1000 ضحية منذ إغلاق «رفح»: القتلُ الصامتُ لا يتوقّف
متابعات| تقرير*:
مع مرور أكثر من مئة يوم على إغلاق معبر رفح البري الذي دمّـره الاحتلال الإسرائيلي وأخرجه من الخدمة، فَقَد ما يزيد على 1000 مريض ومصاب حياتهم، ومُنع 25 ألفاً من الخروج للعلاج خارج قطاع غزة.
ومِن بين أُولئك الذين فارقوا الحياة سندس صالح (14 عاماً) التي كانت تعاني من ضعف في عضلة القلب، وأجريت لها عملية جراحية في أحد مستشفيات الداخل الفلسطيني المحتلّ.
وتقول والدتها المكلومة، في حديث إلى «الأخبار»: «كانت ابنتي بحاجة إلى استكمال العلاج، إلا أن إغلاق المعابر الحدودية حال دون ذلك؛ ما أَدَّى إلى تدهور حالتها الصحية، والتي تفاقمت إثر إنقاذها من تحت الردم بعد استهداف الاحتلال المنزل المجاور لنا».
وتضيف الأم: «أصاب ابنتي سوء تغذية وضعف في المناعة ومياه في البطن، وقد عمل المستشفى على علاجها، إلا أن خروج المستشفيات المتخصّصة بأمراض القلب من الخدمة، وعدم وجود أطباء متخصّصين، أدّيا إلى وفاتها».
أمّا نداء أبو حمد (29 عاماً)، الوالدة لطفلين مريضَين يحتاجان إلى استكمال علاجهما في الخارج، فتتنقّل بين قسم العناية المكثّـفة، حَيثُ ترقد طفلتها كفاح (8 أعوام) المصابة بتضخّم في الكبد ومرض مزمن في المعدة وسكر في الدم وتعيش بكلية واحدة، وقسم الأطفال، حَيثُ طفلها عبدالله (7 أعوام) الذي يعاني من ورم دموي في الوجه، وسكر الطفولة.
وتقول الأم: «كانت طفلتي كفاح تعالج في مستشفى الهلال الأحمر في الخليل، كما أنه تم إجراء حقن في الورم الدموي لطفلي عبدالله في المستشفى الاستشاري في رام الله، ولخطورة حالته الصحية لم يكمل العلاج المطلوب في ذلك الوقت…
ولكن إغلاق المعابر وتوقّف التحويلات حالا دون استكماله علاجه؛ ما أَدَّى إلى تدهور حالتهما الصحية».
وتضيف: «يعاني طفلاي، الآن، من التهابات شديدة وبكتيريا في الجلد، فضلاً عن سوء التغذية لعدم توافر الطعام المناسب لهما»، مشيرةً إلى أنهما بحاجة إلى طعام مخصّص «وهو ما لا يمكن توفيره في ظلّ المجاعة التي تعاني منها مناطق شمال قطاع غزة»، مناشدة المنظمات الصحية الدولية العمل على فتح معبر رفح «قبل أن يخطف الموت» ولديها.
قبل حرب الإبادة، كان المئات من الأطفال يتلقّون العلاج في مستشفيات الضفة والدول المجاورة
والحال نفسها تنسحب على أنس عبيد (14 عاماً) الذي أُصيب في مجزرة «التابعين» بكسور في ساقَيه، وحروق في وجهه وجسده بنسبة 50 %.
ويقول: إن حالته الصحية صعبة ولا يقوى على العيش من دون مسكّنات «نتيجة الألم الشديد الذي لا يتوقّف»، فيما لا يوجد أي علاج مناسب له في مستشفيات غزة، معرباً عن أمله في أن يعيش كأيّ طفل: «أسافر وأتلقّى العلاج المناسب وأتعافى وأعود إلى ممارسة حياتي الطبيعية».
وعن حالة الطفل، يوضح رئيس قسم العناية المكثّـفة في مستشفى «كمال عدوان»، أحمد الكحلوت، أن القسم يواجه صعوبة في توفير الغيارات والمراهم التجميلية اللازمة، ولكننا «نحاول ونكابد ضعف الإمْكَانات حتى يتمكّن أنس من الخروج للعلاج في الخارج».
ويلفت الكحلوت إلى أنه «قبل أَيَّـام، استشهد طفلان مصابان بحروق شديدة جراء القذائف والصواريخ الإسرائيلية، وكانا بحاجة إلى التحويل للعلاج خارج القطاع، إلا أن إغلاق المعابر حال دون ذلك».
ويشير إلى أنه «قبل حرب الإبادة، كان المئات من الأطفال يتلقّون العلاج في مستشفيات الضفة والدول المجاورة، نظراً إلى ضعف الإمْكَانات، فما بالك الآن بعدما أَخرج الاحتلال الإسرائيلي معظم المستشفيات من الخدمة، ورحّل الأطباء إلى جنوب وادي غزة».
وكان مدير المكتب الإعلامي الحكومي، إسماعيل الثوابتة، أعلن أنه «بعد 100 يوم على إغلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي لمعبر رفح الحدودي، توفي أكثر من 1000 طفل ومريض وجريح»، مُشيراً إلى أن «الاحتلال يمنع سفر 25 ألف مريض وجريح لديهم طلبات سفر وتحويلات للعلاج في الخارج، ما يهدّد حياتهم»، كما يمنع إدخَال كُـلّ أنواع المساعدات إلى القطاع، «خَاصَّة المستلزمات الطبية والوفود الصحية، والأدوية والعلاجات، ما ساهم في تأزيم الواقع الصحي والإنساني بشكل خطير».
* الأخبار البيروتية