كل ما يجري من حولك

محرقةُ جيت: المستوطنون يستعيدون التطهيرَ العِرقي

67

متابعات| تقرير*:

لم تكن المحرقة التي ارتكبها عشرات المستوطنين في قرية جيت شرقي محافظة قلقيلية شمالي الضفة الغربية المحتلة، مساء الخميس، استثنائية أو بعيدة من التوقّعات، نظراً إلى سجلّ الهجمات الدموية الطويلة التي باتت عصابات المستوطنين تشنّها بكثافة على القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة.

وحرصت تلك العصابات، في هجماتها الممنهجة تلك، على إشراك العشرات من المستوطنين على نحو متزامن فيها، بعد تسليحهم بالبنادق الآلية، وبكل ما يلزم لإحراق ما تقع أيديهم عليه من منازل ومركبات وممتلكات.

وفي حصيلة الغارة الدموية على جيت، قتل المستوطنون الشاب رشيد سدة (23 عاماً) بإطلاق الرصاص بشكل مباشر عليه، فيما أصيب آخر بجروح حرجة، ليرتفع عدد الشهداء برصاص المستوطنين في الضفة منذ السابع من تشرين الأول الماضي، إلى 18 شهيداً، فضلاً عن إصابة أكثر من 785 بجروح، حسبما وثّقته «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان».

وفي التفاصيل، فقد شارك في الهجوم نحو 100 مستوطن ملثّم، تسلّلوا إلى القرية من مدخلها الجنوبي، وشرعوا في إضرام النار في المركبات والأراضي الزراعية، ومهاجمة المنازل بالزجاجات الحارقة والرصاص، تحت أنظار جنود الاحتلال، ما تسبّب بإحراق 4 منازل و6 سيارات، من دون أن يعتقل جيش العدو أياً من هؤلاء المستوطنين، فيما أفاد «الهلال الأحمر الفلسطيني» بأن فرقه تعاملت مع 11 إصابة على الأقل في القرية.

وقبيل الهجوم المذكور، شهدت مناطق متفرقة في الضفة هجمات للمستوطنين، أحرقوا خلالها عشرات الدونمات الزراعية في سهل رامين شرقي طولكرم، وفي أراضي دير شرف القريبة من بؤرة رعوية استيطانية، حَيثُ أصيب شاب برصاص مستوطن خلال محاولته إخماد النيران.

كما سُجلت هجمات ضد مزارعين في قرية سوسيا في بلدة مسافر يطا جنوب الخليل، بهدف منع هؤلاء من جمع حصاد مزروعاتهم.

أيضاً، اعتدى مستوطنون على شاب بالضرب المبرح في خربة زويدين في البلدة نفسها، وحاولوا اقتحام أحد المنازل، واعتدوا بالضرب على صاحب المنزل بعد تصدّيه لهم.

أما في بيت لحم، فقد أحرق مستوطنون أشجار زيتون معمّرة في منطقة «خلايل اللوز» في الريف الشرقي للمدينة، ووضعوا غرفة متنقّلة وأعلاماً إسرائيلية في المنطقة.

وتحت وطأة تصاعد اعتداءات المستوطنين في منطقة الأغوار الشمالية، والتي تجري بحماية من قوات الاحتلال، اضطرت آخر العائلات الفلسطينية في تجمع «أم الجمال» البدوي، صباح أمس، إلى تفكيك مساكنها والرحيل قسراً.

وأفَادت مصادر محلية بأن 14 عائلة رحلت عن التجمع، إثر احتلال المستوطنين ينابيع المياه، وإغلاقهم المراعي، واقتحاماتهم المتكررة للمساكن وانتهاكهم حرماتها وترويعهم الأطفال والنساء، واستيلائهم على المركبات والجرارات الزراعية وسرقتهم المواشي، وصولاً إلى إقامتهم بؤرة استيطانية على مقربة من المساكن داخل «أم الجمال».

