أمريكا تستعدُّ للحرب بتحرّكات برية على أرض اليمن (تفاصيل)
أمريكا تستعدُّ للحرب بتجهيز القواعد وتعزيز الشراكات
متابعات..| تقرير*:
ينتظر الكيان الصهيوني عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في الـ20 من الشهر الحالي، للبدء في تنفيذ خطة جديدة لتقويض القدرات اليمنية وإبطال فاعليتها في استهداف إسرائيل، ومنع صنعاء من استخدام البحر الأحمر وباب المندب في حصار «تل أبيب». وتنقل وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر توقّعها أن يتحرّك ترامب لضرب حركة «أنصار الله»، وحديثها عن مسارين في الخطة الأميركية: الأول، تكثيف الضربات العسكرية؛ والثاني، التوجّه إلى دول الخليج ودفعها إلى رفع مستوى تحالفها ضد اليمن. وبالفعل، تعمل إسرائيل وشركاؤها الدوليون، وخصوصاً الولايات المتحدة وبريطانيا، على تجهيز قوة كافية للقيام بعمليات على نطاق واسع ولمدة طويلة. وبحسب المعطيات، فإن العمل جارٍ لردم الفجوات الناتجة من بعد المسافة والضعف الاستخباراتي، واللذين لا يسمحان بالاستجابة الفورية والسرعة اللازمة في ضرب الأهداف التكتيكية.
ذلك أن تحرك التحالف الدولي وإسرائيل بسرعة لإحباط الهجمات على السفن العسكرية أو التجارية المتجهة إلى ميناء إيلات أو غيره من الموانئ الإسرائيلية، يتطلب حراسة بحرية قريبة أو حاملة طائرات. أما إذا أرادا ضرب أهداف تكتيكية في البر، ولا سيما إذا كانت متحركة، فهما بحاجة كذلك إلى التحرّك السريع. وفي كلتا الحالتين، يحتاج التحالف الأميركي – البريطاني – الإسرائيلي إلى إطلاق هجماته من مطارات تبعد آلاف الكيلومترات، ما يمثّل تحدياً في مجال الاستخبارات والاستهداف والتزوّد بالوقود، ويجعل من المستحيل الاستجابة العاجلة لموقف تكتيكي متطوّر. ومن هنا، تعمل إسرائيل والجهات الدولية على بناء مجموعة كاملة من العمليات والقدرات، لتكون جاهزة في الوقت المناسب. ومقتضى الحال أن بناء تلك القدرات أو تجهيزها يستدعي شراكات محلية وإقليمية ودولية، وهذا ما أكّدته صحيفة «واشنطن بوست» بالقول إن التحضير لتوسيع الحملة على اليمن يستدعي عمليات عسكرية وسياسية من دول أخرى في الشرق الأوسط وخارجه.
وفي هذا السياق، كشف موقع «ماريتايم إكزكيوتيف» عن استعدادات كبيرة في مطار جزيرة عبد الكوري، التي تُعتبر ثانية أكبر جزيرة في أرخبيل سقطرى اليمني. ويكتسب المطار المذكور، إلى جانب قناة «غاردافوي»، أهمية استراتيجية كبيرة، بالنظر إلى أن الطائرات التي تنطلق منه يمكن أن تهيمن على قنوات الشحن عبر خليج عدن إلى مضيق باب المندب، وقد تحافظ على وجود مستمر أو على قدرة على الاستجابة السريعة لتنفيذ مهام تكتيكية رداً على التهديدات العابرة للشحن التجاري. ونشر الموقع صوراً لأعمال التشييد في المطار، والتي بدأت عام 2021، تظهر أن وتيرة الأعمال تسارعت في الأسابيع الأخيرة ليصبح طول المدرج 1800 متر، وهو جاهز ومطليّ بعلامات المسافة وأخرى على شكل مفاتيح البيانو في الطرف الجنوبي، فيما ثمة فجوة إذا ما تم ردمها يكتمل المدرج ليصبح بطول 2400 متر. كما تم تعبيد ساحة المطار، وهي كبيرة بما يكفي لاستدارة الطائرات الزائرة.
