كل ما يجري من حولك

القرضُ الحسن في لبنان ينهضُ من بين الركام برافعة “ثقة الناس”

21

متابعات..| تقرير*:

أثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان طال الإجرام الإسرائيلي مباني القرض الحسن في أغلبية الاراضي اللبنانية، من الضاحية الجنوبية لبيروت، إلى النبطية وصور في الجنوب، وصولاً الى بعلبك والهرمل. لكن انتفضت الجمعية من تحت الركام خلال 5 أيام فقط بعد أن وضعت الحرب أوزارها.

الجمعيةُ المالية الاجتماعية التي خرَجت من بيئة المقاومة وعمِلت على خدمتِها والوقوفِ الى جانبِها منذُ العامِ 1982، لم تنحنِ أمام العدوان الواسع الذي طالها، وما استهدافها خلال الحرب إلا محاولة بائسة لكسر إرادة القيمين على هذه المؤسسة التي وجدت لخدمة المواطنين اللبنانيين من كافة الطوائف والمناطق.

فعادة المؤسسة في وقت قياسي مباشرة عملها، وأفاد مصدر في إدارة المؤسسة أن الجمعية تقصدت الإسراع باستئناف أعمالها في أغلبية الفروع لتلبية حاجات الناس سريعاً بعد الحرب، برغم الدمار الواسع الذي لحق بأغلبية فروعها. وأكد المصدر “بأننا استطعنا أن نبني ثقة مع الناس طيلة 40 سنة، لذلك لم يقلق المودعون على أموالهم وحقوقهم، بل أبدو تضامناً كبيراً مع المؤسسة جراء القصف الإسرائيلي التي تعرضت له أثناء الحرب”. وعن الحديث مع مواطنين تعاملوا وما زالوا مع القرض الحسن، فانَ الوقوفَ الى جانب هذه المؤسسة اليوم لا ينفصل عن وقوفهم إلى جانب المقاومة.

مؤسسة القرض الحسن “جمعية مالية اجتماعية

تهدف الجمعية إلى تقديم “قروض حسنة” بدون فوائد، مركزةً على دعم الفئات المحتاجة وتقديم قروض لتغطية الاحتياجات الاجتماعية والإنتاجية. وقد توسعت فروعها لتصل إلى 34 فرعاً حتى العام 2023. عام 2007 و2016 فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على مؤسسة القرض الحسن، واتهمتها “بنقل أموال بشكل غير مشروع” إلى حزب الله، وقالت في بيان لها إن هذه المؤسسة “تقوّض استقرار الدولة اللبنانية”.

جاء قرار استهداف المؤسسة أثناء الحرب في سياق سنوات من التحريض والعقوبات الأميركية، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، أثناء الاستهداف بأن المؤسسة “تشارك في تمويل النشاطات الإرهابية لحزب الله ضد إسرائيل”. ولم تسلم المؤسسة من الاتهامات الباطلة من بعض وسائل الإعلام المحلية اللبنانية.

في أعقاب الانهيار الاقتصادي الذي ضرب لبنان عام 2019، أطلقت الجمعية قروضاً جديدة تستهدف المشاريع الزراعية والصغيرة والحرف اليدوية، وقد اتسعت قاعدة العملاء بعد عام 2019، لتشمل كافة شرائح المجتمع ومختلف الطوائف لا سيما في المناطق التي تتواجد فيها فروع المؤسسة. فاتخذت بذلك الجمعية على عاتقها هم رفع الكثير من الأعباء عن العائلات الفقيرة بقروض ميسرة في أزمة لبنان المالية، التي تسببت فيها المصارف اللبنانية بالإضافة إلى فساد مؤسسات الدولة، والمفارقة، تكرار اتهام المؤسسة بأنها “مصرف تابع لحزب الله”. في حين تؤكد المؤسسة بأنها “جمعية مالية”، وكما جاء في السياق القانوني، تعرف الجمعية على أنها شخص معنوي لبناني مُرخص منذ العام 1987 من وزارة الداخلية وهي تعمل وفق القوانين اللبنانية (علم وخبر 217 أ.د). وعمل الجمعية ذو طابع خيري واجتماعي. وبالتالي هي ليست مصرفاً بل جمعية تستقطب المساهمات من أجل الخير وتعطيها كقروض بدون فوائد لكل الناس المحتاجين لها ولآجال ميسرة.

المؤسسة التي استهدفت خلال عدوان تموز 2006 أعاد العدو استهدافها في حرب لبنان الأخيرة بشكل أوسع. لكن نهضت مؤسسة القرض الحسن من جديد رغم حملة التدمير التي تعرضت لها. وأعادت تقديم خدماتها للناس غير آبها بالتحريض الذي تعرضت له، بهدف شرعنة تدميرها على أنها أهداف عسكرية. وأثبتت الجمعية للمودعين أنها جديرة بالثقة حتى باتت اليوم الملاذ الأخير للبنانيين بعد أن سرقت البنوك أموالهم.


الكاتب: حسين شكرون

* الخنادق

You might also like