كل ما يجري من حولك

معلومات تكشف تفاصيل الجرائم البريطانية في أفريقيا .. الوجه الحقيقي لبريطانيا العظمى (تفاصيل خطيرة)

50

متابعات /

كان الاستعمار البريطاني لا يتردّد في استعمال أقصى درجات العنف ضدّ الأفارقة، خصوصاً عندما كانت الشعوب المحلية تنتفض سلمياً أو تقاوم بالسلاح. تعالوا نتعرّف إلى هذه الجرائم ضدّ الشعب في كينيا تحديداً.

احتلّت بريطانيا العديد من الدول الأفريقية، وذلك لإنشاء موانئ لتموين سفنها المبحرة نحو المحيط الهندي والهادي، أو للاتّجار في البشر وتحويلهم إلى عبيد في خدمة الإقطاعيّين في مزارع أميركا، أو لوضع اليد على منجم ذهب أو ألماس، أو بحثاً عن الأراضي الزراعية الخصبة..

وهذه الدول هي: نيجيريا (1879)، مصر (1882)، بيتشوانالاند – بوتسوانا (1885)، روديسيا – زامبيا وزيمبابوي، نياسالاند – ملاوي (1888-1889)، كينيا وزنجبار (1890)، أوغندا (1894)، بلد أشانتي (1896 – 1897)، السودان (1899)، جنوب أفريقيا – مملكة الزولو (1879) وجمهوريات البوير في أورانج وترانسفال (1900-1902).

وكان الاستعمار البريطاني لا يتردّد في استعمال أقصى درجات العنف ضدّ الأفارقة، خصوصاً عندما كانت الشعوب المحلية تنتفض سلمياً أو تقاوم بالسلاح.

ومجازر بريطانيا في أفريقيا كثيرة لا يتسع المجال لذكرها كلّها، فقط سنذكّر هنا ببعضها:

– مجزرة “كرري” في أم درمان بالسودان، عام 1898، كانت نموذجاً للوحشيّة من أجل سيطرة بريطانيا على الأرض والثروات السودانية والانتقام لهزيمة جيشها أمام جيش محمد أحمد المهدي سنة 1881، ومقتل قائد قواتها الجنرال غوردون.

قاد الجيش البريطاني الجنرال هيربرت كيتشنير الذي سبق له أن قام بمجازر في جنوب أفريقيا، وقد قتل في ساعتين فقط أكثر من عشرين ألف سوداني، وجرح أكثر من 30 ألفاً من أنصار المهدية.

– الحرب الثانية ضدّ البوير BOERS (أحفاد المستعمرين الهولنديين الذين احتلّوا جنوب أفريقيا قرنين من قبل)، وكان الهدف منها السيطرة على مناجم الذهب والماس. ابتدأت في تشرين الأول/أكتوبر 1899 وانتهت في 31 أيار/مايو 1902 بتوقيع اتفاقية “فرينيجنج” Vereeniging عقب انتصار القوات البريطانية. بمقتضى تلك الاتفاقية، صارت جمهورية جنوب أفريقيا (الترانسفال ودولة الأورانج الحرّة) مستعمرتين بريطانيتين.

– أنزلت القوات البريطانية عقاباً جماعياً وحشياً على البوير، إذ اتّبعوا سياسة الأرض المحروقة التي دمّرت الاقتصاد الزراعي للبوير وجمعوا جميع الناجين من البوير، في معسكرات الاعتقال. وقد حصدت الحرب حياة 10 آلاف قتيل من المقاتلين البوير، إلى جانب عدد غير معلوم من الأفارقة السود (أكثر من 20 ألفاً). كما أدّى تفشّي الجوع والمرض إلى وفاة 27.927 من المدنيين البوير معظمهم من النساء والأطفال، وتمّ نفي 24 ألفاً منهم إلى خارج البلاد.

– مجازر كينيا، التي أعقبت ثورة جيش الحرية والأرض في كينيا (الماو ماو).

