أمريكا تبيّت لحزبِ الله مؤامرةً مشتركةً مع إسرائيل ولكن بعد انتخابات البيت الأبيض
متابعات| رصد:
نشرت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات التي يقع مقرها في العاصمة الأمريكية واشنطن، وهي إحدى مجموعات الضغط الأمريكية، التي تستخدمها واشنطن لإنفاذ وتمرير سياساتها وتحقيق تأثير أمريكي في رغبات وسياسات دول أخرى، نشرت تقريراً أبدت فيه أن أمريكا لن تدعم إسرائيل في أي هجوم لاحق ضد حزب الله.
الواضح من التقرير الأمريكي أن واشنطن تحاول إيهام حزب الله بأنه في أمان ولن تجرؤ إسرائيل على مهاجمة جنوب لبنان بعد أن تنتهي من عملياتها العسكرية في قطاع غزة، فيما الحقيقة أن واشنطن وحتى في سياق هذا التقرير الذي يفترض بأنه يقدم رسائل طمأنة لحزب الله ترى في المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله تهديداً إرهابياً لأمريكا بنفس المستوى والدرجة التي يمثلها حزب الله تهديداً لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
وبقدر ما يمكن فهمه من التقرير الأمريكي لمؤسسة (FDD) على أنه يرسم صورة انقسام في التوجهات بين أمريكا وإسرائيل، إلا أنه يعد محاولة أمريكية واضحة لخداع حزب الله مؤقتاً بينما تنتهي إسرائيل من مهمة التخلص من قطاع غزة والخروج من هذه الحرب بنتيجة إيجابية لصالح الكيان الصهيوني، وذلك يتضح بجلاء من خلال ما ورد في التقرير من محاولات كاتب التقرير تقديم سرد طويل يحاول فيه إقناع القارئ بأن جو بايدن لن يدعم إسرائيل مستقبلاً في الحرب ضد حزب الله وأن دعمه لها حالياً في الحرب ضد قطاع غزة إنما هو بدافع الانتقام من حركة المقاومة الفلسطينية وخصوصاً حماس التي قادت وخططت لهجوم 7 اكتوبر 23 والذي يرى بايدن أنه مثل بالنسبة له رعباً، وفي النفس التقرير وبعد فقرات قليلة فقط يهوي الكاتب بحقائق تكشف النوايا الحقيقية لأمريكا تجاه حزب الله، حيث يقول معد التقرير ريتشارد جولدبرج، إن بايدن لا يريد أن يستمر الصراع في الشرق الأوسط حتى فترة إعادة انتخابه، أي أن بايدن فقط يهمه ألا يحدث أي صراع من الآن وحتى تنتهي الانتخابات الرئاسية لأن الحرب ستؤثر عليه وقد تطيح به وتحرمه من الحصول على فترة رئاسة ثانية.
ذلك يعني أن بايدن بعد فوزه في الانتخابات سيدعم إسرائيل في الحرب على حزب الله، وللتأكد من هذه الحقيقة ورد التقرير الأمريكي بأن “على الحكومة الإسرائيلية تأمين أي اتفاق مؤقت يمكن أن يكسب الوقت فقط حتى تصبح إسرائيل (القدس) مستعدة بشكل مستقل لحرب واسعة النطاق وتعطي مواطني إسرائيل وهم الأمن على الحدود الشمالية، وأياً كانت النتائج التي ستحققها عملية “هوكشتاين”، فإنها لن توفر للإسرائيليين الأمن الذي يحتاجون إليه، على طول الحدود أو في المدن الكبرى في المناطق الشمالية والوسطى، ولن يؤدي ذلك بأي حال من الأحوال إلى إضعاف القدرات القوية “لمجموعة إرهابية” تهدد أمريكا بقدر ما تهدد إسرائيل”.
وباختصار فإن إدارة بايدن تخطط لاستثمار الوقت فقط ريثما تنتهي الانتخابات الأمريكية وبعد أن يفوز بايدن في الانتخابات بفترة رئاسية ثانية ومن بعدها فإن لإسرائيل أن تفعل ما تشاء ولها من البيت الأبيض شيكاً مفتوحاً لتمويل هذه الحرب كما فعلت ولا زالت تفعل في عدوان كيان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر وحتى اليوم، إضافة إلى أن ما جاء في تقرير مجموعة الضغط الأمريكية (FDD) مغاير تماماً لما تبثه واشنطن من رسائل إعلامية باللغة العربية على قنوات ووسائل إعلام عربية تتبع العباءة الأمريكية والتي تروج منذ أيام لرواية أن أمريكا لا ترى بأن إسرائيل وحزب الله سيخوضان حرباً ضد بعضهما البعض، ورواية أن واشنطن تستبعد اتساع الصراع بين إسرائيل وحزب الله، وهي رسائل القصد منها أن يطمئن حزب الله ويبني حساباته لليوم التالي لما بعد حرب غزة واليوم التالي لما بعد المواجهات الحالية في الجبهة الجنوبية على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية على قاعدة أن الحرب انتهت تماماً ولن تحارب إسرائيل مجدداً في الجبهة الشمالية، وبالتالي تباغت إسرائيل وأمريكا حزب الله فجأة في الجنوب بالتزامن مع تنسيق الأوروبيين وتكثيف جهودهم للزج بالجيش اللبناني في جنوب لبنان والتصادم مع المقاومة اللبنانية، ولهذا تتوافد المجموعات الأوروبية من وفود إلى بيروت لتقديم وعود بدعم الجيش اللبناني بالسلاح القوي بعد أن يدخل جنوب لبنان ويعزز تواجده وسيطرته هناك، وفي محاولة مفضوحة للغرب لإقناع القيادة اللبنانية بأن الغرب حريص على مصلحة الجيش اللبناني ويريد تقديم الدعم العسكري له فقد جاء الأوروبيون كمندوبين عن أمريكا حاملين معهم قطعتين بحريتين صغيرتين ومعهما 4 زوارق صغيرة على أنها دعم عسكري للجيش اللبناني، غير أن القيادة اللبنانية وعلى رأسها رئيس البرلمان نبيه بري فطنة لما يصبوا إليه الغربيون، حيث رد بري على وفود أوروبا بأن الجيش اللبناني منتشر في جنوب لبنان ولا يحتاج لمزيد من الانتشار ويمارس مهامه، وهو بذلك يقطع على الغرب الطريق لما يريدون تهيأته من ظروف في لبنان كي يأتي موعد الحرب الإسرائيلية القادمة ضد حزب الله وقد أصبح كل شيء جاهز.