كل ما يجري من حولك

الضفة.. «جمر تحت الرماد» يؤرق إسرائيل

20

متابعات..| تقرير*

تبدي إسرائيل اهتماماً بالغاً بتطوّر الأوضاع في الضفة الغربية، حتى في الوقت الذي تتسارع فيه الأحداث في ساحات كبرى أخرى، على غرار ما جرى في سوريا أخيراً. ومع أن الضفة قد تكون من بين الساحات الأقلّ زخماً، ميدانياً، إلّا أن إسرائيل تنظر إلى ذلك بعين الريبة، على افتراض أن اشتعالها ممكن في أيّ لحظة، وأن أيّ تصعيد فيها له تأثير على الكيان، بحكم الجغرافيا والاحتكاك. وضمن هذا المفهوم الإسرائيلي لِما يمكن أن تلعبه الضفة من دور في إشعال المنطقة، والضرر الذي سيَلحق بالأمن الإسرائيلي من جراء ذلك، يصِل جيش الاحتلال الليل بالنهار هناك، إذ لا يكاد يوقف عمليات الاقتحام والمداهمة والاعتقالات، فضلاً عن القتل والقصف الجوي، في إطار سياسته المعروفة بـ»جزّ العشب»، والقاضية بعدم السماح للمقاومة بالنموّ والتوسّع. وفي هذا الإطار، أعلن جيش الاحتلال، أمس، اعتقال أكثر من 50 فلسطينياً في الأيام الماضية.
وبينما تولي القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية اهتماماً كبيراً بتطوّرات الوضع في سوريا، وتعقد جلسات واجتماعات متلاحقة حول ذلك، إلّا أن المجلس الوزاري المصغّر قرّر عقد جلسة مخصّصة لبحث التصعيد الأمني في الضفة الغربية، غداً. ويأتي هذا الاجتماع بعد أيام من نشر تقديرات لجهاز الأمن الإسرائيلي، لمّحت إلى احتمال تدهور الأوضاع في الضفة، بتأثير من سقوط النظام السوري، وأن يقود ذلك، في حال تصاعد بشكل كبير، إلى انهيار السلطة الفلسطينية، بحسب ما ذكرت إذاعة الجيش ويبدو أن تقديرات المؤسسة الأمنية تستند أولاً إلى القراءة السياسية للوضع في المنطقة، خاصة في ظلّ تعهّد إيران بتعزيز دعم المقاومة في الفترة المقبلة، لإثبات أن سقوط النظام السوري لن يفتّ من عضدها؛ وثانياً، إلى معطيات ميدانية، في ضوء استمرار تنفيذ العمليات المسلحة ضدّ المستوطنين وجيش الاحتلال، والتي كان آخرها عملية قرب القدس قُتل فيها مستوطن وأصيب آخرون، وقبلها إصابة ثلاثة مستوطنين جراء إطلاق النار عليهم خلال محاولتهم اقتحام قبر يوسف في مدينة نابلس. أما العنصر الثالث الذي ترتكز عليه تلك التقديرات، فهو ما يزعم جيش الاحتلال العثور عليه من عتاد عسكري، وأحدثه إعلانه، أمس، أنه دمّر متفجرات محلية الصنع، وصادر أسلحة وأموالاً مرتبطة بـ»تمويل الإرهاب» في الضفة؛ علماً أن الجيش و»الشاباك» أعلنا، في نهاية تشرين الثاني الماضي، إحباط عملية تهريب غير عادية لأسلحة «كاسرة للتوازن» كانت في طريقها إلى الضفة، وتحديداً إلى مخيم جنين، تحتوي على 24 صاروخ «آر بي جي»، و20 قاذفة صواريخ، وأكثر من 70 عبوة «كاليماجور»، وغيرها.

يزداد اهتمام إسرائيل بالحدود الشرقية للضفة مع الأردن، والتي ترى فيها جبهة خطيرة

وإذ تشهد الضفة الغربية موجة تصعيد يومية تتخلّلها مواجهات ميدانية بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، يمكن عزو عودة الاهتمام الإسرائيلي بهذه الساحة إلى أسباب عدة، أولها، بحسب التقارير والتسريبات، إمكانية قرب إبرام صفقة تبادل ووقف لإطلاق النار في غزة، بعد توقّف جبهة القتال في جنوب لبنان، مع ما يعنيه ذلك من تخفيف العبء على الجنود في الجبهتَين، وتالياً توجُّه الأنظار والقوات إلى الضفة؛ وثانيها، أن جيش الاحتلال، وعلى رغم العمليات العسكرية الكبيرة والاقتحامات اليومية للضفة، وإتاحة كل الوسائل والأدوات للعمل العسكري ومن بينها سلاح الطيران، لم ينجح في القضاء على المقاومة. ولعلّ إسرائيل تدرك أن المواجهة الكبرى والحقيقية ستكون في الضفة، كونها تقع في قلب المشروع الاستيطاني، فيما ستكون على جدول أعمال الحكومة اليمينية، التي تنتظر دونالد ترامب لحسم هذا الملف، مع ما يعنيه ذلك من تقويض للسلطة الفلسطينية، ومعها الحالة الأمنية برمّتها.
ولا تفصل إسرائيل ساحة الضفة عن التغييرات في المنطقة، بل تعتقد بأنها تكمن في قلب الإقليم ومتغيّراته. وضمن هذا الفهم، تتّهم إسرائيل، إيران بمحاولة إشعال الضفة بعد سقوط نظام الأسد وإضعاف «حزب الله». ووفقاً لمصادر أمنية إسرائيلية، فإن الضفة أصبحت «الغاية المقبلة للإيرانيين الذين يبذلون جهداً لتقويض الوضع فيها». وتضيف: «نتابع عن كثب، وباستنفار كبير، الأحداث، ونخشى من غليان وتدهور سريع ومن تأثير الأحداث التي شهدناها في سوريا. وانهيار السلطة الفلسطينية من شأنه أن يؤدّي إلى موجة إرهاب وفقدان مطلق للاستقرار الميداني». وعلى ضوء التقديرات في شأن الضفة، يزداد اهتمام إسرائيل بالحدود الشرقية مع الأردن، والتي ترى فيها جبهة خطيرة، لسببَين: استمرار عملية تهريب الأسلحة والمتفجّرات، وازدياد محاولات اختراق الحدود من قِبَل مقاومين بغية تنفيذ عمليات فدائية داخل الضفة.

* الأخبار البيروتية

You might also like