كل ما يجري من حولك

ارتداداتٌ «جانبيّة» لضرب تل أبيب: الرياضُ تكبحُ التصعيد الاقتصادي ضدّ صنعاء

204

متابعات| تقرير*:

بعد الهجوم اليمني ضدّ الكيان الإسرائيلي، استوعبت السعوديّة، على ما يبدو، تحذيرات قيادة حركة «أنصار الله»، وتراجعت عن التصعيد الاقتصادي الأخير الذي قادته الحكومة الموالية للتحالف السعوديّ – الإماراتي في مدينة عدن.

وأكّـد رئيس وفد صنعاء المفاوض، محمد عبد السلام، توصّل صنعاء والرياض إلى اتّفاق جديد ينهي التوتّر القائم منذ أسابيع بين العاصمتين، ويقضي بإلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين، ولا سيما إجراءات بنك عدن المركزي ضد بنوك صنعاء، والتوقّف مستقبلاً عن أي قرارات أَو إجراءات مماثلة، فضلاً عن استئناف طيران «اليمنية» الرحلات بين صنعاء والأردن، وزيادة عددها إلى ثلاث يوميًّا، بعدما كانت ست رحلات شهرياً.

كذلك، جرى الاتّفاق على فتح وجهتين جديدتين من مطار صنعاء إلى القاهرة والهند يوميًّا، أَو بحسب الحاجة، على أن يتم حَـلّ الخلافات الخَاصَّة بالجوانب الإدارية والفنية والمالية، والتي تواجهها شركة «اليمنية».

كما جرى التوصل إلى اتّفاق على استئناف المفاوضات الخَاصَّة بالملفَّين الإنساني والاقتصادي وفق «خريطة الطريق».

ورأت مصادر مقرّبة من حركة «أنصار الله»، في تصريحات إلى «الأخبار»، أنّ الاتّفاق «خطوة إيجابية» ستجنّب السعوديّة تبعات ردّ صنعاء على التصعيد الاقتصادي الأخير الذي شمل البنوك التجارية والإسلامية، وكذلك شركات الاتصالات الخَاصَّة، وشبكات التحويلات المالية.

وأشَارَت إلى أن الاتّفاق وقّعت عليه السعوديّة خطياً والتزمت بتنفيذه؛ باعتبَارها صاحبة القرار الفعلي.

وقوبل إعلان اتّفاق التهدئة بسخط كبير في أوساط الموالين لحكومة «التحالف»، والتي عدّته «انتكاسة كبيرة»، متهمة «المجلس الرئاسي» بالتنازل عن قرارات «سيادية»، وعدم احترام خطوات البنك المركزي المعترف به دوليًّا.

وإذ نفت مصادر مقربة من حكومة عدن، لـ«الأخبار»، صحة اعتقال الرياض محافظ بنك عدن، أحمد المعبقي، الذي يزورها منذ أَيَّـام، فقد أكّـدت أن السعوديّة مارست ضغوطاً على المحافظ للتراجع عن استقالته التي قدمها الأسبوع الماضي، وتراجعت عن الإطاحة به، بشرط الالتزام بالاتّفاق الموقّع بينها وبين «أنصار الله» بخصوص وقف الإجراءات التصعيدية ضد البنوك في صنعاء.

وقالت إن المملكة وعدت حكومة عدن بتقديم الدفعة الرابعة من المنحة السعوديّة المقدّرة بمليار دولار، ومقدارها 250 مليون دولار، وذلك في ظل تسارع انهيار سعر صرف العملة في عدن، حَيثُ وصل الدولار إلى 1920 ريالاً، مقابل استقرار سعر صرف العملة في مناطق سيطرة صنعاء، بسعر 530 ريالاً للدولار الواحد.

من جهته، رحّب مكتب المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، بالاتّفاق، وأكّـد استعداده للترتيب لعقد جولة مفاوضات جديدة بشأن الملف الاقتصادي والإنساني، وعبّر عن أمله في التزام الأطراف الموقّعة على الاتّفاق بما جاء فيه.

