القاتلُ الصهيونيُّ في إسورة مفرغة: تقادُمُ الحرب يخدم المقاوِمَ
متابعات| تقرير*:
مع ساعات مساء أمس، تطوّر المشهد الميداني في مناطق شمال وادي غزة على نحو لافت، إذ أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال بدء عملية برية في المحور الذي يفصل شمال قطاع غزة عن وسطه وجنوبه. وفيما كانت الطائرات الحربية تشن عشرات الغارات في وسط مدينة غزة وشمالها وشرقها، توغّلت الدبابات الإسرائيلية في منطقتي البورة وشارع النعايمة في بلدة بيت حانون أقصى شمال القطاع، وذلك تحت غطاء دفعي كثيف طاول بلدات بيت لاهيا وبيت حانون وشرق جباليا. وفي المقابل، تمكّنت المقاومة في لحظات التوغّل الأولى، من تنفيذ عدد من المهمات القتالية، إذ أعلنت «كتائب القسام» أن مقاتليها قنصوا جندياً على أطراف بيت حانون، قبل أن تؤكد في وقت لاحق أنهم فجّروا جرافة «دي ناين» بقذيفة «الياسين 105»، واستهدفوا تحشّدات العدو بوابل من قذائف الهاون النظامية الثقيلة. ويشير هذا التوغّل، وهو الثاني الذي يشنّه جيش العدو خلال أقل من أسبوع، ضد بلدة حدودية نالت منذ اليوم الأول للحرب القدر الأكبر من النار، وتواصَل التوغّل البري فيها لأكثر من ثلاثة أشهر متواصلة، إلى حجم العقدة القتالية التي تمثّلها البلدة، مع العلم أن تعداد سكان بيت حانون لا يتجاوز الـ40 ألف نسمة، وقد أتى الدمار على 90% من منازلها، واعتبر العدو منذ بداية الحرب، أن سقوطها وانتهاء جيوب المقاومة فيها، تحصيل حاصل، بالنظر إلى كثافة التمهيد الناري الذي استُخدم فيها في الأسابيع الأولى من الحرب. واليوم، بعد قرابة 200 يوم من القتال، تواصل البلدة الحدودية تصدّر المشهد الميداني؛ فمن أراضيها، يعلن جيش العدو دائماً أن المقاومة أطلقت رشقة صاروخية في اتجاه مدن الغلاف، وفيها تمكّنت المقاومة مراراً من تنفيذ كمائن نوعية وعمليات خلف خطوط العدو.
لم يستطع جيش الاحتلال القفز عن حقيقة أن خلايا المقاومة في شمال القطاع، لا تزال بخير
أمام هذا الواقع، لم يستطع جيش الاحتلال القفز عن حقيقة أن خلايا المقاومة العسكرية في شمال القطاع، لا تزال بخير، إذ نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين إسرائيليين الإقرار بأن الوصول إلى مرحلة يمكن أن تتحدّث فيها إسرائيل عن سحق كامل لحركة «حماس»، بحاجة إلى سنوات وليس إلى أشهر، لأن المقاومة ستكون قادرة في كل مرحلة على إعادة ترميم ذاتها، مستغلّة شبكة أنفاقها المعقّدة، ومخزونها البشري الكبير من المقاتلين. وعلى الأرض، تتحدّث التقديرات الميدانية عن أن المقاومة لم تستنفد إلا قدراً محدوداً من قدراتها البشرية، بالنظر إلى أن نوعية القتال وطريقته، تتطلبان قدراً محدوداً جداً من العناصر، لتنفيذ عدد كبير من العمليات. وفي السياق، يقدّر مصدر مقرّب من المقاومة تحدّث إلى «الأخبار» أن الزمن وتقادم الحرب، وإن كانا يشكّلان وضعاً ضاغطاً على الأهالي وبيئة المقاومة الاجتماعية، فإنهما يقدّمان خدمة ميدانية وعسكرية كبيرة للمقاومين، الذين يدرسون بشكل يومي سلوك الاحتلال ويحلّلونه، ما يؤهّلهم لتوقع خطوته القادمة.
* الأخبار اللبنانية