كل ما يجري من حولك

قليلٌ من الإنجاز.. كثير من «المهانة»: «أسبيدس» بعد 6 أشهر

89

متابعات| تقرير*:

بعد أن عجزت بعثة «أسبيدس» الأُورُوبية عن تحقيق أهدافها في استعادة «حرية الملاحة» – وفقاً للمفهوم الغربي – في البحرين الأحمر والعربي، تحوّل أداؤها على الأرض إلى محاولة رفع المهانة عن فخر الصناعات الأُورُوبية التي وقفت عاجزة أمام الأسلحة اليمنية، ولا سيما المسيّرات والمنظومات الصاروخية.

ويسعى الاتّحاد الأُورُوبي إلى التعويض عن فشله ذاك، بإصدار بيانات عسكرية يتحدّث فيها عن اعتراض سفنه مُسيّرات أَو صواريخ يمنية قبل أن تصيب سفناً تجارية، ويذكّر بمواكبة السفن العسكرية الأُورُوبية للسفن التجارية.

وفي هذا الإطار، نشرت «أسبيدس»، على منصة «إكس»، بياناً إحصائياً مختصراً لأهم الأنشطة التي نفّذتها البعثة منذ تشكيلها، لكنه خلا من تعداد أي إنجازات مهمة.

وقال: «منذ 19 شباط، واجهت قوة الاتّحاد الأُورُوبي البحرية في أسبيدس تحدّيات مختلفة، لكن الالتزام الثابت والعمل الجاد لموظفيها أديا إلى عدد من الإنجازات».

ولكي لا يكون خالي الوفاض أَو مستبطناً لاعتراف بالفشل، أدرج البيان الأُورُوبي فقرتين إحصائيتين: الأولى، هي الادِّعاء أن قوات البعثة واكبت 300 سفينة تجارية، بينما تقول صنعاء إن جميع السفن التي تَعبر باب المندب مسموح لها بالعبور ما عدا تلك المتجهة إلى الموانىء الإسرائيلية، وإن قواتها نجحت في إنجاز هدفها المتمثل في محاصرة الكيان – حتى بالاعتراف الإسرائيلي والأميركي -، وإنه لو كان غرضها منع العبور بالكامل لاستطاعت فعل ذلك؛ وبالتالي، فإن الادِّعاء المذكور يندرج ضمن قاعدة «لزوم ما لا يلزم».

وأما الفقرة الثانية، فتضمّنت الحديث عن أن البعثة استطاعت التعامل مع 17مسيّرة يمنية، علماً أن هذا الرقم، بمعزل عن صحته، يُعتبر صغيراً جِـدًّا، نظراً إلى حجم القوة ومهماتها؛ وكونها تعمل في الأصل خارج مسرح العمليات.

أثبتت التجارب أن الذخيرة التي زُوّدت بها سفن البعثة لا تتناسب مع المهمة ومع أسلحة الخصم

وعليه، يمكن القول إن حال «أسبيدس»، في الوقت الراهن، يشكّل تدخلاً اعتبارياً ورمزياً في نصرة إسرائيل وحماية مصالحها في البحر الأحمر، أكثر من كونه قوة ردعية مؤثرة على قدرات اليمن أَو قراره السياسي.

وكان قد أَدَّى الفشل في مواجهة حركة «أنصار الله» إلى انسحاب معظم الدول التي شاركت في البعثة في الأسابيع والأشهر الأولى من بدء مهماتها، حَيثُ انسحبت ثلاث فرقاطات حربية (ألمانية وفرنسية ودنماركية)، وتراجعت بلجيكا عن نشر فرقاطة تابعة لها، الأمر الذي اعتُبر تقلصاً كَبيراً في حجم المهمة الأُورُوبية التي جاءت لدعم التحالف الأميركي – البريطاني «حارس الازدهار».

أَيْـضاً، كان مقرّراً، وفقاً لإعلان مسبق لوزارة الدفاع الألمانية، أن تنضم الفرقاطة «هامبورغ» إلى «أسبيدس» في 19 آب الجاري، إلا أن الوزارة أعلنت أن الفرقاطة لن تلتحق بالبعثة في الوقت الراهن، وزعمت أن السبب يتعلّق بضرورة بقائها في البحر المتوسط استعداداً لإجلاء المواطنين الألمان من لبنان في حال توسّعت الحرب.

إلا أن تقريراً نشره راديو «شمال هامبورغ» الألماني أكّـد أن الفرقاطة لا تمتلك راداراً قادراً على اكتشاف «الصواريخ الحديثة المضادة للسفن».

وَأَضَـافَ نقلاً عن مسؤول ألماني: «قرّرت وزارة الدفاع عام 2017/2018 عدم تحديث هذه التكنولوجيا لأسباب تتعلّق بالتكلفة، وتقييم التهديد على أنه لا يستدعي تحمل تلك التكلفة».

والجدير بالذكر أن ألمانيا سحبت الفرقاطة «هيسن» في نيسان الماضي، بعد أن أطلقت صواريخ اعتراضية في اتّجاه طائرة استطلاع أميركية من نوع «إم كيو ناين»، ظناً منها أنها طائرة مسيّرة يمنية.

وعلى ضوء فشلها، خضعت بعثة «أسبيدس» ومهمتها للنقاش على مدار الأشهر الستة الماضية، في ظل تضرر الاقتصاد الأُورُوبي من أحداث البحر الأحمر.

وعزا خبراء عسكريون أُورُوبيون الفشل في تنفيذ المهمة إلى أسباب عدة أهمها التالي:

– على المستوى التكتيكي: يتحدّث ضباط المهمة عن المفاجأة بنوعية المخاطر التي تواجهها قواتهم على مدار الساعة، ويصفون نجاتهم بأنها أقرب ما تكون إلى «لعبة حظ»، ويعترفون بأنهم غير مدرّبين على التعامل مع تلك التحدّيات، ويعيشون قلقاً دائماً من احتمال نجاح القوات اليمنية في استخدام ما يُسمى «الإغراق»، عن طريق إرسال عشرات الطائرات والزوارق المُسيّرة في وقت واحد.

– على مستوى التسلّح: أثبتت التجارب أن الذخيرة التي زُوّدت بها السفن لا تتناسب مع المهمة ومع أسلحة الخصم، فيما تعجز دول الاتّحاد عن تأمين خيارات أُخرى في الوقت الحاضر، فضلاً عن التكلفة الباهظة للذخيرة.

* الأخبار البيروتية

You might also like