ومن شأن هذا الأخير احتواء التوتر بين صنعاء والرياض، بعد تهديد قائد «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، باستهداف موانئ السعوديّة وبنوكها ومطاراتها رداً على التصعيد الاقتصادي ضدها، وهو ما أسهمت في التوصل إليه سلطنة عمان، بالإضافة إلى الديبلوماسية الصينية.

وتقول مصادر ديبلوماسية مطّلعة، لـ«الأخبار»، إن الرياض طلبت من بكين وساطة مع صنعاء بعد تهديدات الحوثي، مضيفة أن جهود الوساطة الصينية جرت بالتنسيق مع غروندبرغ، لعقد مفاوضات جديدة بشأن الملف الاقتصادي.

وفي السياق، ذكرت «وكالة سبأ» التي تبثّ من الرياض، أن رئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، استمع إلى إحاطة من القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن، شاو تشنغ، بشأن جهود بكين «الحميدة»؛ مِن أجلِ إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، فضلاً عن تلقّيه طلباً من سفراء الاتّحاد الأُورُوبي بسرعة وقف التصعيد مع صنعاء.

ويتزامن الاتّفاق بين صنعاء والرياض، مع استمرار استعدادات الأولى لتنفيذ عمليات واسعة في عمق الكيان الإسرائيلي في إطار «المرحلة الخامسة» التي دخلت حيّز التنفيذ مطلع الأسبوع الجاري.

وكشفت مصادر مطّلعة، لـ«الأخبار»، أن صنعاء تلقّت اتصالات إقليمية ودولية، خلال الساعات الماضية، جميعها حاولت ثنيها عن الرد على الكيان الإسرائيلي، لمنع توسع الصراع الجاري منذ أكثر من تسعة أشهر، «وعدم إفشال المساعي الإقليمية الرامية إلى إحداث اختراق على صعيد التوصّل إلى صفقة تبادل أسرى ووقف النار في قطاع غزة».

وقال أكثر من مصدر إن صنعاء تلقّت عدداً من الرسائل التي وُجّهت من دول عربية مجاورة لفلسطين عبّرت عن مخاوفها من اتساع نطاق الصراع وتفجّر الوضع إقليمياً، ودعت إلى وقف التصعيد الجوي اليمني ضد الكيان الإسرائيلي.

لكنها اعتبرت تلك الرسائل مستفزّة من أنظمة تقف ضدّ أي عمليات جوية ضد الكيان تحت مسمى «انتهاك السيادة»، كما حدث إزاء الرد الإيراني على العدوان الإسرائيلي في منتصف نيسان الفائت، بينما تقف موقف المتفرّج إزاء ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني من مجازر وإبادة جماعية من قبل جيش الاحتلال.

أما واشنطن فبعثت بعدة رسائل، وحاولت هذه المرّة رفع مستوى العرض المقدّم من قبلها لصنعاء بشرط وقف أي هجمات يمنية ضد إسرائيل.

ووفقاً لمصادر سياسية مطّلعة، فإنّ وسطاء إقليميين نقلوا رسائل أميركية وخليجية، أكّـدت استعداد دول الجوار للتكفّل بإصلاح الأضرار الناتجة من الغارات الإسرائيلية التي طاولت ميناء الحديدة ومنشأة النفط في الميناء ومحطة كهرباء المدينة الساحلية، السبت، الماضي.

وردّت صنعاء على تلك الرسائل بالتأكيد أن حربها مع الكيان لن تتوقّف إلا بوقف الحرب الإجرامية ضد أهالي غزة ووقف المجازر اليومية التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني، وأنّ الردّ اليمني سيفوق كُـلّ حسابات العدوّ الإسرائيلي.

* الأخبار البيروتية

You might also like