من جهتها، أفادت «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان»، أمس، بأن جيش الاحتلال والمستوطنين أشعلوا 273 حريقاً في أراضي المواطنين وممتلكاتهم بعد السابع من تشرين الأول 2023، ما أسفر عن عملية واسعة من التهجير القسري لـ26 تجمعاً بدوياً، وحصر الوجود الفلسطيني في «كانتونات» معزولة ومحاصرة.

وقالت الهيئة إن أبرز هذه الحرائق تركّز في محافظات: نابلس (120 حريقاً)، ثم رام الله والبيرة (42)، وجنين (26)، علماً أن 77 حريقاً طاولت أراضيَ وحقولاً ومزروعات، في حين طاولت 196 شققاً سكنية ومبانيَ ومركبات وغيرها.

 

قد يكون هجوم «جيت» فاتحة لهجمات أكثر دموية وشراسة واتساعاً

ويدرك الفلسطينيون أن هجوم «جيت» لن يكون الأخير، بل قد يكون فاتحة لهجمات أكثر دموية وشراسة واتساعاً، وسط غياب أي رادع للاعتداءات المماثلة التي قام بها المستوطنون منذ السابع من أُكتوبر، ولا سيما في حوارة، وترمسعيا، والمغير وغيرها من القرى.

ويؤشّر ذلك إلى محرقة قادمة تنتظر الضفة، يتحيّن المستوطنون الفرصة فقط لتنفيذها في عشرات القرى والمدن الفلسطينية، وسط انتشار البؤر الاستيطانية على أراضي تلك القرى، وتزايد أعداد المستوطنين، وانتشار ظاهرة تشكيل عصابات مسلحة، وتدريب عناصرها في جبال الضفة، وتسليح أكثر من 150 ألف مستوطن في الضفة والداخل المحتل، والأهم تحريض المستوطنين على القتل.

وفي هذا السياق، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع مصوّرة تظهر مستوطنين يجرون في الجبال تدريبات بدنية وعسكرية لفتية سيلتحقون بجيش «دولة يهودا» التي يطمحون إليها.

وفيما يحظى المستوطنون بدعم مالي وعسكري من حكومة الاحتلال، تبدو التصريحات التي صدرت عن رئيسها، بنيامين نتنياهو، أو عن جيش العدو أو وزراء ومسؤولين، والرافضة للهجوم، سخيفة للغاية؛ إذ إن هؤلاء المستوطنين في الحقيقة تتلمذوا على أيدي الوزيرين في الحكومة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش الذي دعا سابقاً إلى إحراق بلدة حوارة بالكامل.

ويهدف قادة الاحتلال السياسيون والعسكريون، من وراء إعلان هذا «الرفض»، إلى امتصاص الإدانات الدولية لهجوم المستوطنين، فيما ألقى بن غفير المسؤولية على الجيش ورئيس الأركان، هرتسي هاليفي، بسبب «عدم قمعه الفلسطينيين في القرية».

وتعقيباً على الهجوم، قال الصحافي الإسرائيلي، باراك رافيد، إنه «قد يكون اليهود الذين ينفذون بالفعل الهجمات ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية مجموعة صغيرة، لكن دوائر الدعم السياسي والتمويل المالي والترويج والحماية القانونية لهم أكبر بكثير، هم في الحكومة، في الكنيست، في الجيش وفي وسائل الإعلام».

وفي المقابل، وفي تماهٍ مع المستوطنين، أفرجت سلطات الاحتلال، أمس، عن مستوطن واحد كانت اعتقلته بشبهة عرقلة عمل شرطي – وليس المشاركة في الهجوم الإرهابي على جيت -، في وقت أكّد شهود عيان ومسؤولون أمنيون إسرائيليون أن الشرطة لم تتواجد في البلدة أساساً لمنع الهجوم.

* الأخبار اللبنانبة

You might also like