الاستعمار البريطاني في كينيا 
أصدرت الملكة فيكتوريا في 1 تموز/يوليو 1895، مرسوماً تعتبر فيه كينيا محمية بريطانية. وفي سنة 1920 أعلنت بريطانيا كينيا مستعمرة تابعة لها.

قاوم شيوخ القبائل الكينيون الاستعمار البريطاني، مما دفع الضابط البريطاني ريتشارد ماينرتزهاجين إلى تنفيذ مؤامرة للتخلّص منهم، فدعا رؤساء القبائل إلى اجتماع من أجل الاتفاق على إرساء الهدنة، ولما لبّوا دعوته وحضروا غير مسلحين كما اتفقوا معه أطلق عليهم النار. وقد صرّح المستكشف البريطاني الكولونيل غروغان: “لقد تخلّصنا من زعماء السود، الآن حان الوقت لإذلال واستغلال من تبقّى منهم في مشاريعنا التوسّعية”.

عانى الكينيون في ظلّ الوجود البريطاني من الفصل العنصري إذ منع السود من السكن في المراكز الحضرية وتمّ تكديسهم في “محميات محلية” تمّ تصميمها على غرار محميّات الهنود الحمر في الولايات المتحدة الأميركية. وهي عبارة عن مدن صفيح تذكّر بأحياء السود في جنوب أفريقيا في ظلّ نظام الفصل العنصري. كما أُجبر الأفارقة على حمل بطاقات مرور تعرف في كينيا باسم “كيباندي”.

فرض الاستعمار العمل الإجباري على النساء والرجال الأفارقة وتمّ استخدامهم كأشباه عبيد في المزارع، كما مات الآلاف منهم عندما سخّرتهم الإدارة الاستعمارية في بناء خط سكة حديد بطول 582 ميلاً يربط مومباسا ببحيرة فيكتوريا.

بعد الحرب العالمية الثانية أصاب الإمبراطورية البريطانية الكثير من الوهن، واستطاعت العديد من الدول التي كانت تحت الاحتلال البريطاني أن تنال استقلالها بعد أن قادت شعوبها انتفاضات تراوحت بين السلمية والمسلّحة ووجّهت في بعض الأحيان بقمع كبير يرقى إلى جرائم حرب وإبادة جماعية.

ثورة جيش “الحرية والأرض” الكيني (ماو ماو)
عناصر جيش “الحرية والأرض” الكيني “كي إل إف إيه” KLFA أو ماو ماو Mau-Mau، ينحدرون بشكل أساسي من كيكويو Kikuyu، المجموعة العرقية الرئيسية في كينيا، معظمهم من المزارعين الفقراء الذين كانوا يعيشون في التلال الخصبة الخضراء وسط كينيا: “هضاب البيض”، التي سلبها منهم المستوطنون البيض الأثرياء لزراعة الشاي والقهوة. كما ضمّ هذا الجيش أيضاً وحدات من شعب إمبو ومن شعبَي كامبا وماساي.

حين طفح كيل الأفارقة من العمل القسري والقتل خارج القانون في أماكن العمل أو السجون، وشرط حمل أوراق هوية كيباندي الموقّعة من قبل صاحب العمل الأبيض، والحظر على الأفارقة تملّك الأراضي. بدأت الإشارات الأولى لانتفاضة جيش الحرية والأرض الكيني بحلول بداية الخمسينيات من القرن الماضي، لكن في خريف عام 1952، وكردّ فعل على استمرار النظام الاستعماري البريطاني في تجاهل مطالبهم العادلة ثار الماو ماو بقيادة ديدان كيماثي الذي كان يخشاه المستعمر وتمتعض منه النخب وعلى رأسها جومو كينياتا بسبب رفضه للمساومة أو التهاون مع مسألة الاستقلال.

أعلن البريطانيون حالة طوارئ، ظلّت سارية حتى عام 1960، وبدأوا في نقل تعزيزات عسكرية إلى كينيا، ودشّنوا مرحلة قمع وحشيّ جماعيّ إذ اعتبروا كلّ الكيكويين مذنبين، ولم يُستثنَ منهم سوى الذين كانوا يقاتلون إلى جانب الجيش البريطاني.

