العدوُّ يلاحق الغزيّين في خيامهم.. كذبةُ «المناطق الآمنة»
والواقع أنه لا جديد في هذا المشهد الهستيري؛ إذ إنها ليست المرة الأولى التي تقصف فيها طائرات مقاتلة بقنابل يتجاوز وزنها الـ 500 كيلوغرام من المتفجرات، خياماً مصنوعة من القماش.
وفي مرات سابقة، قُتل النازحون حرقاً بعدما أشعلت الغارات نيراناً كبيرة في الخيام.
وهذه المرة، أحدث القصف حفراً تجاوز عمقها الـ 9 أمتار، لتنشغل الطواقم المتخصّصة ومعها المئات من المتطوعين في البحث عن جثامين الشهداء وأشلائهم. ووفقاً لإحصائية وزارة الصحة، فقد وصلت إلى المستشفيات جثامين نحو 19 شهيداً، وأكثر من 60 نازحاً من المصابين، فيما سُجّل عشرون آخرون في عداد المفقودين، الذين يرجِّح جهاز الدفاع المدني أن تكون جثامينهم قد تناثرت من شدة القصف، أَو دُفنت على أعماق سحيقة في الرمال.
وبحسب المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني، محمود بصل، فإن المنطقة المستهدفة تضم نحو 200 خيمة، يسكنها عشرات الآلاف من النازحين.
وتسبب القصف بتخريب وتمزيق 40 منها، فيما طمرت الرمال عائلات كاملة، لتستمرّ عمليات البحث عن المفقودين حتى منتصف نهار، أمس، وذلك؛ بسَببِ عدم توفر أي إمْكَانات واعتماد فرق الإغاثة على العمل اليدوي.
روايات متناقضة يسوقها جيش العدوّ تبريراً للمجزرة الجديدة
ومع اللحظات الأولى للقصف، روّج إعلام العدوّ لرواية مفادها أن الجيش استطاع اقتناص صيد ثمين.
وعقب ذلك، قدم جيش الاحتلال روايتين مختلفتين، الأولى أنه قصف مركز قيادة وسيطرة تابعاً لـ«كتائب القسام»، والثانية أنه استطاع اغتيال ثلاثة من القادة الفاعلين، يتضح من الأسماء التي نشرها لهم في بيانه الأخير، أن واحداً منهم كان قد أعلن عن اغتياله عدة مرات خلال الأشهر الماضية.
وفي أبعاد المجزرة من الناحية الإنسانية، يقضي جيش الاحتلال على فكرة «المناطق الآمنة»، ويحوّل كُـلّ مناطق القطاع، حتى المكتظّة منها بمئات الآلاف من النازحين، إلى ساحة قتال، وهو لا يتورّع عن استخدام قنابل ذات زنة كبيرة في استهداف الخيام المتلاصقة.
ويقول رامي أبو خالد، وهو أحد الناجين من المجزرة لـ«الأخبار»: «تبعد خيمتي عن الخيام المستهدفة أقل من 150 متراً.
انهالت كميات كبيرة من التراب على رؤوسنا ونحن نيام، وانهارت الخيمة كلها فوق رؤوسنا، علماً أننا في المكان الذي لا تتوفر فيه أي من المقدرات الإنسانية، سوى ادِّعاء الأمان.
تركنا منازلنا في شمال القطاع، والموت يلاحقنا حتى إلى الخيام».
جدير بالذكر أن جيش الاحتلال كرّر قصفه خيام النازحين في عمق المناطق الآمنة، أكثر من 13 مرة، كانت أبرزها في منتصف تموز الماضي، حينما تسبّب القصف بالطريقة نفسها باستشهاد 90 فلسطينياً وإصابة المئات، وزعم العدوّ وقتها أنه اغتال قائد أركان «كتائب القسام»، محمد الضيف، وقائد «لواء خانيونس»، رافع سلامة.
* الأخبار اللبنانية