كل ما يجري من حولك

التوتر السياسي والجدل القانوني يضع الانتخابات الرئاسية التونسية في حافة الخطر (تفاصيل)

50

متابعات / تقرير

تشهد تونس حالة من التوتر السياسي والجدل القانوني، قُبيل الانتخابات الرئاسية، خصوصاً بعد رفض الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تنفيذ قرار المحكمة الإدارية التي يلزمها بإعادة ثلاثة مرشحين للسباق الانتخابي. الأمر الذي يزيد من ضبابية المشهد في تونس ويضع شرعية هذه الانتخابات في الميزان، حيث اعتبرت عدة منظمات من ذلك منظمة “أنا يقظ”، أن تجاهل أحكام المحكمة الإدارية يعد سابقة خطيرة تهدد شرعية الانتخابات الرئاسية.

ليزيد الحكم القضائي على المرشح العياشي الزمال بسجنه لمدة عام وثمانية أشهر، بتهمة “افتعال وثائق، وتدليس تزكيات شعبية”، يزيد في تعقيد الوضع أكثر، ما يطرح تساؤلات عديدة عن مآلات هذه الانتخابات، وكيف ستكون في ظل كل هذا التخبط القانوني والسياسي.

المحللة السياسية التونسية مبروكة خذير، أكدت في تصريح للميادين نت “أن بيان المحكمة الإدارية الأخير كان شديد اللهجة والذي يوحي بأنها قد تذهب في اتجاه الحكم ببطلان نتائج الانتخابات، وسط تعنت هيئة الانتخابات ورفضها تطبيق قرار المحكمة الإدارية، إضافة إلى التشكيك في نزاهتها ولاسيما مِن قِبَلِ مَنْ رُفضتْ مطالبهم، حيث توجه أحد هؤلاء (المرشح المستبعد عماد الدائمي) إلى القضاء الدولي. وهو ما يؤشر إلى أن هناك عواقب وشوائب كثيرة قد ترافق نتائج هذه الانتخابات.

كما أوضحت خذير أيضاً أن أكثر ما يمكن استنتاجه خلال هذه الانتخابات هو “استقالة كبيرة من الرأي العام للمشهد السياسي، خصوصاً وأن البرامج الانتخابية للمرشحين الثلاثة التي ركزت على الجانب السياسي، فيما غاب التركيز على الجانب الاقتصادي والاجتماعي وهو أهم ما ينتظره الناخب التونسي”، الذي يعول أساساً على الرئيس في ظل الصلاحيات الواسعة التي تميز هذا المنصب لتحسين وضعه الاقتصادي والاجتماعي.

وبالتوازي مع هذا المشهد الانتخابي وما يثيره من جدل، يقف المواطن التونسي في مفترق طرق بين انتظارات طال تحقيقها وبين وعود سياسية تتكرر مع كل مناسبة انتخابية.

الأوضاع المعيشية أبرز مشاغل المواطن
لا تختلف انتظارات المواطن التونسي مع كل محطة انتخابية، فهي نفسها تتكرر في كل مناسبة وإن اختلفت أسماء  المرشحين، وسط  آمال بأن تتحقق ذات يوم وتصبح الوعود السياسية حقيقة تنفذ على أرض الواقع.

في رصد لرؤى الجمهور التونسي وقراءات مختلفة للمشهد السياسي بين من يؤيد مسار الرئيس الحالي قيس سعيد وهيئة الانتخابات وبين من يرى في ذلك تضييقاً وضرباً لدولة القانون، ورغم اختلاف وجهات النظر السياسية فإن الهاجس الاقتصادي والاجتماعي كان العامل المشترك الأبرز بين الغالبية، حيث ينشغل  المزاج الاجتماعي بأولوية الأوضاع المعيشية، من ذلك ارتفاع الأسعار وتردّي الخدمات العامة كالنقل والصحة، والتخوف من تزايد الجريمة وترويج المخدرات خاصة في محيط المدارس، ما يهدد أمن أبناءهم. كما أن الكثير أكدوا فقدانهم الثقة في السياسيين ولم تعد الحياة السياسية ضمن أولوياتهم.

