النار، يُعدّ من الناحية الاستراتيجية، هزيمة لإسرائيل. كذلك، رأى آخرون أن «ارتكاب إسرائيل أعمال القتل والتدمير الواسعَين في غزة، سيؤدي، على رغم وقف إطلاق النار الأخير، إلى تحرُّك المقاومة في اتّجاه اعتماد النضال بشكل أوسع». وفي صحيفة «جام جم»، كتب حسن هاني زادة في مقال بعنوان «غزة وحكم التاريخ»، أنه «بغضّ النظر عن الأضرار الجادّة التي لحقت بأهالي هذه المدينة الصغيرة، لكنّ غزة برهنت في النهاية، ومن خلال دفع أثمان إنسانية ومادية باهظة، أن دماء الشهداء تنتصر على السيف. إن شعار انتصار الدم على السيف، ليس شعاراً شكلياً وظاهرياً ومتّسماً بالعاطفة والأحاسيس، بل هو بمنزلة قوّة دافعة لجميع الشعوب الحرّة حول العالم، والتي تريد أن تقف وتصمد في وجه المستعمرين». أمّا صحيفة «جوان» القريبة من «الحرس الثوري»، فقالت: «لقد أمضى الإسرائيليون الأشهر الـ15 ونصف الشهر هذه في الحرب، لتأديب الفلسطينيين وضمان أن شبان غزة لن يلجأوا ثانيةً إلى السلاح، لكنّ عودة آلاف الفلسطينيين المناضلين إلى منازلهم المدمّرة والتي فقدوا فيها إخوانهم وأخواتهم وأطفالهم أو أقاربهم الآخرين، ستجعلهم بطبيعة الحال أكثر اقتناعاً من ذي قبل بتكرار 7 أكتوبر أضخم وأكبر».

ثمة تشاؤم في إيران إزاء مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار

ومع ذلك، فإنّ ثمة تشاؤماً في إيران إزاء مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار، إذ تطرّقت صحيفة «فرهيختكان»، في مقال لمهدي طالبي، إلى المحاولات الإسرائيلية لـ»إيجاد أجواء يكتنفها الغموض وإظهار أن الاتفاق مؤقت، وكذلك إرباك خطّة عودة النازحين وإعادة بناء غزة ولبنان وجعل المقاومة في حالة استنزاف». وحذّرت من أنه «في الظروف التي يرى فيها محور المقاومة أن أهدافه قد تحقَّقت، فإن الطرف الذي قد يستأنف الحرب على خلفية عدم رضاه عن النتائج، هو الكيان الصهيوني. لذلك، يسعى الصهاينة إلى إظهار حرصهم على استئناف الحرب، لجعل محور المقاومة في حالة تأهّب لكي يستمر مسار استنزافه». وأضافت: «أن تل أبيب، ومن أجل منع محور المقاومة من أن ينعم براحة البال، باتت بصدد فرض واقع دفاعي عليه. إن اتفاق الـ60 يوماً، يعيد إلى الأذهان أن الكيان الصهيوني لا يرغب في وقف الحرب، وقد حافظ على وضعيّته الهجومية. إن المؤامرة في سوريا، والتشويش على اليمن والالتفاف على المقاومة في العلاقات السياسية اللبنانية وكذلك عملية اغتيال قاضيين اثنين في المحكمة الإيرانية العليا، يوم السبت، كل ذلك يُظهر حاجة الصهاينة إلى الحفاظ على وضعيتهم الهجومية».

وقدّمت صحيفة «إيران» الحكومية، بدورها، في مقالها الافتتاحي بعنوان «دروس المقاومة الفلسطينية بالنسبة إلينا»، لمساعد الرئيس الإيراني علي ربيعي، التهاني بـ»النصر الكبير» لأهالي غزة، وكتبت: «هذا درس لنا وللعالم أجمع، أنه عندما يدافع شعب، وإنْ قلَّ عدده، عن بلاده وأرضه، وعندما يؤمن شعب بأحقية مقاومته، ويتوكّل على الله، فإن أيّ جيش في العالم، لا يقدر على الوقوف في وجهه، ويقضي على مقاومته. لقد دمّروا المدن، لكنهم لم يتمكّنوا من القضاء على كبرياء المقاومة وعزّتها. وطالما يثق الناس بالحكومات ويعتبرونها نابعة من وجدانهم الجمعي، فإن أيّ قوّة في العالم، لا تقدر على ضربهم».

من ناحية أخرى، يسود رأي في إيران بأن وقف إطلاق النار في غزة وخفض التصعيد في المنطقة، سيشكّلان فرصة بالنسبة إلى إدارة مسعود بزشكيان، لكي تتفرّغ للمحادثات مع الغرب في ما يخصّ البرنامج النووي ورفع العقوبات. وفي صحيفة «مردم سالاري»، كتب رحمان زين الدين: «لقد تركت أحداث الأراضي المحتلة طيلة الأشهر الـ15 هذه، آثاراً كبيرة لا يمكن إنكارها على الواقع الداخلي في إيران، وأهمها اغتيال الشهيد هنية في اليوم الأول لتولّي مسعود بزشكيان الرئاسة، والذي أدّى إلى أن تتّجه جميع الأنظار والاهتمامات نحو مسألة اختراق جسم القوات المسلحة، وأن يواجه البلد الذي مرّ بأزمة إدارة بعد استشهاد الرئيس الراحل (إبراهيم رئيسي)، يومياً المزيد من القضايا الهامشية». وأضاف: «على رغم أن قائد الثورة قال في خطب عديدة، إن إيران لم تكن على علم بالسابع من أكتوبر، لكن ونظراً إلى سياسة إيران القائمة على كون محور المقاومة وقبوله أيّ اتفاق، يتّسم بالاستقلالية، فإنه يبدو أن جزءاً من الهواجس الذهنية للمسؤولين قد أزيلت وبوسعهم الانهماك بمعالجة المشاكل الداخلية والخارجية للبلاد. وهذا موضوع مهمّ، أي أن تتمكن إيران من استعادة جزء من قوتها التي تحلّلت خلال الأشهر الـ15 الماضية، وأن تدافع بحماسة وبكل ما أوتيت من قوّة في المحادثات عن المصالح القومية والشعب الإيراني».

* الأخبار الييروتية

You might also like