الوزير الإيراني عراقجي يروي أسرارَ ما حصل في سوريا
متابعات..| تقرير*
مساء الأحد 08/12/2024، شارك وزير الخارجية في الجمهورية الإسلامية عباس عراقجي في لقاء صحفي خاص، تحدث فيه عن التطورات التي حصلت في سوريا وأسباب تنحي الرئيس بشار الأسد عن السلطة. وقد كشف الوزير عراقجي بأن أنه لا يعتبر تنحي الرئيس الأسد عن السلطة مفاجأة، لإن كل شيء كان بالفعل واضح بأنه ذاهب الى هذه النتيجة.
وردا على سؤال حول التطورات في سوريا وهل التطورات الأخيرة في سوريا هي نتيجة اتفاق خلف الكواليس وهل كانت هناك مفاجأة بهذا الخصوص؟ قال:“كل شيء كان واضحا، فالأخبار والتحليلات أشارت بالفعل إلى أنه سيتم القيام بمثل هذه الخطوة. كنا نعلم أن هناك خطة من أمريكا والكيان الصهيوني، لجعل محور المقاومة يواجه المشاكل بشكل مستمر.
على أي حال، هذا شيء نعرفه، وهو ليس أمراً جديداً، لقد كان موجودًا دائمًا، وبعد التطورات في غزة ولبنان، كان من الطبيعي أن تستمر هذه التحركات، ولكن من الناحية الميدانية والمعلوماتية، أصدقاؤنا في أجهزة الاستخبارات في بلدنا وفي سوريا كانت على علم تام بالتحركات التي كانت تجري في إدلب وتلك المناطق، وتم نقل جميع المعلومات ذات الصلة إلى الحكومة السورية والجيش السوري.
لكن ما كان مفاجئاً هو عدم قدرة الجيش السوري على التعامل مع هذا التحرك الذي بدأ، والثاني هو سرعة التحرك التطورات التي كانت غير متوقعة، ليس فقط بالنسبة لإيران، بل بالنسبة للجميع.
لقد كنت في قمة الدوحة بالأمس، حسناً، كل دول المنطقة كان لديها نفس النقاش، المملكة العربية السعودية، مصر، الأردن، العراق، وقطر، وهو لماذا تراجع الجيش السوري بهذه السرعة ولماذا كانت مقاومته قصيرة جدا. كما أن سرعة التطورات صدمت الجميع، هذا الجزء يجب أن نقول بأنه لم يكن متوقعا.
الأسد أيضاً تفاجئ
ثم أضاف الوزير عراقجي بأن الرئيس بشار الأسد نفسه: “فوجئ بالطريقة التي كان يعمل بها جيشه وكان من الواضح أنه لم يكن هناك تحليل مناسب في سوريا نفسها. أعتقد أن الجيش السوري أصبح أسير حرب نفسية”.
وفيما يتعلق بدعم إيران للحكومة السورية، قال: “لدينا علاقات قوية مع سوريا منذ 40 عاما. وفي مجال المقاومة، فقد كانت سوريا أحد الأعضاء المهمين في محور المقاومة، ووقفت ببطولة على هذا الطريق، وعلاقتنا كانت موجودة دائماً وكنا ندعم سوريا. وهناك فصل منفصل في المجال الثاني وهو القتال ضد داعش. لقد ظهر تنظيم داعش كظاهرة عابرة للحدود الإقليمية وأثار قلقاً دولياً. لقد لعبت إيران الدور الرئيسي في مواجهة داعش، وقواتنا كانت متواجدة في سوريا، وكان ذلك بالأساس لضمان أمننا”.
وأضاف عراقجي: “نجحنا في هزيمة داعش والانتصار على داعش كان إنجازا لشهيدنا الحاج قاسم سليماني. وعندما هُزِم تنظيم داعش، غادرت قواتنا بناءً على طلب سوريا، وبقي بعضهم وقام بمسؤوليات استشارية. أما الفئة الثالثة من دعمنا فهي تتعلق بالحكومة السورية وشعبها وجماعات المعارضة، والتي لم ننخرط فيها، ولم يطلب منا المساعدة في هذا الصدد وتصرفنا على النحو الموصى به، وكان لدينا الاجتماع الأخير لهذه العملية بالأمس (السبت 07/12/2024)، كان الغرض من هذه الاجتماعات هو المساعدة في الإصلاحات السياسية”.
