المواءمةُ المصطنعة: تنسيقُ مصالح نتنياهو مع المشروع الصهيوني
متابعات| تقرير*:
يستمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمحاولة اقناع الشارع الإسرائيلي بأن استمرار الحرب يصب في مصلحة الكيان. ولأجل ذلك تتركز حملته الإعلامية والدعائية التي يرفقها بتصريحاته المثيرة للجدل، على أن عودة الاسرى مشروطة بضغط عسكري لا بمفاوضات على الرغم من أن الميدان قد أثبت العكس.
بناءً على أحداث ومجريات معركة طوفان الأقصى وكيف سارت، سيتم التطرق في هذه الورقة إلى كيفية إدارة نتنياهو، للقضايا المختلفة على الصعيد الداخلي والخارجي، أي في علاقته مع الداعمين للكيان وتعامله مع محور المقاومة وذلك بالعودة الى الخطابات التي أدلى بها والإجراءات المتبعة وبالاعتماد على مجموعة من التقارير والدراسات.
المفاهيم التأسيسية في بداية الحرب حول تطبيقها:
توجه نتنياهو في خطابته الى ثلاث جهات وجعل منها ركيزة للمعركة وتقسمت على الشكل التالي:
-الخطاب الموجه للداخل: عبر توحيد الشارع الصهيوني عبر مفهوم حرب البقاء والضرورة.
-خطاب للأميركي: التأكيد على وحدة الأهداف والتهديدات وضرورة التنسيق المشترك.
-الخطاب الخارجي: عبر التجييش ومحاولة توحيد الأهداف والتأكيد على أن العدو مشترك.
جدوى الحرب والقدرة عل تحقيق أهدافها:
سعى بنيامين نتنياهو، عبر الخطابات الى إقناع الداخل الإسرائيلي بالدرجة الأولى والخارج للتأكيد على أهمية الحرب، للحفاظ على استمراريتها وتحقيقه هو لهدف إنقاذ الكيان وتتويجه ملكاً دائماً:
-التأكيد على أنّ المقاومة الفلسطينية تمثل الخطر الوجودي الأول الذي يحيط بالكيان، وما يستدعيه ذلك من ضرورة للحرب وجعل المعادلة: الأمن والمستقبل يساوي الحرب الحالية.
-أما على صعيد القدرة على تحقيق الأهداف كان يعمد في خطاباته التمجيد بالعمليات الناجحة وتقديمها على أنها أهداف استراتيجية، والاستشهاد بها للتأكيد على ضرورة العمل العسكري بالإضافة الى استحضار ما واجهه الكيان في السباق وكيف استطاع أن يحقق “النصر”.
الكلفة الباهظة وكيفية تبريرها:
استمرار الحرب والنصر المطلق فيها كمصلحة مباشرة لنتنياهو يتطلب تبرير الكلفة، فتوجه في هذا الجانب للشارع الصهيوني عبر:
-ربط المستقبل الآمن والمشرق للكيان يتطلب تقديم التضحيات، وعدم القضاء على المقاومة في غزة سيعيد كارثة السابع من أكتوبر لذا التضحية الحالية وكلفتها الحالية هي مهمة ومقبولة للمستقبل.
علاقة نتنياهو بالأفرقاء السياسيين:
استطاع بنيامين نتنياهو أنّ يوازي ويمنع أي من اليمين والمعارضة من خلق نوع من الضغط للمسار الذي سلكه وفق التالي:
-التعامل مع المعارضة عبر: الاحتواء/ التهميش/ تحميل مسؤولية.
-التعامل مع اليمين عبر: تقدمة المصالح/ منفعة متبادلة.
علاقة نتنياهو بالجيش والمقاتلين:
لإدارة مسار حربي طويل ومكلف وفيه مخاطر، ينبغي على نتنياهو أن يسيطر على الجيش، ويستفيد من تورط هاليفي في كارثة السابع من أكتوبر وسعيه إلى تحقيق إنجاز يحفظ مستقبله السياسي، فعمل عبر:
-العلاقة مع الجيش عبر: الاحتواء/ التمجيد.
-العلاقة مع قيادة الجيش عبر: تحميل المسؤولية.
علاقة نتنياهو بالداعم الأميركي:
يتضمن مسار نتنياهو منعطفات قد تؤدي للإضرار بالمصالح الأمريكية في غرب آسيا، وعليه استوعب الضغوط نسبياً وتملص منها بطرق متعددة:
العلاقة مع إدارة بايدن عبر: تنسيق/ مماطلة ومراوغة/ مصالح مشتركة.
استعراض صورة القوة:
صورة القوة من الركائز الأساسية للاستمرار في الحرب استهدفت ثلاث جهات وهي:
-للداخل الصهيوني: تقديم الاغتيالات والعمليات الأمنية على أنها منجز استراتيجي في الحرب.
-للعدو: الاغتيالات المتجاوزة “لسقف الحرب” (اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران/ واغتيال المسؤول العسكري المركزي الأول في حزب الله السيد فؤاد شكر في بيروت الضاحية الجنوبية) وإعطاء انطباع قوة الكيان على خوض حروب متعددة الساحات و”اليد الطويلة” بالإضافة الى “النية” في رفع سقف التصعيد ولو أدى ذلك الى حرب شاملة.
إدارة الجبهات المتعددة:
لإدارة الحرب المستمرة والتي تتوسع بالتدريج، كان نتنياهو محتاجاً لتبيين كيفية القتال على أكثر من ساحة:
-تم تنسيق الأدوار بين الكيان والولايات المتحدة كما الدول الداعمة له، باعتبار أن الكيان المؤقت يواجه في ساحتيّ غزة ولبنان، والولايات المتحدة ودول “التحالف” في مواجهة الساحات الأخرى لمحور المقاومة (اليمن/العراق).
دوره المباشر في إدارة الحرب:
كان لبنيامين نتنياهو، دورًا مباشرًا، في إدارة الحرب وإطالة أمدها وتم ذلك عبر استغلال عدة عوامل، وقد حاول في الكثير من الأحيان استغلال المماطلة والمراوغة واحتواء وتبديد الخلافات والتناقضات الداخلية بما يتناسب مع إدارة الحرب لصالحه وتم ذلك عبر التالي:
-بدايةً، من تحميل المؤسسة العسكرية المسؤولية، ووضعها في الواجهة أمام الشارع الصهيوني باعتبارها المسؤولة عن الإخفاق الذي وقع في السابع من أكتوبر وعليه هي المسؤولة عن إعادة الأمن للكيان.
-ضبط ومنع توحيد الفريق المعارض، وذلك عبر إضعاف دوره في تشكيل جهة فاعلة وضاغطة عليه واتبع إجراءات عدة منها الوعود/المماطلة/ تحميل المسؤولية.
-عامل الوقت، أي اتباع سياسة المماطلة على صعيد عرقلة أي تقدم في المفاوضات عبر العمليات العسكرية والأمنية والاغتيالات واختيار تنفيذها في توقيت متزامن “للجو الإيجابي” حول صفقة محتملة.
-الانتقال من المراحل الأولى للحرب والثبات عند المرحلة الثالثة، والتحجج بأنها هي المرحلة الأخيرة وهي المرحلة المراد منها أن تكون طويلة الأجل وعلى طريقة “جز العشب” والحفاظ على العمليات العسكرية الى حين تحقيق الشرطين إما القضاء على حماس أو استسلامها، وغياب أي خطة معنية بـ “اليوم التالي” للحرب.
* الخنادق