كل ما يجري من حولك

توقٌ إلى تفاصيل الحياة: بمً يحلُمُ مهجّرو غزة؟

23

متابعات..| تقرير*:

النوم من دون خوف، الطهو على الغاز، تنظيف المنزل، والاجتماع الأسبوعي مع العائلة الكبيرة؛ كلها تفاصيل بسيطة في حياة الإنسان الطبيعي، إلا أنّها أصبحت حلماً بالنسبة إلى الفلسطينيين في قطاع غزة. فالغزيون جميعهم يتوقون إلى شعور بالاستقرار والأمان، بعدما حُرموا منه لأكثر من 15 شهراً، بسبب كثرة التنقل والنزوح هرباً من نيران الاحتلال.

وفي السياق، يقول معتصم مسلم، البالغ من العمر 42 عاماً، إنّه «كسر رقماً قياسياً في عدد المرات التي تنقّل بها»، بعدما حمل وعائلته أمتعتهم في حقيبة صغيرة، ثلاثين مرة، وطافوا بها «الاتجاهات الأربعة لمدينة غزة». ويضيف في حديث إلى»الأخبار»: «أحلم بنوم عميق في مكان هادئ لا يعكّر صفوه صوت قذائف الدبابات وأزيز طائرات الاستطلاع الإسرائيلية، فأنا لم أذق طعم النوم ليوم واحد».

من جهتها، تحلم أسماء الناجي (36 عاماً)، بمياه ساخنة من الصنبور، يستحمّ بها أطفالها، من دون عناء نقل المياه وتسخينها على النار، مردفةً: «أصبحنا نتشوّق إلى رؤية الإضاءة تملأ المكان في الليل، بعدما عشنا على إضاءة الهاتف المحمول طوال عام وثلاثة أشهر، التي أرهقت عيوننا». أمّا أطفالها، فهم متشوّقون للتخفف «من حمل المياه وإعداد الخبز والتوجه به إلى الطابون»، ويتساءلون عن اليوم الذي سيعودون فيه إلى دراستهم وحياتهم الطبيعية، بعدما أدركوا أنّها كانت «ثمينة للغاية».

يستصعب كثيرون العودة إلى منازلهم بعدما خطفت آلة القتل الإسرائيلية أحباءهم

وبالحديث عن حياة الغزيين قبل العدوان الإسرائيلي، تؤكد أماني السيد أنها «أدركت قيمة حياتها السابقة، ولن تتأفّف منها في حال عادت»، مشيرة إلى أنّ «ترتيب البيت والغسيل على الغسالة الكهربائية وتدريس الأولاد، كانت كلها بمثابة رفاهية». وتستذكر الثلاثينية هناء الزبدة، بدورها، اللقاءات التي كانت تجمعها وأفراد عائلتها، أسبوعياً، في بيت العائلة، قبل أن يدمّره الاحتلال ويشتّت أهله بين الشمال والجنوب، قائلةً: «كانت لقاءاتنا تتزين بالضحك والفكاهة، والمفاجآت الجميلة التي يصنعها بعضُنا لبعض في مناسباتنا المختلفة، والتي حرمنا إياها الاحتلال الذي قتل اثنين من إخوتي واعتقل آخر، وهُجّر والدي قسراً إلى جنوب القطاع».

وطاول الفقد أيضاً قلب العشرينية زينب عيسى، التي لا تزال تسترجع، على الدوام، «مساندة زوجها لها في كل جوانب الحياة، واللحظات الجميلة التي جمعتهما»، بعد مرور عام وشهرين على استشهاده. ورغم حنينها الكبير إلى المنزل الذي تركته في أول يوم من الحرب، إلا أن ذلك الحنين يخيفها، «لأنني سأعود ولن أجد زوجي الذي خطفته آلة القتل الإسرائيلية»، على حدّ قولها. أمّا يسرى بصل (40 عاماً)، فتفتقد طقوسها وحياتها المنظّمة وتدوين أهدافها اليومية، مؤكدةً لـ»الأخبار» أنّ تفكيرها إزاء أطفالها كان ينصبّ على «كيفية تطورهم وتنمية ذكائهم وحفظهم لكتاب الله»، بينما باتت اليوم تفكّر بطريقة لـ»(اختراع) الطعام لهم، في ظل المجاعة وشح الأطعمة وسعرها الخيالي إن وجدت».

وفي خضمّ المأساة نفسها، بات أقصى طموح شريف موسى أن تكون حياته بلا «شحبار واختناق واحمرار في العيون»، يتسبب به الطهو على النار. وقد دأب شريف وأولاده، منذ مدة، على ارتداء الملابس السود فقط، بعدما أصبحت ملابسهم، كما جدران المنزل وأدوات الطبخ، تتلطّخ باللون الأسود، بسبب الدخان.

* الأخبار اللبنانية

You might also like