المرصد السوري لحقوق الإنسان يثير جدلاً كبيراً وواسعاً حول دقة بيانات عدد ضحايا النزاع المستمر في سوريا وهذ تفاصيلها
متابعات /
نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان تقريرًا جديدًا كشف فيه عن حصيلة محدثة لعدد ضحايا النزاع المستمر في سوريا منذ عام 2011 وحتى نهاية عام 2024 ، التقرير الذي حمل أرقامًا صادمة ومتناقضة أثار الكثير من الجدل حول دقة البيانات المنشورة عن عدد الضحايا.
ووفقًا للمرصد، فقد تم توثيق مقتل أكثر من 528 ألف شخص خلال النزاع الدامي في سوريا، موضحاً أن هذه الحصيلة تشمل آلاف القتلى الذين تأكدت وفاتهم حتى نهاية العام 2024 بعد الوصول إلى أقبية المعتقلات ومراكز الاحتجاز والسجون، بالإضافة إلى المقابر الجماعية التي تم اكتشافها في أنحاء البلاد بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.
وأشار المرصد في تقريره إلى أن ما يزيد على 6700 شخص قُتلوا في سوريا خلال عام 2024 وحده، إضافة إلى توثيق مقتل أكثر من 65,275 مدني في سجون النظام السابق، موضحًا أن أكثر من نصف هؤلاء الضحايا كانوا من المدنيين.
الجدير بالذكر أن الحصيلة الجديدة التي نشرها المرصد السوري جاءت متضاربة مع أرقام سابقة نشرها في 16 مارس 2023، ففي ذلك التقرير، ذكر المرصد أنه وثق بالأسماء مقتل أكثر من نصف مليون شخص منذ عام 2011 وحتى نهاية عام 2022، من أصل ما لا يقل عن 600 ألف قتيل تأكد من وفاتهم خلال تلك الفترة.
وفي البيان الصادر في 16 مارس 2024 أفاد المرصد بأن عدد الضحايا الموثقين بالأسماء بلغ 507,567 شخصًا من أصل 617,910 قتلى على مدار 13 عامًا.
هذا التضارب في الأرقام التي نشرت من طرف المرصد السوري أثار تساؤلات -المراقبين- حول منهجية جمع البيانات ودقة التوثيق في ظل التعقيدات السياسية والإنسانية وبزوغ نزاع جديد بين فصائل تركيا والولايات المتحدة التي تشهدها سوريا.
ويتساءل المراقبون كيف يمكن للمرصد العام الماضي التأكيد عن مقتل 617,910 شخصاً حتى نهاية العام 2023 إضافة إلى توثيقة مقتل 6700 شخص خلال العام 2024، فيما ينشر اليوم حصيلة أقل بكثير مما نشره خلال الثلاث السنوات الماضية والتي أعلن أنها بلغت 528 ألف شخص
كما شكك المراقبين- أيضاً بصحة هذه التقارير الجديدة بكونها جاءت في ظل استمرار النزاع في سوريا بين الفصائل المسلحة المدعومة من واشنطن وأنقرة، وسط اتهامات متبادلة بين أطراف الصراع بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان، خاصة تلك الجرائم التي ترتكب من قبل الفصائل المسلحة المحسوبة على حكام سوريا ما بعد الأسد بحق مؤيدي ومنتسبي الجيش السوري السابق.
وتساءل المراقبون من جديد حول مدى دقة الأرقام المعلنة، خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي يصعب فيها عمليات التوثيق في مناطق النزاع، بدءًا من صعوبة الوصول إلى جميع المواقع، مرورًا بغياب الشفافية، وانتهاءً بتسييس البيانات من قبل المعارضة لنظام الأسد والذي يعد المرصد السوري المحسوب على حركة الإخوان في سوريا أحد أركان تلك المعارضة.
وأكد المراقبين والمهتمين بالشأن السوري، أن الحديث عن ضحايا جرائم القتل في عهد النظام السابق، في ظل تضارب الحصيلة للمرصد السوري الذي يصنف بأحد خصوم النظام السابق، أضاف بعدًا آخر من التعقيد والجدل حول صحة ما يتم تداوله عن جرائم نظام الأسد.
ويمكننا القول أن مأساة النزاع السوري طوال 14 عاماً والنزاع الحاصل بين فصائل حكام سوريا الجدد تظل واحدة من أكثر الأزمات تعقيدًا في العصر الحديث، حيث تتجاوز آثارها الأعداد المعلنة للضحايا لتشمل ملايين النازحين واللاجئين والمفقودين، ومع تضارب بيانات الضحايا، والجرائم التي ترتكب بحق منتسبي ومؤيدي النظام السابق والأقليات العلوية والمسيحية على يد حكام سوريا الجدد رغم تعهداتهم بإقرار قانون العفو وإنشاء سوريا جديدة تكفل لكل السوريين حقوقهم، تزداد الحاجة إلى تحقيق دولي مستقل لتوثيق الحقائق ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتُكبت والتي ترتكب الآن بعد سقوط النظام السابق بحق الشعب السوري.