بناء القدرات للهجوم على اليمن يستدعي شراكات محلية وإقليمية ودولية
كذلك، تشير الصور إلى أنه عند الانتهاء من بناء المرفق، من المتوقّع أن يكون المدرج قوياً بما يكفي لدعم مجموعة كاملة من الطائرات الهجومية والاستطلاعية البحرية وطائرات النقل الثقيلة، في حين تم تشغيل مصنع سحق على بعد ثلاثة أميال إلى الجنوب الغربي، مع شاحنات تنقل المواد الخام لبناء الأساسات الكافية لتحمل وزن الطائرات الكبيرة. وتم، أيضاً، بناء ما يبدو أنه ثكنة عسكرية تضم عشرة منازل جديدة في خيصة صالح، على بعد أربعة أميال إلى الغرب من المطار، مع ظهور علامات الاستخدام الكثيف للطريق بينهما. ويظهر، إلى جانب ما تقدّم، أن رصيفاً جديداً تمّ إنشاؤه على شاطئ كيليميا، المواجه للجنوب وفي ظل حماية الجزيرة، وبالتالي فهو محميّ بشكل أفضل من هجوم محتمل بطائرات من دون طيار من قبل «أنصار الله»، مقارنة بالرصيف المعرّض للعواصف، والذي كان يُستخدم سابقاً على الساحل الشمالي.
ولا تتوقّف الخطة الأميركية – البريطانية – الإسرائيلية على الاستفادة من الموارد والجغرافيا العربية في استهداف اليمن، بل إنها ترتكز أيضاً على العنصر البشري العربي، وبالتحديد الخليجي واليمني، إذ لا بد من تحرّك قوات عسكرية برية على الأرض، وهذه لن تكون أميركية أو بريطانية أو إسرائيلية. وذكرت «القناة 12» الإسرائيلية أن قوات عربية تستعد للتمركز على الأرض، وأن من غير المرجّح أن تنخرط كل من السعودية والإمارات منذ اللحظة الأولى في الحملة، وقد يكون من المفضّل لهما الانتظار حتى انتهاء العمليات الأولى، فإذا جاءت النتائج لغير مصلحة التحالف الغربي – الإسرائيلي، واستمر اليمن في هجماته لإسناد قطاع غزة، فإنهما لن تقدما على الانخراط العلني. أما إذا أدّت العملية إلى إنهاك قوات «أنصار الله»، فإن مشاركة كل من الرياض وأبو ظبي تصبح مرجّحة من خلال القوات المحلية التي تتبع لكل منهما، مع التذكير بأن تلك القوات تُجري استعدادات للمشاركة في الحملة البرية على الشمال، على أن يأتي تحرّكها في المرحلة الثانية، أي بعد إنهاك قوات الجيش اليمني بالهجمات الجوية.
وسيجري ذلك بالتزامن مع محاولات تأليب البيئة الحاضنة للحركة وتحريضها على التمرد من خلال الضغط العسكري والمعنوي من القوى المحلية المشاركة مع قوى العدوان، وتدفيعها الثمن الناتج من تدمير البنية التحتية والاقتصادية وإحداث مجازر في صفوف المدنيين. كما نقلت تقارير صحافية أن العمل جار لاستقدام مرتزقة سودانيين لزجّهم في المعركة على الأرض، إلى جانب القوات المحلية. وفي هذا السياق، قال مصدر أمني إسرائيلي لصحيفة «التايمز» البريطانية: «خلال الأسابيع القليلة الماضية، قمنا بالرد مرة أو مرتين، لكن ينبغي القول إننا لم نعد ننظر إلى الأمر باعتباره تبادلاً للضربات. والآن سندخله بكل قوتنا وهذا يعني أن هناك خطة لتصعيد الإجراءات في إطار الارتباط باستراتيجية أوسع بكثير».
كذلك، تفيد تقارير دبلوماسية بأن الولايات المتحدة تستعد لقيادة توسعة نطاق الهجمات على اليمن، وإن كانت بعض الجهات في إسرائيل توقّعت أن يحصل ذلك قبل تسلّم ترامب الرئاسة. وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن واشنطن أبلغت تل أبيب بنيتها زيادة معدّل الهجمات واستثمار المزيد من الموارد الاستخباراتية في هذا المجال. غير أن إسرائيل ترى تلك الزيادة غير كافية، فيما وضع خبراء عسكريون التصعيد الأميركي الأخير في إطار التمهيد لعمليات أوسع في المستقبل القريب.
* الأخبار البيروتية