كل ما يجري من حولك

الحركات الاستيطانية الصهيونية تبدأ بتحقيق أحلام الاستيطان في لبنان وسوريا بدعم جيش الاحتلال الإسرائيلي

123

متابعات /

ظهرت العديد من الحركات الاستيطانية الطامحة لبناء مستوطنات في كلّ من: لبنان والجولان السوري المحتل، وأبرزها “أوري تسافون” التي قامت بأوّل محاولة للاستيلاء على أراضٍ في جنوب لبنان.

 

لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بالجرائم التي ارتكبها بحقّ الشعب اللبناني، بل حاول غرس أنيابه السامّة في هذا البلد، ظنّاً منه أنّ الظروف الحالية أصبحت مؤاتية لتحقيق أحلامه الاستيطانية (الجديدة القديمة) وتحويلها إلى حقيقة قائمة.

من هنا، لم يكن عناصر “جيش” الاحتلال هم الوحيدين الذين توغّلوا في الأراضي الجنوبية مع سريان الهدنة، بل إنّ عدداً من زعماء وأعضاء الحركات الاستيطانية استغلّوا احتلال “جيشهم” للمناطق اللبنانية المحاذية للحدود، للدخول إليها، والإعلان عن مخطّطاتهم الاستيطانية المستقبليّة فيها، والتي لم تكن سوريا بمنأى عنها.

تحرّكات المجموعات الاستيطانية في لبنان وسوريا
في أوائل شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي، ظهرت العديد من الحركات الاستيطانية الطامحة لبناء مستوطنات في كلّ من: لبنان والجولان السوري المحتلّ، وأبرزها “أوري تسافون” التي قامت بأوّل محاولة للاستيلاء على أراضٍ في جنوب لبنان.

ظهرت حركة استيطانية أخرى تدعى “ناشالا” المتطرّفة – بقيادة دانييلا فايس، التي قادت الجهود في الأشهر الأخيرة لإعادة التوطين بغزة – وجاهرت علناً بالدعوة إلى الاستيطان اليهودي في كلّ من غزة ولبنان، مشيرة إلى أنّ “الردّ على الفوضى في سوريا، هو الاستيلاء على الأراضي وإقامة المستوطنات اليهودية”.

وتُعرب حركة “ناشالا” عن قناعتها بأنّ “الاستيطان اليهودي هو الشيء الوحيد الذي سيحقّق الاستقرار والأمن الإقليميين لدولة إسرائيل، إلى جانب اقتصاد مستقرّ وصمود وطني وردع”، مشدّدة على أنّ “أرض إسرائيل هي ملك لأجدادنا ولا يجوز تركها للأجانب”، بحسب ادّعائها.

اللافت أنّ دانييلا فايس كانت أرفقت منشوراتها على “فيسبوك” بخريطة توراتية بعنوان: “حدود إبراهيم”، حيث تشمل أراضي لبنان بأكمله، بالإضافة إلى معظم سوريا والعراق.

مشاريع هذه المجموعات الاستيطانية مثل حركة “ناشالا” وغيرها، ليست مجرّد كلام نظريّ. إذ قامت بالفعل برسم خريطة للمواقع التي تطمح لبناء مستوطنات يهودية في جميع أنحاء القطاع، وزعمت أنّ أكثر من 700 عائلة إسرائيلية التزمت بالانتقال عند توفّر الفرصة (وقد زارت دانييلا فايس بنفسها القطاع برفقة حراسة عسكرية لاستكشاف مواقع محتملة).

أطماع الاستيطان جنوب سوريا؟
في غضون ساعات بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، كانت قوات الاحتلال، قد بدأت بالفعل في التوغّل داخل الأراضي السورية، حيث سيطرت على الجانب السوري من جبل الشيخ/جبل حرمون، والمنطقة العازلة بين سوريا ومرتفعات الجولان التي تحتلّها “إسرائيل” منذ أكثر من نصف قرن. وبعد وقت قصير دخلت مجموعة استيطانية تلك الأراضي المحتلة، من أجل استكشافها تمهيداً لإقامة مستوطنات فيها لاحقاً، وترسيخ السيطرة الإسرائيلية على تلك المنطقة.