في 21 تشرين الأول/أكتوبر عام 1956 قُبض على قائد المتمرّدين المشير ديدان كيماثي وأعدم شنقاً في عام 1957، ومصير جثته مجهول إلى حدّ اليوم، ومع ذلك استمرّت الثورة بقيادة رئيسَي وحدات ميرو بقيادة المشير موسى موارياما والجنرال بايمونج، أحد آخر جنرالات ماو ماو، الذي قُتل بعد وقت قصير من حصول كينيا على الحكم الذاتي.

لقد أدّت ثورة الماو ماو إلى مقتل 32 مستوطناً فقط خلال 8 سنوات من الطوارئ، في المقابل بلغ عدد ضحايا القمع البريطاني بحسب لجنة حقوق الإنسان الكينية نحو 90 ألف قتيل بعضهم تحت التعذيب. ومع اتساع دائرة الجرائم التي يُعاقب عليها بالإعدام خلال حالة الطوارئ لتشمل “الصداقة” مع الماو ماو شنقت الإدارة البريطانية 1090 شخصاً من دون محاكمة. كما تمّ سجن نحو 16 ألف شخص، اقتيدوا إلى معسكرات في ظروف معيشية مروّعة تعرّضوا فيها لأعمال وحشية كالإخصاء والضرب والاعتداءات الجنسيّة المتكرّرة. وقد كان جدّ الرئيس الأميركي باراك أوباما أحد المسجونين في هذه المعتقلات.

عندما وصل جومو كينياتا إلى السلطة بعد استقلال كينيا عام 1963، أمرت حكومته الماوماو بوقف القتال ضدّ ملّاك الأراضي البيض، لكنّ الماو ماو اشترطوا إعادة جميع الأراضي التي صادرها المستعمر البريطاني إلى أصحابها الأصليين، والاعتراف بجيش تحرير الماو ماو كجيش وطني وإغلاق القواعد العسكرية البريطانية في البلاد، ومحاكمة ملّاك الأراضي على جرائم ارتكبوها ضدّ الشعب الكيني، ومساعدة أسر المناضلين الذين ماتوا خلال حرب الاستقلال الوطني.

رفضت حكومة كينياتا هذه الشروط واستخدمت أساليب القمع نفسها التي كان يستخدمها الجيش الاستعماري ضدّ الماو الماو. كما استمرّ حظر منظّمة ماو ماو التي قدّم أعضاؤها التضحيات الجسيمة من أجل تحرير كينيا، بل اعتبروا “إرهابيين” ولم يُرَدّ لهم الاعتبار إلا عام 2003. في عام 2006، أقيم تمثال في وسط نيروبي لديدان كيماثي، بمناسبة ذكرى شنقه.

الاعتراف البريطاني بالمجازر
في عام 2009، رفعت شركة المحاماة “كو آند لي داي” في لندن دعوى نيابة عن 5 كينيين مسنين طالبوا بتعويضات عن معاناتهم في معسكرات الاعتقال التي أقامتها بريطانيا في كينيا. وفي عام 2012، رفع 3 كينيين: باولو موكا نزيلي (تمّ إخصاؤه في المعسكرات البريطانية)، وامبوجو وا نينجي (تعرّض للضرب المبرّح) وجين موثوني مارا (كان ضحية للعنف الجنسيّ) دعوى قضائية ضدّ الإدارة البريطانية وقد تمكّنوا من الفوز بقضيتهم بعد معركة قضائية شرسة استمرت 4 سنوات.

في عام 2013، اعترفت لندن بجرائمها في كينيا وقد صرّح وزير الخارجية وليام هيغ بهذا الصدد أمام مجلس العموم: “تعترف الحكومة بأنّ الكينيين تعرّضوا للتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة على أيدي الإدارة الاستعمارية”، وأضاف أنّ الحكومة “تأسف بشدة لوقوع تلك الانتهاكات” من دون الذهاب إلى حدّ تقديم اعتذار حقيقيّ.

You might also like