وعن التوصيات للأسد قال: “في الاجتماع الأخير كانت لدي توصيات كثيرة خاصة فيما يتعلق بالجيش السوري. ثانياً، ينبغي أن يكون هناك المزيد من التفاعل مع الشعب السوري لأن الشعب هو الذي يحافظ على الحكومة، وكانت لدينا هذه النصيحة دائماً”
أما بخصوص عملية أستانا فقال عراقجي: “اتفقت إيران وروسيا وتركيا على وقف الهجمات وأصبحت هذه الدول الثلاث ضامنة للسلام والهدوء. وقد نجحت هذه العملية في السنوات العشر الماضية ونجحت في إحلال السلام في سوريا. لكن الهجمات الأخيرة كانت ضد اتجاه أستانا، وكان من المفترض أن تكون شيئا آخر.
وكان أحد أهداف أستانا ايضاً، هو مساعدة الدول الثلاث للحكومة والمعارضة على تشكيل حوار، وقد تحركنا ببطء في هذا الاتجاه، لكن الأمر لم يسر على ما يرام، ولم يكن لدى حكومة الرئيس الأسد سوى القليل من المرونة بما يتعلق بذلك.
وأضاف: “الحوار مع المعارضة كان يتعلق بالحكومة السورية وقدمنا الدعم إلى حد المساعدة السياسية، وهذا هو الجزء الذي دخل في المشاكل الآن، ولم يكن من المفترض أن نحل محل الجيش السوري في التعامل مع المعارضة”.
وحول توجه إيران تجاه المعارضة قال عراقجي: “إن عبارة “المعارضة الشرعية” نوقشت في مناقشاتنا خلال عملية أستانا، لأن بعض الجماعات المعارضة للحكومة السورية مسجلة على قائمة الأمم المتحدة للجماعات الإرهابية. المعارضون هم من أطياف مختلفة. بالأمس، في عملية أستانا، شجعنا محادثات الحكومة مع المعارضة وأضفنا عبارة “المعارضين الشرعيين” التي تعني أولئك الذين ليسوا إرهابيين. وكان موقفنا هو تشجيع حكومة الأسد على التحدث والتفاعل مع جماعات المعارضة”.
وتابع وزير الخارجية: “طالبنا في بياننا بالدوحة ببدء حوار الحكومة مع المعارضة، لكن مسار التطورات كان سريعا، وهذا هو واقع المشهد”.
وحول المخاوف القائمة قال عراقجي: “إن احتمال نشوب حرب أهلية أخرى أو تفكك سوريا أو انهيارها الكامل وتحولها إلى ملاذ آمن للإرهابيين هو مصدر قلق آخر لإيران في هضبة الجولان من الصهاينة. وتراقب فصائل المقاومة في المنطقة تحركات الكيان الصهيوني عن كثب”.
أما بما يتعلق بمحور المقاومة فقد قال وزير الخارجية: “المقاومة ستتأثر، هذه الجبهة مرت بوقت عصيب. لكن لم يصدق أحد أن المقاتلين الفلسطينيين ما زالوا يقاومون في ظل الحصار الكامل والدمار في كل مكان واستطاعوا الابقاء على الأسرى، وتمكن حزب الله من التعافي رغم الضربات وأجبر النظام الصهيوني على وقف إطلاق النار، ولم يكن هناك سبب سوى المقاومة لكي يوافق النظام وقف إطلاق النار.
المقاومة مدرسة فكرية وقد شهدت صعودا وهبوطا كثيرة، المقاومة فلسفتها هي هذه المقاومة.
