أمريكا تجهِّزُ لحربٍ واسعة ضد اليمن.. هذه معطياتُها
اليمن يخوضُ أكبر معركة بحرية عالمية منذ الأربعينيات
متابعات| تقرير*:
يوماً بعد آخر، تتكشّف معالم المأزق الأمريكي في اليمن، وتتبيّن حتمية الفشل الاستراتيجي لقرار واشنطن المتسرّع إقحام نفسها في هذا الصراع.
صحيح أن البحرية الأمريكية تخوض المعركة بقدرات ضخمة وغير متماثلة مع ما لدى القوات اليمنية غير النظامية، إلّا أن هذه الأخيرة تستخدم التكتيكات المرنة في الاستهداف، وتتمتع بقدرات عالية على التملّص والتحَرّك والاختفاء، فضلاً عن جرأتها في اتِّخاذ القرار والاستمرار في تنفيذه مهما علت كلفته، ما اضطرّ القيادة العسكرية الأمريكية للاعتراف بضراوة الحرب، وعقم الوسائل والمعدات والتكتيكات المستخدمة فيها، رغم كون المعركة في اليمن «الأكبر للبحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية»، وفقاً لما أقرّ به نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية، براد كوبر.
ويوضح هذا الإقرار جسامة التحديات التي تواجه الولايات المتحدة في هذه المعركة، سواء في التخطيط أَو الاستخبارات أَو التكتيكات العملانيّة.
فعلى صعيد الاستخبارات مثلاً، لا يقتصر الفشل على المعلومات القَبلية، بل يطال حتى المعلومات البَعدية، أَو ما يسمّى «التغذية الراجعة» عقب الضربات على اليمن.
إذ بحسب شبكة «سي إن إن»، فإن «الجيش الأمريكي لا يعرف بالضبط مقدار قدرات الحوثيّين التي تم تدميرها، أَو كم من الوقت ستستغرق مهمة ردعهم إلى الأبد»، وهو ما علق عليه الأدميرال مارك ميجيز، قائد المجموعة الثانية من حاملة الطائرات، بالقول «إنها مشكلة شريرة ليس لدينا الكثير من الإخلاص فيها».
وكان بحارة وطيارون في البحرية الأمريكية اعترفوا بأن الهجمات اليمنية في البحر الأحمر لم تكن متوقعة، مشيرين إلى أن البوارج الحربية لم تكن تعتبر تلك الهجمات، رغم كونها غير مسبوقة، تهديداً، لكن أسراب الطائرات التي يطلقها اليمن جعلت طواقم البوارج في حالة تأهب قصوى، وخُصُوصاً أن أحد الصواريخ اليمنية اخترق الأنظمة الدفاعية البحرية، ووصل إلى خط الدفاع الأخير لإحدى البوارج.
حاملة الطائرات «آيكي» والمدمّـرات المنتشرة في مكان قريب لم تقم بزيارة الميناء منذ أشهر
وشهدت الأيّام الماضية تصعيداً كَبيراً في منطقة عمليات البحر الأحمر وخليج عدن، لم يقتصر على عدد السفن المستهدفة أَو طبيعة التكتيكات المعتمدة، بل تعدّاهما ليشمل دخول صنوف نوعية من الأسلحة.
إذ أوردت القيادة المركزية العسكرية الأمريكية «سنتكوم»، في بيان، أنها رصدت، للمرة الأولى، «استخدام الحوثيّين مركبة غير مأهولة تحت الماء»، وهو ما عدّه ميك مولروي، المسؤول السابق في البنتاغون وضابط وكالة الاستخبارات المركزية، «أمراً مهماً، وعلى ما يبدو فإنهم يعدّلون استراتيجيتهم».
ومن المتوقع أن يضيف استخدام الغواصات الصغيرة وغير المأهولة تحديات استثنائية أمام القطع البحرية الأمريكية، التي ستجد نفسها أمام سيناريو استخدام صنوف متعدّدة من الأسلحة (صواريخ باليستية وأُخرى كروز، زوارق سريعة، طائرات مسيرة، مراكب سطحية وأُخرى تحت الماء تُدار عن بعد) على هدف واحد، في التوقيت نفسه، الأمر الذي سيعرّض عناصر تلك القطع لاحتمال الإصابة.
وفي هذا الإطار، قال مولروي: «من المرجح أن يكون اكتشاف وتدمير السفن السطحية وتحت السطحية غير المأهولة، أكثر صعوبة من اكتشاف الطائرات من دون طيار والصواريخ المضادة للسفن»، معتبرًا أن «ذلك قد يطغى على دفاعات السفن الأمريكية».
وتمثل المدمّـرة «USS Gravely» ما تسميه القيادة العسكرية الأمريكية «رأس الرمح» ضد صواريخ اليمن ومسيّراته، وهي مزوّدة بصواريخ «توماهوك» البعيدة المدى، والقادرة على الوصول إلى أهداف داخل اليمن، كما تنشر صواريخها المضادة للطائرات في نطاقات متعدّدة.
إلا أنه في الشهر الماضي، اقترب صاروخ يمني من البارجة إلى درجة أنه كان عليها استخدام خط دفاعها الأخير، المعروف باسم «الكتائب»، للتعامل معه وإسقاطه، فيما لا تزال القيادة البحرية تجري تحقيقاً في كيفية اقتراب الصاروخ منها.
والجدير ذكره، هنا، أنه غالبًا ما يكون لدى البحارة ثوان فقط للرد على صاروخ متجه نحو الداخل.
وفي هذا الإطار، قال الملازم البحري، جي جي جيمس رودني، الذي يعمل في مركز المعلومات القتالية في غرافيلي: «يمكن أن يكون لدينا ثوانٍ، أَو يمكن أن يكون لدينا دقائق، لن أقول أكثر من دقائق».
وينظر ضباط البحرية وجنودها إلى المهام الموكلة إليهم في أنحاء العالم، على أنها نوع من التمييز والحظوة أَو فرصة للاسترخاء.
لكن في اليمن، يبدو الأمر مختلفاً كليًّا؛ إذ إن الإفادات التي رصدها الإعلام الأمريكي لهؤلاء العسكريين، تحكي عن قصة خوف ورعب حقيقيين.
ومن بينهم مايكل زيتو، الذي يساعد في تشغيل المدافع وأنظمة الأسلحة الأُخرى على متن السفينة، والذي قال: «بالتأكيد ليس ما توقعناه أن نكون هنا، كنا نتوقع أن يكون نشرنا أكثر استرخاءً وهدوءاً.
لكن هجمات الحوثيين تستمر بلا هوادة، إلى درجة أن حاملة الطائرات «آيكي» والمدمّـرات المنتشرة في مكان قريب لم تقم بزيارة الميناء منذ أشهر، وهو أمر غير معتاد إلى حَــدّ كبير».
* الأخبار البيروتية