كل ما يجري من حولك

إلحاح تركي على التطبيع: أردوغان يستعجل لقاء الأسد

إلحاح تركي على التطبيع: أردوغان يستعجل لقاء الأسد

72

متابعات:

للمرة الثالثة خلال أسبوع واحد، أعاد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إبداء رغبته في لقاء الرئيس السوري، بشار الأسد، معلناً أنّه أوكل مهمة التمهيد لهذا اللقاء لوزير خارجيته، هاكان فيدان، الذي كان يرأس الاستخبارات التركية، وأجرى لقاءات عديدة مع مسؤولين سوريين خلال حوار سوري – تركي سابق لم يصل إلى نتيجة، في ظل تمسك دمشق بانسحاب الجيش التركي من الشمال السوري، ومراوغة أنقرة في تلبية ذلك.

وقال الرئيس التركي، في تصريحات على هامش حضوره قمة «حلف شمال الأطلسي» (الناتو)، إنه دعا «الأسد قبل أسبوعين إما للمجيء إلى بلدنا أو لعقد هذا الاجتماع في بلد ثالث»، مضيفاً: «كلّفت وزير خارجيتنا بهذا الشأن، وهو بدوره سيتواصل مع نظرائه للتغلب على هذه القطيعة والمضي قدماً في بدء عملية جديدة».

وتزامنت التصريحات الجديدة لإردوغان، والتي جاءت بعد نحو خمسة أيام تحدّث خلالها عن «رياح التغيير» في المنطقة، وعن طموحه إلى رؤية سوريا «مزدهرة بأبنائها»، مع محاولات أطراف سياسية تركية، من بينها حزب «الشعب الجمهوري»، وهو أكبر الأحزاب المعارضة في البلاد، التواصل مع دمشق.

كما يأتي ذلك فيما لا تزال هذه الأخيرة تلتزم الصمت، حتى الآن، باستثناء تصريحات أدلى بها الرئيس السوري خلال لقائه المبعوث الخاص للرئيس الروسي، ألكسندر لافرنتييف، مطلع الشهر الحالي، أعلن خلالها انفتاح دمشق على جميع المبادرات المرتبطة بالعلاقة بين سوريا وتركيا، والمستندة إلى سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها من جهة، ومحاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته من جهة أخرى.

وبالتزامن مع الحراك السياسي لفتح الأبواب المغلقة بين دمشق وأنقرة، والذي تقوده روسيا، ويشارك فيه العراق وتدعمه إيران والصين ودول الخليج، باستثناء قطر، بدأت وسائل إعلام عربية وعالمية نشر تقارير تتحدث عن مشكلات تواجه هذه الخطوات، الأمر الذي يذكّر بموجة تشويش كبيرة سُجلت خلال محادثات سابقة للتطبيع بين البلدين، فيما تحدّث نائب رئيس حزب «الوطن» التركي، هاكان توبكورولو، عن أن استخبارات دولية تدبّر استفزازات تهدف إلى منع اللقاء المحتمل بين الرئيسين (الأسد وإردوغان).

وفي وقت لم يذكر فيه السياسي التركي أسماء الدول التي تحاول عرقلة هذا اللقاء، تظهر الولايات المتحدة وفرنسا (التي حاولت خلال الأعوام القليلة الماضية توسيع حضورها الاستخباراتي في الشمال والشمال الشرقي من سوريا) أكبر الخاسرين، في ظل النتائج المؤكدة لذلك التطبيع، في حال حدوثه، والتي ستنتهي معها «الإدارة الذاتية» الكردية المدعومة أميركياً، وتُطوى بشكل تدريجي أزمة اللاجئين السوريين في تركيا، والذين تم استثمارهم سياسياً بمختلف الطرق.