ولهذه الغاية كتب أحد أعضاء حركة “أوري تسافون” في مجموعة “الوتسأب” الخاصة بها قائلاً: “علينا أن نغزو وندمّر. بأقصى قدر ممكن وبأسرع وقت ممكن”.

وبالمثل، أكد عضو آخر: “إننا نحتاج إلى التحقّق وفقاً للقوانين الجديدة في سوريا، إذا كان يُسمح للإسرائيليين بالاستثمار في العقارات وبدء شراء الأراضي هناك”. وفي مجموعة “واتسأب” أخرى للمستوطنين، تبادل الأعضاء خرائط لسوريا وحاولوا تحديد مناطق محتملة للاستيطان.

مجموعة “أوري تسافون” الاستيطانية
تأسست هذه المجموعة، التي سمّيت على اسم آية من “الكتاب المقدّس” تعني حرفياً “استيقظ يا شمال”، في أواخر  آذار/مارس 2024، في ذكرى جندي إسرائيلي يدعى يسرايل سوكول الذي يبلغ من العمر 24 عاماً، وكان قُتل في غزة، في كانون الثاني/يناير 2024. ووفقاً لعائلته، لطالما حلم سوكول ليس فقط بالمستوطنات الإسرائيلية في غزة، لكن أيضاً بالاستيطان في لبنان نفسه.

تعتبر مجموعة “أوري تسافون”، التي جمعت عدة آلاف من أتباعها، أنّ “استيطان لبنان هو ضرورة عملية، ووسيلة لمنح الأمن الحقيقي والمستقرّ لشمال” فلسطين المحتلة، استناداً لقناتها الرسمية على تطبيق واتسأب.

أما هدفها الرئيسي فيتمثّل بالسعي إلى ما تسمّيه “استعادة الأراضي التي تقع ضمن الحدود التوراتية لأرض إسرائيل”، فضلًا عن المطالبة ليس فقط بالحرب وإعادة الاحتلال، إنما أيضاً ببناء مستوطنات مدنية إسرائيلية في جنوب لبنان. وتدّعي المجموعة أنّ “الامتداد الحقيقي للجليل الشمالي الإسرائيلي، يصل شمالاً حتى نهر الليطاني في لبنان”.

وتعقيباً على ذلك قال إلياهو بن آشر، أحد الأعضاء المؤسّسين لـ”أوري تسافون”، إن “الحدود الإسرائيلية اللبنانية هي حدود استعمارية سخيفة”، مستنداً إلى تصريحات سابقة تجادل بأنّ “ما يسمّى بجنوب لبنان هو حقاً وبكلّ بساطة الجليل الشمالي”.

أكثر من ذلك، نمت المجموعة بسرعة بعد إطلاقها في الأشهر القليلة الماضية، بحيث باتت منتديات الوتسأب الرسمية التابعة لها، تضمّ الآن نحو 3 آلاف عضو من مختلف أنحاء “إسرائيل”. كما يتشارك قادة المجموعة، فيما بينهم، باقتراحات لأسماء عبرية لاستبدال أسماء المدن والبلدات والقرى الجنوبية الحالية، وينشرون إعلانات لرحلات تجديف مستقبلية في جنوب لبنان، مع كلمات تقول: “ليس حلماً، إنه واقع”.

وعلى المنوال ذاته، أطلقت “أوري تسافون” أيضاً فعّاليات متعددة، بغية تعزيز وجودها على الأرض. لذلك، قادت حملات لتوزيع الملصقات في المستوطنات الشمالية، حيث أصبحت الأماكن العامّة، بما في ذلك الملاعب والملاجئ مليئة باللافتات الداعية إلى استيطان لبنان.

ونظّمت مجموعة “أوري تسافون” أولى احتجاجاتها على جانب الطريق خارج كيبوتس “ألونيم” في 10 نيسان/أبريل 2024. آنذاك تجمّع الأعضاء لدعم الاستيطان في جنوب لبنان، ومن هناك، توجّهوا إلى شمال فلسطين لمدة ساعة وتسلّقوا جبل ميرون حيث يساعد ارتفاعه على رؤية لبنان، ثم كتبوا على “الوتسأب”: “نظرنا إلى لبنان. إن شاء الله، سنصل إلى هناك قريباً”، مع صورة للمجموعة على قمّة الجبل.

