الولايات المتحدة تفشل في تغطية مخاوفها من القوة العسكرية البحرية لأنصار الله وتكشف للعالم هذه الحقيقة (تفاصيل)
متابعات / تقرير
بينما حاولت الولايات المتحدة من خلال تشكيل تحالف بحري في ديسمبر الماضي، إجبار حركة أنصار الله على وقف العملية الصاروخية في البحر الأحمر ضد السفن الصهيونية بهجمات واسعة النطاق على اليمن، لكن خلافاً للتوقعات، لم تقتصر هذه الهجمات على فتح متنفس البحر للمناطق التي لم تكن محتلة، بل أضيفت السفن الأمريكية والبريطانية أيضاً إلى قائمة أهداف صنعاء العسكرية؛ وهي القضية التي لفتت انتباه العالم إلى اليمن كقوة بحرية ناشئة.
وفي هذا المجال كشف اليمنيون خلال أسابيع عن بعض إنجازاتهم العسكرية الجديدة ليؤكدوا السرعة العالية لنمو القوة العسكرية البحرية لهذا البلد والعجائب التي أقلقت الصهاينة وأمريكا، وعلى هذا الأساس، كشفت البحرية اليمنية، يوم الأحد الماضي، عن زورق حربي جديد يحمل اسم “العاصفة المدمرة”، ويتمتع هذا الزورق القابل للتوجيه والمبني محليًا بقدرة تدميرية عالية ويحمل رأسًا حربيًا يتراوح وزنه بين 1000 و1500 كجم.
إن زورق “العاصفة المدمرة” مجهز بتكنولوجيا متقدمة، مع جهاز تحكم يدوي وعن بعد، وتصل سرعة هذا الزورق إلى 45 ميلا بحريا في الساعة، ويعمل في جميع الظروف البحرية، كما بثت وسائل إعلام عسكرية يمنية، إحدى عمليات زورق “عاصفة التدمير” التي استهدفت السفينة “ترانس وورلد نافيجيتور” في البحر الأحمر الأسبوع الماضي، وتعد صناعة هذا الزورق خطوة مميزة في صناعة الأسلحة المحلية في اليمن وتظهر القدرات المتقدمة للقوات البحرية لهذا البلد في مجال تطوير الأسلحة المتقدمة.
ويشكل الكشف عن أسلحة اليمن الجديدة تحذيراً للسلطات الأمريكية والصهيونية من أنه إذا استمرت أزمة غزة وامتدت الحرب نحو لبنان، فإن أنصار الله مستعدون لتقديم إجابات أكثر صرامة وسحقاً للأعداء دعماً لمحور المقاومة، وقد حذر قادة صنعاء مرارا وتكرارا من أنهم لن يوقفوا عملياتهم في البحر الأحمر طالما استمرت الحرب في غزة.
ومفاجأة أنصار الله الجديدة، والتي لن تنتهي عند هذه المرحلة، جاءت في وقت زعمت فيه سلطات واشنطن أنها دمرت الكثير من البنى التحتية العسكرية في اليمن، لكن يبدو أن اليمنيين أمامهم خيارات كثيرة سيكشف النقاب عنها وفقا لمتطلبات الوقت.
زيادة قوة الردع لأنصار الله
وعلى الرغم من الحظر الذي فرضه التحالف السعودي الإماراتي منذ عقد من الزمن، تمكنت أنصار الله من تعزيز قوتها العسكرية وتطوير قدراتها العسكرية الاستراتيجية، من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز إلى أنواع مختلفة من الطائرات الهجومية دون طيار، ومنذ بدء حرب غزة، كشفت القوات المسلحة اليمنية عن أسلحة جديدة، من بينها طائرة دون طيار “خاطف 2” وطائرات “قاصف 2K” و”راقب”، بالإضافة إلى العديد من الصواريخ بعيدة المدى، بما في ذلك صواريخ بعيدة المدى “معراج” و”برق 1″.
كما كشفت قوات أنصار الله ولأول مرة عن صاروخ كروز سجيل بالوقود الصلب “برق 2 وفاطر 1 وصدر 1 وسجيل 2” والطائرة الهجومية “وعيد 1” التي تحمل رأسا متفجرا قويا، وفيما يتعلق بالأسلحة البحرية، كشفت أنصار الله عن صاروخ جديد يسمى الصياد، وهو صاروخ كروز يعمل بالوقود الصلب والسائل ولا يمكن رصده بالرادارات، كما أنتجت البحرية صنعاء ألغاماً بحرية ثاقب وكرار ومجاهد وصواريخ بحرية متطورة محلياً لأول مرة.
