كل ما يجري من حولك

بريطانيا تكشف الدور الإماراتي في دعم مليشيات ’’الدعم السريع’’ في السودان وتزويدها بمسيرات هجومية (تفاصيل خطيرة )

130

متابعات / تقرير

كشف تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تفاصيل تزويد الإمارات ميليشيات قوات الدعم السريع في السودان بطائرات مسيرات هجومية ما دفع إلى تأجيج الصراع الداخلي في البلاد والمتسمر منذ أكثر من عام. وقالت التحقيق إن الطائرات المسيرة أجنبية الصنع صارت اللاعب الأبرز في الحرب السودانية بين الجيش وقوات الدعم السريع، إذ غيرت مسار الحرب على الأرض منذ ظهورها أواخر العام الماضي.

ووثق تحقيق بي بي سي نيوز عربي امتلاك الجيش السوداني نوعين على الأقل من المسيرات الإيرانية، فضلا عن مسيرات انتحارية، استخدمها خلال الحرب.
في المقابل، حصلت قوات الدعم السريع على مسيرات تجارية معدلة لتتمكن من إلقاء القذائف. واتهم خبراء تحدثوا لبي بي سي دولة الإمارات بإمداد الدعم السريع بهده المسيرات عبر جسر جوي مخصص لنقل السلاح.
وفي التحقيق، حللت بي بي سي نيوز عربي عشرات المقاطع المصورة، ووثقت الأسلحة والمسيرات الجديدة التي حصل عليها طرفا الصراع منذ بداية الحرب، وكيفية وصولها إلى السودان، وكيفية تغييرها لمسار الحرب.
حرب السماء والأرض
“اعتمد الجيش في المراحل الأولى من الحرب على سلاح الطيران. سلاح الجو لا يمكن أن يحدث تفوقا عسكريا لا سيما ضد قوة أرضية خفيفة في تسليحها وسريعة في حركتها”، يقول سليمان بلدو، مدير المرصد السوداني للشفافية والسياسات لبي بي سي.
ويضيف “يجب أن نتذكر أن قوات الدعم السريع كانت بمثابة القوات الأرضية للجيش. بعد الحرب، وجدت القوات المسلحة كل قواتها التفضيلية محاصرة، مثل سلاح المدرعات والقاعدة الجوية في وادي سيدنا، ولم تكن لديها قوات مقاتلة على الأرض، وهذا كان سببا رئيسيا في أنها كانت في موقف الدفاع لعدة شهور”.
رسمت هذه الظروف خريطة السيطرة على الأرض، إذ احتفظ الجيش بالسيطرة على مواقع محدودة في الخرطوم، وبقي محاصرا في قواعده لأشهر عدة، لكنه ظل محتفظا بانتشاره في السماء.
أما قوات الدعم السريع فكانت تسيطر على معظم أراضي العاصمة، وكذلك على معظم إقليم دافور غربي البلاد.
مسيرات انتحارية بيد “الدعم السريع”
في الأسابيع الأخيرة، ظهرت أدلة على استخدام الدعم السريع مسيرة انتحارية مصنوعة من مكونات تجارية، أي أنها ليست مسيرات عسكرية.
استخدمت المسيرة ضد أهداف تابعة للجيش شرقي وشمالي السودان، كما تظهر صور على مواقع التواصل الاجتماعي.
حسب فيم زوينينبيرج، تعد هذه المسيرات “بعيدة المدى، رُصد استخدامها ضد أهداف تابعة للجيش السوداني خلف الخطوط الأمامية بمسافة بعيدة عن مناطق القتال الأساسية”.
بالنسبة لزوينينبيرج، يعد التزود بمسيرات مصنوعة من مكونات تجارية مؤشرا على محاولة إخفاء الطرف الذي يدعم قوات الدعم السريع بالسلاح، كما يعد محاولة للتهرب من المساءلة.
“مسيرات إماراتية”
بالإضافة إلى المسيرات الانتحارية، امتلكت قوات الدعم السريع في وقت مبكر من الحرب مسيرة من طراز كواد كابتر مصنوعة أيضا من مكونات تجارية، وبإمكانها إلقاء قذائف هاون من عيار 120 ملم.
أسقط الجيش العديد من هذه المسيرات وعثر على صناديق تحتوي قذائف مخصصة لها، وفقا لصور ومقاطع مصورة نشرت على مواقع التواصل.
يتهم بريان كاستنر، خبير الأسلحة في منظمة العفو الدولية، دولة الإمارات بأنها وراء تزويد الدعم السريع بهذه المسيرات. ويقول إن “الإمارات زودت حلفائها بالمسيرة نفسها في مناطق صراع أخرى مثل إثيوبيا واليمن. وكانت تلقي هذه المسيرات قذائف 120 ملم معدلة تحمل علامات من صربيا”.
