متابعات..|

في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة إلى توحيد جهود كل القوى العسكرية والسياسية الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي في اليمن، وذلك بهدف تحصيل التفاف داخلي حول خطة التصعيد الأميركية ضد صنعاء، أعادت خطوة تشكيل تكتل سياسي مناهض للأخيرة، بتزكية من واشنطن، الانقسام السياسي في أوساط تلك القوى إلى الواجهة. ووسط تعرّض “المجلس الانتقالي الجنوبي” الموالي للإمارات لانتقادات حادّة في الشارع الجنوبي، على خلفية خضوعه لإملاءات السفارة الأميركية، وعدم اعتراضه على اختيار عدن التي تُعتبر معقل “الانتقالي”، منطلقاً لإشهار التكتل السياسي الجديد، برئاسة أحمد بن دغر، باركت السفارة إعلان التكتل، وأبدت في بيان تأييدها ما جاء في بيانه الذي يدعو “إلى استعادة الدولة وإنهاء حالة التمرد وتوحيد كل الفصائل تحت راية الحكومة في عدن”. وضاعف البيان حالة السخط الجنوبي لغياب القضية الجنوبية عنه. وفي محاولة لامتصاص هذا الغضب، هدّد “الانتقالي” بفض الشراكة مع “المجلس الرئاسي” والحكومة الموالية للتحالف.

وفي هذا الإطار، نقلت وسائل إعلام موالية لـ”الانتقالي”، عن رئيس وحدة شؤون المفاوضات في المجلس، ناصر الخبجي، قوله إن “التكتل الوطني ليس له هدف سوى استهداف قضية شعب الجنوب والمجلس الانتقالي الجنوبي، ويشكل خطراً على التوافق والشراكة”. واعتبر أن “المضي قدماً في هذا المسار لا يعني سوى بداية النهاية لهذه الشراكة، ما سيؤدي حتماً إلى سقوط الحكومة في عدن والمجلس الرئاسي والهيئات المساندة”، متهماً القوى المشتركة في التكتل الجديد بخرق اتفاق الرياض الموقّع في الخامس من تشرين الثاني 2019. وفي مقابل مقاطعة “الانتقالي”، شارك في اجتماع إعلان التكتل عدد من الأحزاب الجنوبية المناهضة للأول، وأبرزها “مجلس حضرموت الوطني” الذي يرفض تمدّد “الانتقالي” عسكرياً في محافظة حضرموت.

ابن زايد يسعى للمحافظة على نفوذه في ضوء المسار السعودي – الأميركي

وتزايد السخط عقب كشف الإعلامي المقرّب من “الانتقالي”، صلاح بن لغبر، أمس، تفاصيل جديدة حول طلب واشنطن إنشاء التكتل الجديد، إذ ذكر، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الخارجية الأميركية طلبت من “الانتقالي السماح بانعقاد حفل الإشهار وبقيادة أميركية”، مشيراً إلى أن “إشهار التكتل جاء لمواجهة إخفاق تحالف حارس الازدهار”، الذي أقامته واشنطن بعد أسابيع على انطلاق العمليات اليمنية المساندة لغزة في كانون الأول الفائت. وقلّل من أهمية التكتل الجديد، لافتاً إلى أن كل عضو من أعضائه سيعود إلى مقر إقامته في الفندق خارج اليمن بعد الحفل، مؤكداً أنه “لن يغيّر شيئاً في ضوء تجارب سابقة للأحزاب”، متوقّعاً تفكّكه في غضون أسابيع. وكانت مصادر سياسية مطّلعة أكدت، لـ”الأخبار”، أن الخارجية الأميركية رتّبت لاجتماع الأحزاب الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي في عدن، بدءاً من استقدام قيادات الأحزاب من عواصم الدول وتأمين إقامتها واجتماعها ليومين في فندق “كورال” في عدن، مؤكدة أن “الانتقالي التزم حرفياً بتوجيهات السفير الأميركي، ستيفن فاجن، بحماية الاجتماع ومقر الفندق وعدم التعرض للمشاركين”.
وفي اتجاه آخر، أعادت الإمارات إنعاش الفصائل الموالية لها في جنوب اليمن وغربه. وزار الرئيس الإماراتي، محمد بن زايد، قائد الفصائل الموالية له في الساحل الغربي لليمن، العميد طارق صالح، الذي تعرّض لحادث مروري في منطقة يختل في مدينة المخا، وقامت الإمارات بإجلائه بطائرة خاصة ليتلقى العلاج في أحد مستشفيات أبو ظبي. كذلك، زار رئيس “الانتقالي”، عيدروس الزبيدي، المقيم في أبو ظبي منذ أكثر من شهرين صالح، لينفي الرواية التي تداولها خصومه من الموالين للسعودية بأنه تحت الإقامة الجبرية. وتزامن هذا مع توجيه ابن زايد باستئناف صرف مرتبات مقاتلي الفصائل الجنوبية التابعة لـ”الانتقالي” بالدرهم الإماراتي، للمرة الثانية خلال عشر سنوات؛ إذ كانت الإمارات تصرف مرتبات الفصائل الموالية لها بالعملة السعودية، وهو ما توقّفت عنه منذ عام 2019. أيضاً، تسعى أبو ظبي إلى إعادة إحياء الفصائل التي كانت قد تخلّت عنها عقب إعلانها الانسحاب من اليمن قبل سنوات، الأمر الذي يشير إلى رغبتها في الحفاظ على مكاسبها التي باتت مهدّدة بفعل المسار السعودي – الأميركي الجديد، والذي يهدف إلى إعادة تصدير القوى اليمنية التقليدية المناهضة للإمارات، وعلى رأسها حزب “الإصلاح”.