العدوان على الضفة يتكامل: تبادُلُ أدوار بين الجيش والمستوطنين
متابعات..| تقرير*:
يتّفق كثيرون على أن محصّلة الحرب على قطاع غزة ولبنان، ستكون في الضفة الغربية، التي تتصاعد المخاوف مما يخطَّط لها إسرائيلياً، لا سيما في ظل وجود عامل إضافي ونوعي ليس متوافراً في أيّ مكان آخر: جيش المستوطنين. وفي ظلّ التماهي وتكامل الأدوار بين عصابات المستعمرين وجيش الاحتلال، تصعّد إسرائيل من اعتداءاتها على الضفة، حيث لم تمضِ ساعات على الهجمات التي شنّها مستوطنوها، خصوصاً في مدينة البيرة، والتي تجددت، أمس، في أكثر من منطقة، مع اقتحام تجمّع «الرأس» البدوي شرق رام الله وإحراق مركبة، وخطّ شعارات عنصرية، وتهديدات للسكان بطردهم، حتى شنّ جيش العدو عملية واسعة في مناطق مختلفة شمال الضفة، بدأت فجراً وخلّفت حتى المساء أربعة شهداء وعدداً من الإصابات.
واقتحمت قوات الاحتلال مدينتي قلقيلية وجنين وبلدة طمون في نابلس، حيث استشهد مواطنان في قرية مثلث الشهداء قرب بلدة قباطية في جنين، بعد قصفهما بطائرة مسيّرة. وكانت قوات كبيرة، ترافقها جرافة عسكرية، قد اقتحمت قباطية، وداهمت عدداً من المنازل، إضافةً إلى نشر قناصة على أسطح المباني، وإطلاق النار بشكل مكثّف على المواطنين. وعلى إثر ذلك، اندلعت في البلدة اشتباكات مسلّحة عنيفة، فجّر خلالها مقاومون عشرات العبوات الناسفة، وانتقلت إلى قرية مثلّث الشهداء الواقعة عند مدخل البلدة، ما اضطرّ جيش الاحتلال إلى الاستعانة بطائرة مسيّرة لقصف الشيخ محمد عصعوص، الذي يعمل مدرّساً في إحدى المدارس، وابن أخيه شوقي فياض عصعوص.
يُعدّ المشهد اليومي المتفجر ترجمة عملية للقرارات التي اتّخذتها إسرائيل أخيراً في الضفة الغربية
وبعد ساعات من اقتحام قباطية التي كانت مركز العملية العسكرية، انسحبت آليات الاحتلال بشكل كامل منها إثر تدمير واسع في البنية التحتية، وتجريف المدخل الرئيسي المعروف بدوار الشهداء. لكنها عادت وتسلّلت إلى البلدة، لتحاصر منزلاً، أطلقت عليه صواريخ «أنيرغا»، ما أدى إلى استشهاد شاب، فيما دهست آليات عسكرية مركبة في البلدة وأطلقت النار على شبان. والنقطة الثانية الملتهبة في شمال الضفة، كانت بلدة طمون في محافظة طوباس، والتي شهدت اقتحاماً واسعاً، ما أدى إلى استشهاد شابين من أبنائها. وبحسب مصادر محلية تحدثت إلى «الأخبار»، فقد حاصرت قوات الاحتلال، فور اقتحامها البلدة، منزلاً، وقصفته بقذائف «الأنيرغا» بشكل مكثّف، ما تسبّب في تدمير أجزاء كبيرة منه، قبل انسحابها من محيطه، لتنتشل الطواقم الطبية شهيداً عرفت هويته لاحقاً، هو هاني علي بني عودة، أحد أبرز المقاومين المطلوبين للاحتلال. وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن الهيئة العامة للشؤون المدنية تبلّغت باستشهاد فلسطيني ثانٍ في طمون، لم تعرف هويته بعد، بعدما قام جيش العدو باحتجاز جثمانه، فيما رصد مواطنون عبر هواتفهم قيام الجرافات العسكرية بالتنكيل بجثمان شهيد. ووفقاً للمصادر المحلية، فقد شنّت طائرة مسيّرة غارة بأكثر من صاروخ على منطقة في البلدة، من دون تسجيل إصابات، في وقت شهدت فيه طمون اشتباكات عنيفة، استهدف خلالها المقاومون قوات الاحتلال بالرصاص والعبوات الناسفة.
وتزامن اقتحام طمون مع اقتحام مماثل لمخيم الفارعة جنوب طوباس، حيث أفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال تمركزت على الشارع الرئيسي المؤدي إلى المخيم من الجهة الجنوبية لأكثر من ساعة قبل اقتحامه، وسط تحليق مكثّف لطائرات الاستطلاع، فيما ألحقت جرافات العدو أضراراً بالشارع الرئيسي، لتنتقل بعدها إلى تدمير البنية التحتية في «الفارعة»، بما في ذلك تجريف خطوط المياه، لا سيما في السوق وشارع المدارس. ولم تكد قوات الاحتلال تنسحب من جنين وطوباس، حتى اقتحمت مدينة طولكرم، وحاصرت مخيمَي طولكرم ونور شمس، وسط عمليات تجريف واسعة للشوارع والميادين، تخلّلها تدمير للبنية التحتية وإطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز في اتجاه المواطنين. وفرضت قوات الاحتلال حصاراً مطبقاً على المخيمَين، ونشرت القناصة على أسطح المباني العالية المحيطة بهما، وسط الدفع بمزيد من آلياتها وجرافاتها. وذكرت مصادر محلية أن أربع جرافات ضخمة التهمت مرافق المدينة وشوارعها، وتحديداً الشارع المحاذي للمدخل الشرقي لمخيم طولكرم، ومحيط دوار الشهيد سيف أبو لبدة، وشارع نابلس المحاذي لمداخل مخيم نور شمس. وفي المقابل، أعلنت «سرايا القدس» و«كتائب القسام» و«كتائب شهداء الأقصى» خوض مقاتليها اشتباكات مسلحة عنيفة مع جنود العدو في طولكرم ونور شمس، مؤكدة إيقاع خسائر وإصابات في صفوفهم.
* الأخبار اللبنانية