وعليه، منذ ذلك الحين، تجمّع العشرات من أعضاء “أوري تسافون” مراراً في احتجاجات مشابهة. في إحدى هذه الفعّاليات، استخدموا الطائرات من دون طيار والبالونات لإرسال منشورات إلى الجانب اللبناني من الحدود تحمل الكلمات: “تحذير! هذه هي أرض إسرائيل التي تنتمي لليهود. يجب عليكم إخلاؤها فوراً”. في مناسبة أخرى، أقامت المجموعة معسكر شباب ليليّاً بالقرب من الحدود للعائلات المستعدّة للاستيطان، وكتبوا: “من خلال الاقتراب الجسدي من الحدود، نعبّر عن رغبتنا في استيطان جنوب لبنان”.

“أوري تسافون” والتسلل إلى مارون الراس وسوريا
في 5 كانون الأول/ديسمبر 2024، عبَر مؤسس المجموعة، آموس عزاريا، وهو أستاذ في علوم الحاسوب بجامعة “أريئيل” في الضفة الغربية المحتلة، الحدود إلى لبنان برفقة 6 عائلات في محاولة لإنشاء بؤرة استيطانية، حيث وصلوا إلى بلدة مارون الراس، على بعد نحو كيلومترين داخل الأراضي اللبنانية، وزرعوا أشجار الأرز “تخليداً لذكرى جندي إسرائيلي” قُتل بنيران المقاومة قبل شهرين. وبعد مرور عدة ساعات، عمدت القوات الإسرائيلية إلى إخلائهم وإعادتهم إلى “إسرائيل” حرصاً على حياتهم، كما قالت.

بموازاة ذلك، وخلال “المؤتمر الأول للبنان” الذي عقدته المجموعة عبر تطبيق زوم في حزيران/يونيو 2024، كان الأعضاء يناقشون بالفعل الاستيطان في سوريا. ولهذه الغاية، قال الدكتور حجّي بن آرتزي، صهر بنيامين نتنياهو وعضو المجموعة، للحضور: “إن حدود إسرائيل يجب أن تكون تلك التي وُعد بها الشعب اليهودي في الأزمنة التوراتية: لا نريد حتى متراً واحداً وراء نهر الفرات. نحن متواضعون. [لكن] ما وُعدنا به، يجب أن نغزوه”.

وأضاف عزاريا لمجلة “The Hottest Place in Hell” الإسرائيلية: “دعونا الحكومة للاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي التي كانت سورية”.

وفي 11 كانون الأول/ديسمبر الفائت، ادّعت مجموعة صغيرة من المستوطنين، أنها عبرت إلى منطقة من الأراضي السورية الواقعة الآن تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، حيث صوّر المستوطنون أنفسهم وهم يصلّون.

“أوري تسافون” ومخطّط بعيد المدى
في الحقيقة، يبدو أنّ “مجموعة أوري تسافون” الاستيطانية ليست بوارد التراجع عن مخطّطاتها بشأن الاستيطان في جنوب لبنان. فهم يرون أن إخلاءهم هو الخطوة الأولى تطبيقاً لخطة عمل طويلة المدى ميّزت حركة المستوطنين منذ بدايتها قبل أكثر من نصف قرن.

وتبعاً لذلك، أوضح آموس عزاريا قائلاً: “في المرة الأولى عندما يتمّ إجلاؤنا، نذهب. في المرة الثانية، نبقى لفترة أطول. في المرة [الثالثة]، نبقى طوال الليل. هكذا سنستمرّ حتى تكون هناك مستوطنة. في البداية، [الجيش] يهدمها، ثم يتوصّلون إلى اتفاق على أن تكون هناك مستوطنة واحدة، وهذا كلّ شيء. وفي الوقت نفسه، نبدأ العمل على المستوطنة التالية”.

You might also like