ويضيف كاستنر: “وجدنا صناديق من هذه القذائف الصربية في مناطق مختلفة في السودان، عليها ما يفيد بأنها مستوردة بواسطة الإمارات. كما وجدنا أن هذه القذائف حديثة الصنع ودخلت السودان قبل فترة قصيرة”.
مضادات الطيران
إلى جانب المسيرات، حاولت قوات الدعم السريع ترجيح كفتها في الحرب، وتحييد سلاح الطيران الذي يمتلكه الجيش، باستخدام دفاعات جوية.
يظهر مقطع مصور نُشر في مارس2024، استخدام قوات الدعم السريع منظومة دفاع جوي محمول على الكتف ذات قدرات متطورة، تسمى FN-16.
استخدام هذا السلاح فاجأ خبراء الأسلحة في منظمة Small Arms المتخصصة في تتبع استخدام الأسلحة بشكل غير مشروع.
يقول مات شرودر الباحث المتخصص بالمضادات الجوية المحمولة على الكتف بمؤسسة Small Arms إن “هذه المرة الأولى التي نرى فيها هذه المنظومة في يد مجموعة مسلحة. تكتيكيا، هذا السلاح مهم للغاية لأنه يوفر للقوات على الأرض مدى قصير فعال للغاية. منظومات الدفاع الجوي ذات الارتفاع المنخفض تقوض قدرة الطيران على العمل، خاصة خلال ساعات النهار”.
تعرفت المنظمة أيضا على 4 منظومات دفاع جوي أخرى في يد قوات الدعم السريع.
بالنسبة إلى شرودر، يعد هذا التنوع الكبير في الأسلحة “غير معتاد، حتى بالنسبة لأفضل الجماعات تسليحا. لذا نشعر بقلق بالغ عندما نرى هذه المنظومات خارج سيطرة الحكومات. السيناريو الأسوأ هو استخدام جماعات إرهابية لتلك المنظومات ضد الطائرات التجارية، وإذا نجحت جماعة إرهابية في إسقاط طائرة تجارية باستخدام تلك المنظومة فسأشعر بأنني مدمَّر”.
ووفقا لقاعدة بيانات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام، لم يشتر الجيش السوداني إلا واحدة من هذه المنظومات، وهيFN-6 .
ويعتقد الخبراء أن قوات الدعم السريع استولت على هذه المنظومة، بينما جاءت البقية من خارج البلاد.
كيف وصلت هذه الأسلحة لقوات الدعم السريع؟
في المقابل، كانت هنالك 3 طرق لإمداد قوات الدعم السريع بالأسلحة، من ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى، وفقا لتقرير للأمم المتحدة.
إلا أن هناك طرفا رابعا متهما بالمشاركة في هذه الإمدادات، دولة الإمارات وذلك عبر جسر جوي مكون من نحو عشر طائرات بين أبو ظبي وتشاد.
وفقا لتقرير الأمم المتحدة الذي قُدم لمجلس الأمن مطلع العام الحالي، رصد خبراء في تتبع الملاحة الجوية، جسرا جويا تتناوب عليه طائرات مدنية، على نقل أسلحة لقوات الدعم السريع.
يبدأ المسار من مطار أبو ظبي في الإمارات، ويمر بمطاري نيروبي وكامبالا، قبل أن ينتهي في مطار أم جرس في تشاد، على بعد كيلومترات قليلة من الحدود الغربية للسودان، حيث مناطق سيطرة قوات الدعم السريع.
يقول تقرير الأمم المتحدة إن لهذه الادعاءات ما يدعمها.
كما نقل عن مصادر محلية وجماعات عسكرية وجود سيارات تنقل حمولات من الأسلحة – فرغتها طائرات – عدة مرات أسبوعيا في مطار أم جرس في تشاد، وتنقلها إلى دافور، ثم إلى باقي السودان.
ظل الجسر الجوي نشطا حتى نهاية 2023، بحسب التقرير.
خلال الربع الأول من عام 2024، تتبعنا الطائرة Ilyushin 76 EX-76003، ورصدنا 7 رحلات جوية على الأقل للطائرة من أبوظبي أقلعت نحو تشاد.
“لدى الإمارات مصالح اقتصادية في السودان أيضا وتبحث عن موطأ قدم على البحر الأحمر”، يقول سليمان بلدو.
ويضيف: كل الدول التي تدعم الحرب تسعى لمصالحها الشخصية وليس لمصلحة الطرف الذي تزوده بالسلاح. هو دعم من النوع الطفيلي، يحاول جني الأرباح دون دفع ثمن مباشر.

You might also like