وكان الحدث المهم المفاجئ لأنصار الله الكشف عن الصاروخ الأسرع من الصوت الذي تم اختباره قبل أشهر قليلة، وحذر قادة صنعاء من أنهم بعد ذلك سيستهدفون السفن الصهيونية في المحيط الهندي وجنوب أفريقيا بالإضافة إلى البحر الأحمر، وكتبت مجلة “ناشيونال إنترست” في تقرير اعترفت فيه بالقدرة الصاروخية للقوات المسلحة اليمنية على مهاجمة السفن الأمريكية: “أثبت أنصار الله أنهم قادرون على صد البحرية الأمريكية بأكملها بالصواريخ التي بحوزتهم”.
لقد ثبت الآن أن التحالف البحري الأمريكي لم يفشل فقط في استعادة أمن الشحن إلى البحر الأحمر، ولكن مع إشعال الحرب ضد اليمن، أشعل نار الحرب في المنطقة ولهذا لا ترغب العديد من شركات الشحن في المرور عبر هذه المنطقة البحرية، وقد اعترف مسؤولو البنتاغون مؤخراً بأن هجمات أنصار الله على السفن الأمريكية في البحر الأحمر أصبحت أكبر تهديد وتحدٍ لمصالح البلاد منذ الحرب العالمية الثانية.
والآن ضعفت قوة الردع والهيمنة الأمريكية في المنطقة والعالم، ولا شك أن شيوخ العرب الذين عهدوا بأمنهم إلى هذا البلد سيعيدون النظر في سياساتهم الأمنية، تماماً كما توجهت هذه الدول نحو الصين وروسيا في الآونة الأخيرة، وهذا يعني الابتعاد عن واشنطن وتقليل الاعتماد العسكري على هذه القوة المتراجعة، وتمتلك أنصار الله حاليا أسلحة ومعدات متطورة يمكن أن تلحق بها أضرارا جسيمة في حالة التهديد الأمريكي، وتؤكد السلطات العسكرية اليمنية أن ما كشفت عنه حتى الآن ما هو إلا جزء من ترسانة الأسلحة المتنوعة للبلاد، والتي يمكن استخدامها للتعامل مع تهديدات الأعداء.
وبما أن التجارة البحرية للكيان الصهيوني تعتمد بشكل كبير على البحر الأحمر، بعد تنفيذ التهديدات التي وجهتها القوات المسلحة اليمنية ضد هذا الكيان، فإن الإسرائيليين قلقون للغاية بشأن العواقب الاقتصادية لهذه الهجمات، ووجه الحصار البحري الذي فرضته أنصار الله ضربة قاصمة لاقتصاد الكيان الصهيوني، وقال جدعون غولبار المدير التنفيذي لميناء إيلات: “عقب تهديدات اليمنيين وعرقلة مرور السفن المتجهة من وإلى إيلات، فقد أصيب هذا الميناء بالشلل التجاري ولم تعد السفن تدخله”.
ويعد مضيق “باب المندب” أحد أكثر الاختناقات البحرية استراتيجية في العالم، ويعد هذا المضيق، بعد مضيق هرمز وملقا، أكبر وأهم طريق لنقل النفط، حيث يمر عبره يوميًا أكثر من 6 ملايين برميل من النفط ونحو 4% من إجمالي تدفق النفط العالمي، وبعيدًا عن النفط، فإن 30% من تجارة الغاز الطبيعي في العالم تمر عبر هذا الطريق.
وتؤكد المعطيات أن صنعاء لها اليد العليا في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب، والمعادلات الموجودة اليوم يمكن تطويرها غداً وستكون مقدمة لنهاية الهيمنة الأمريكية في المنطقة، ما يدل على عجزها النهائي عن حماية وجود الكيان الصهيوني، وفي هذا الصدد، يرى الخبراء أن العملية غير المسبوقة التي قام بها الجيش اليمني، بالإضافة إلى منع مساعي الولايات المتحدة وإنجلترا لكسر الحصار البحري للكيان الصهيوني، أظهرت أيضًا القوة العسكرية التي لم تكن واشنطن على علم بها وعبثت بها بالفعل.
وتعتزم أنصار الله استغلال الوضع الحالي لإظهار مواقفها المناهضة لـ”إسرائيل”، وتمييز نفسها عن بعض الدول العربية التي قامت بتطبيع علاقاتها مع “إسرائيل” علناً أو ضمناً، وفي الوقت الذي يتردد فيه صدى المشاعر العامة في الدول العربية مع معارضة “إسرائيل” وفظائعها ضد الفلسطينيين، فإن تصرفات أنصار الله في البحر الأحمر تحظى بالإشادة باعتبارها رد فعل قوياً من قبل مواطني الدول العربية غير الراضين عن الموقف السلبي للحكام العرب، بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأنصار الله استغلال هذه الفرصة لإظهار دورهم المؤثر والقوي في اليمن كلاعب يمكنه تحدي القوى العالمية الكبرى.
المصدر : الوقت التحليلي