حيث قال أحمد الذي يعمل بائعاً متجولاً: “رغم الوضع الاجتماعي الصعب إلا أنه مازال لدي أمل بأن يتحسن الوضع بعد هذه الانتخابات رغم أنني لم أعد اهتم بالمشهد السياسي، وانتظر من الرئيس المنتخب أن يصلح الاقتصاد ويوفر العمل للشباب بحيث يضمن كرامتهم بعيداً عن التهميش”.

أما خولة، وهي طالبة جامعية، فقد أكدت أن الانتخابات ليست حدثاً مهماً بالنسبة لها. قائلة: “نحن ندور في حلقة مفرغة منذ 2014 من دون أن يتحسن الوضع، بل أصبح هناك خوف كبير على وضع الحريات بعد موجة الاعتقالات وسن مرسوم 54 والذي يعد أكبر ضربة موجعة للحرية والتي كانت أبرز مكسب لتونس بعد الثورة، إضافة إلى تدهور الوضع الاقتصادي، وارتفاع نسبة البطالة”.

فيما كان لصديقتها خديجة موقف آخر، قائلة: “نحن نعيش في أزمة اقتصادية صعبة ومشهد سياسي متوتر وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، ولكن ومن أجل تونس ومن أجل أن تبقى راية هذا البلد ترفرف عالياً يجب أن نتحد لنبني معاً تونس جديدة، واعتقد أن الانتخابات المقبلة ورغم ما يرافقها من جدل وتشكيك قد تكون فرصة جديدة لإنقاذ تونس”.

وبين هذا الموقف وذاك لا يزال المزاج العام غير واضح حول مدى استجابة التونسيين للشعارات التي يرفعها كل من المرشحين الثلاثة، (قيس سعيد، زهير المغزاوي، العياشي زمال)، وكيف ستكون نسبة المشاركة في الاستحقاق الانتخابي المقبل.

ويبقى مطمح إنقاذ تونس من مخاطر الانهيار الاقتصادي، والانفجار الاجتماعي، واستعادة الديمقراطية والحريات، أمل كل مواطن تونسي بأن يتحقق ذلك خلال السنوات المقبلة.

حملة انتخابية باهتة
ورغم مرور أكثر من أسبوع على انطلاق الحملات الانتخابية للمرشحين إلى الانتخابات الرئاسية، المقررة إجراؤها في 6 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، إلا أن هذه الحملة ما زالت باهتة لا توحي بأن البلاد مقبلة على محطة انتخابية مهمة على عكس الانتخابات الرئاسية السابقة، حيث غابت الأنشطة الدعائية والتجمعات الشعبية وغاب التنافس الانتخابي، كما لم تعلق صور المرشحين الثلاثة وبياناتهم بأغلب الأماكن العامة المخصصة لذلك.

وتعود أسباب برودة هذه الحملة بحسب مراقبين، أولاً إلى قرارات هيئة الانتخابات التي حددت السقف الأعلى لتمويل الحملة بـ 150 ألف دينار (أقل من 50 ألف دولار) وهو سقف اعتبر ضعيف جداً مقارنةً بما كان في انتخابات 2019 (نحو 1.7 مليون دينار). إضافةً إلى رفض هيئة الانتخابات قرار المحكمة الإدارية بإرجاع ثلاثة مرشحين للسباق الانتخابي، الأمر الذي زاد في توتر المناخ الانتخابي وزاد في التشكيك في نزاهتها، كما تعود الأسباب أيضاً إلى انشغال العائلات التونسية بالعودة المدرسية التي تزامنت مع انطلاق الحملات الانتخابية.

وتستمر الحملة الانتخابية 3 أسابيع لتنتهي يوم الرابع من شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل، على أن يتوجه التونسيون إلى التصويت يوم السادس من الشهر نفسه، وسط مخاوف من عزوف التونسيين عن المشاركة على غرار المحطات الانتخابية السابقة التي كانت فيها نسبة الإقبال ضعيفة جداً.

المصدر / الميادين

You might also like