وقال: “المقاومة ستجد طريقها بنفسها على أية حال. المقاومة مثلها مقدس لتحرير أراضيها، لا يمكن تدميرها، هناك حدود، لكن المقاومة ستفتح طريقها بنفسها، ولا ينبغي أن يظن أن الطرق ستغلق بسبب التطورات الأخيرة”.
اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
وحول موضوع انتهاك وقف إطلاق النار من قبل الكيان المؤقت قال: “كانت هناك تحليلات بأن النظام الصهيوني سوف ينتهك وقف إطلاق النار، وقد حدثت انتهاكات أيضاً. من الممكن أن يحصل ذلك بعد تطورات سوريا، لكن من غير المرجح ذلك، لأن المقاومة لديها ما يكفي من المعدات لردع ذلك. وأمام النظام 60 يوماً للتراجع، وعلينا أن ننتظر ونرى هل ستتم أم لا”.
وردا على تصريحات نتنياهو وإظهار صورة ضعيفة عن إيران قال وزير الخارجية: “في رأيي العامل الأساسي في نجاح هذا الحراك الأخير في سوريا هو الجيش السوري فقط الذي لم يصمد وإلا جاءت قوى المقاومة. وقاموا بدورهم. لو لعب الجيش دوره لما سقطت حلب، وفكرة ضعف المقاومة فكرة خاطئة، والمقاومة لن تختفي أبداً، وحماس وحزب الله صامدان، وإيران أيضاً تتابع الأمور بذكاء”.
وفي تعليقه على توقعات المنطقة، قال عراقجي: “هناك احتمالية لانتشار الصراعات في المنطقة بأكملها، في سوريا نفسها، عندما تفتح المجال للإرهاب، سيكون لذلك عواقب على المنطقة بأكملها، هناك دائما مؤامرات من النظام الصهيوني، لذلك يجب أن نكون حذرين”.
وعن مستقبل سوريا قال: “نحن نراقب بعناية ما سيحدث، من الصعب بعض الشيء عليهم التوصل إلى اتفاق للحكومة، لكننا ندعم الشعب السوري لينتصر. نريد أن تتحقق إرادة الشعب السوري، فالمشهد السياسي السوري الحالي لديه كل الاحتمالات. بعض دول المنطقة غاضبة بالفعل، وأعتقد أن التحركات ستبدأ من بعض الجهات، وتضارب المصالح قد يتسبب في عدم تحقيق السلام بسهولة”.
وفيما يتعلق بوضع السفارتين الإيرانية والسورية، قال وزير الخارجية: “فيما يتعلق بالسفارة السورية في طهران، ننتظر لنرى أي نوع من الحكومة سيتم تشكيلها، وإذا وصلنا إلى نقطة نحددها فسنسلمهم. تحدثنا مع الأطراف حول أمن سفارتنا، لقد حصلنا على ضمانات بالحفاظ على حرمة العتبات المقدسة وسفارتنا، الرسائل التي وصلت إلينا هي أن أمن السفارة مقبول، حتى الآن ولم يحدث أي تدنيس للعتبات المقدسة، ونحن على اتصال بأطراف مختلفة ونتواصل مع مجموعات مختلفة. ونحن نعمل أيضًا من أجل سلامة الإيرانيين المتبقين”.
وعما إذا كانت رسالة من أمريكا وصلت إلى إيران أم لا، قال: “هناك دائماً تبادل للرسائل ويتم تبادلها من السفارة السويسرية، ولا يتعلق الأمر بسوريا فحسب، بل يتعلق بجميع القضايا المختلفة”.
وفيما يتعلق بتفاعل إيران مع الحكومة المقبلة في سوريا، قال وزير الخارجية: “تفاعلنا معهم سيعتمد على سلوكهم، وكيف سيتصرفون مع الشيعة، وما إلى ذلك، وبناء على سلوكهم، سنحدد سياستنا الخاصة”.
وعن القرار الأممي 2254 قال عراقجي: حتى الآن كانت قضايا سوريا الداخلية مرتبطة بسوريا نفسها. معيارنا للعملية السياسية للقرار 2254 بأن بمكن أن يكون عملية سليمة، وأن يكون لكل المجموعات دورها.
* الخنادق