أعلن العراق أن الترتيبات جارية لاستضافة مسؤولين سوريين وأتراك

بدوره، أعلن العراق، الذي يلعب دوراً وسيطاً بين دمشق وأنقرة، أن الترتيبات جارية لاستضافة مسؤولين سوريين وأتراك. وقال وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، في حديث تلفزيوني من واشنطن، إن «مبادرة العراق للتوسط بين أنقرة ودمشق والتواصل مستمرة»، مضيفاً أنه التقى نظيره التركي في واشنطن، وأن «هناك تواصلاً مستمراً من قبل العراق مع الجانب السوري، وسنحدد موعداً لعقد اللقاء السوري – التركي في بغداد». وفي الوقت نفسه، نفى ما يتم تداوله عن رفض روسي لإجراء هذا اللقاء في العراق، قائلاً إن «العراق لا يأخذ الضوء من الآخرين، ولكن نتباحث مع الأصدقاء والحلفاء بشأن الخطوات التي نتخذها وخاصة ما يتعلق منها بأمن واستقرار المنطقة».

أما على الصعيد الميداني، فتشهد مناطق الشمال السوري حالة فوضى مستمرة، برغم نجاح تركيا في قمع التظاهرات التي خرجت خلال الأيام الماضية على خلفية انفتاح أنقرة على التطبيع مع دمشق، عبر القبض على عشرات السوريين الذين تم نقلهم من الشمال السوري إلى تركيا، بعد تعرض مقرات ومواقع تركية لهجمات من متظاهرين قام بعضهم بإحراق العلم التركي.

ويبدو أن هذا الأمر نجح في منع المتظاهرين من الاقتراب من المصالح التركية، لتتوجه أنظارهم إلى «الائتلاف المعارض» الذي ينشط من تركيا، و«الحكومة المؤقتة» التابعة له، والتي هاجم متظاهرون مقراتها في إعزاز في ريف حلب الشمال، أمس، وقاموا بتحطيمها وإغلاقها. وخلال الأسبوع الماضي، عقد مسؤولون أتراك سلسلة اجتماعات مع قياديين من الفصائل المعارضة، وعدد من المؤثرين، لإبلاغهم بضبط الأوضاع، وتوسيع النشاط الأمني لمنع الانفلات، في ظل خشية تركيا من انتقاله إلى أراضيها، خصوصاً بعد موجة عنف تعرّض لها لاجئون سوريون في مناطق تركيّة عديدة، أبرزها ولاية قيصري.

وفي سياق متصل، سمحت دمشق، بقرار سيادي، بتمديد إدخال المساعدات العابرة للحدود، عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا لستة أشهر إضافية، بعد انتهاء مفاعيل تفويض سابق، ليبدأ التفويض الجديد بتاريخ 13 تموز 2024 وينتهي في 13 كانون الثاني 2025، وفق ما أعلن مكتب الأمين العام للأمم المتحدة. وذكر البيان أن «التمديد ضروري لعمليات الأمم المتحدة عبر الحدود، حيث نتمكن نحن وشركاؤنا كل شهر من إيصال المساعدات إلى ما يزيد على مليون شخص»، مشيراً إلى أن «هذا أقل بكثير من الأعوام السابقة بسبب نقص التمويل»، في ظل انشغال الولايات المتحدة وحلفائها في الاتحاد الأوروبي بدعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، وإسرائيل في حرب الإبادة التي تشنها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

ومن جهته، أشار «منسق الشؤون الإنسانية في سوريا»، آدم عبد المولى، إلى مسألة تراجع التمويل، موضحاً أنه «بعد مرور أكثر ستة اشهر، لم يتم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا لعام 2024 البالغة 4.1 مليارات دولار أمريكي، إلا بنسبة أقل من 20%، حيث تم تلقي 780 مليون دولار أميركي حتى الآن».

وأضاف أن «المساعدات الطارئة وحدها أثبتت أنها غير مستدامة ويجب استكمالها ببرامج التعافي المبكر لانتشال الناس من براثن الفقر وتحقيق نتائج مستدامة»، في إشارة إلى مشاريع إعادة بناء البنى التحتية، والتي تعارضها واشنطن كونها تشكّل بوابة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين، ما يعني احتراق ورقة «الأوضاع الإنسانية» التي تستعملها للضغط على دمشق.

*جريدة الأخبار اللبنانية

You might also like