كل ما يجري من حولك

مجلة أمريكية تفكِّكُ مبِّرراتِ قصف اليمن: بايدن يتصرَّفُ كـ”امبراطور”!

240

متابعات| رصد:

قالت مجلة “جاكوبين” الأمريكية، الثلاثاء، إن الهجمات “المحدودة” التي أمر الرئيس الأمريكي جو بايدن بتنفيذها على اليمن مؤهلة للتحول إلى حرب أمريكية مفتوحة أخرى في الشرق الأوسط، وإن الحجج التي استخدمتها إدارة بايدن ومؤيدوها ليست منطقية ولا تبرر مهاجمة اليمن.

ونشرت المجلة اليوم تقريراً رصده وترجمه موقع “يمن إيكو” جاء فيه أن “جو بايدن يواصل قصف اليمن بدون الحصول على إذن من الكونغرس، ومبرراته للقيام بذلك لا تصمد أمام التدقيق، وهي تخفي مخاطر تحول هذه العملية إلى حرب أمريكية أخرى مفتوحة النهاية”.

وأضاف: “أحد التطورات الغريبة في الخطاب السياسي الأمريكي خلال السنوات القليلة الماضية هو أنه حتى مع احتلال سيادة القانون والحاجة الملحة للدفاع عنه في مواجهة الرؤساء عديمي الضمير مركز الاهتمام، فإن قدرة الرؤساء على استخدام وإساءة استخدام ما كان يسمى ذات يوم القانون والرئاسة الإمبراطورية قد أثارت تثاؤباً جماعياً. لكن مع حملة القصف التي يشنها الرئيس جو بايدن في اليمن، قد يتغير ذلك”.
وبحسب التقرير فإنه “ليس من المستغرب أن بعض أعضاء الكونجرس من مختلف الخطوط الأيديولوجية- من التقدميين والديمقراطيين الوسطيين إلى الجمهوريين- يشككون الآن في الأساس القانوني لقصف بايدن لليمن، والذي يتعرض بعد أسبوعين لخطر متزايد للتحول إلى حرب. شيء أكبر بكثير، وأسوأ من ذلك بكثير”.

وقال إن “ما بدأ بثلاث وسبعين غارة جوية على البلاد في 11 يناير، سرعان ما تحول إلى ست جولات أخرى من القصف (الأقل شمولاً) من قبل الجيشين الأمريكي والبريطاني، ومن المقرر الآن أن تصبح، وفقًا لصحيفة واشنطن بوست، حملة عسكرية مستمرة، حيث أخبر المسؤولون الأمريكيون الصحيفة أنه على الرغم من أنها ربما لن تستمر لسنوات مثل الحروب الأمريكية السابقة في المنطقة، إلا أنهم لا يملكون فكرة عن موعد نهايتها”.

وتابع: “وفقاً لبوليتيكو، فإن رؤية إدارة بايدن لنهاية اللعبة مبنية على بعض الافتراضات السخية إلى حد ما وهي: أن القصف والعقوبات الأمريكية ستخنق قدرة الحوثيين الحاكمين على مواصلة الهجوم، وأن إسرائيل ستتوقف في النهاية عن قتل أكبر عدد ممكن من الناس في غزة، بينما ستطالب الدول الأخرى في نهاية المطاف بإنهاء أزمة الشحن”.
ولكن، يؤكد التقرير أنه “حتى الآن، لا يثبت الواقع صحة ذلك مع تصعيد الحوثيين هجماتهم على الشحن وتوسيع أهدافهم لتشمل السفن الأمريكية، في حين تفيد التقارير أنهم يتلقون دفقاً مستمراً من الدعم من الفصائل المعادية السابقة داخل اليمن، التي تتحالف الآن بشكل متزايد مع الحوثيين، رداً على الغارات الجوية الأمريكية. وقد اعترف بايدن نفسه عندما سُئل عن غاراته الجوية: هل ستوقف الحوثيين؟ لا”.
وأوضح أن “ما يحدث في البحر الأحمر يحمل كل ما يؤهله لحرب أمريكية غبية أخرى مفتوحة النهاية في الشرق الأوسط تعتمد على التفكير السحري، ورفض معالجة السبب الجذري وراء تلك الحرب- وكل ذلك يتم بناء على رغبة ونزوات الرئيس ودون ما يشبه تفويض الكونجرس”.
وتابع: “لقد وجد المدافعون عن الرئيس بايدن طرقاً مختلفة لتبرير تصرفاته مثل: أن قصف بايدن محدود، على سبيل المثال، وأن ضرب أهداف عسكرية بحتة مع تجنب إرسال قوات برية أو محاولة تنفيذ تغيير النظام- لذلك لا يكاد يشكل حرباً يحتاج الكونجرس إلى شغل نفسه بها، وتقترن بهذا الحجة القائلة بأن مجموعة من الرؤساء الآخرين، بما في ذلك أسلاف بايدن الثلاثة المباشرين، فعلوا الشيء نفسه أو ما شابه ذلك بدون الحصول على موافقة الكونجرس، وعلاوة على ذلك، فإن الحوثيين ليسوا كياناً سيادياً، وقد لا يكون من الممكن تماماً خوض حرب مع جهة فاعلة غير حكومية مثلهم”.
ورداً على ذلك قال التقرير: “يمكننا التعامل مع هؤلاء واحداً تلو الآخر، فإن فكرة أن قصف بلد ما لا يعتبر حرباً هي وجهة نظر غريبة لا تتبناها إلا المؤسسة في واشنطن، ولا تتمسك بها بشكل ثابت، وعلى سبيل المثال، إذا أطلقت إيران أو الصين أكثر من مائة قذيفة موجهة بدقة على أكثر من ستين هدفاً على الأراضي الأمريكية مثل القواعد والبنية التحتية العسكرية الأخرى، مما أسفر عن مقتل خمسة أشخاص- وهو ما فعله بايدن باليمن في 11 يناير- فهل سيتمكن أي شخص في الولايات المتحدة، ناهيك عن الكابيتول هيل، أن يعتبر الأمر مجرد قصف محدود؟ بالطبع لا، سيتم التعامل معه على ما هو عليه: عمل من أعمال الحرب”.
وأضاف “لن يكون هناك فرق إذا اقتصرت الضربات على الأهداف العسكرية الأمريكية؛ ففي نهاية المطاف، كان الهجوم الياباني على القاعدة البحرية الأمريكية في هاواي هو الذي دفع بالولايات المتحدة إلى دخول الحرب العالمية الثانية، ولا يزال هذا الخط من التفكير يحمل وزناً أقل الآن، بعد أن أثبتت ضربات بايدن، كما توقع الكثيرون، أنها بعيدة كل البعد عن كونها ضربة واحدة”.
وبحسب التقرير فإن “اتخاذ هذا العدد الكبير من السياسيين والمعلقين، بما في ذلك أولئك الذين يعتبرون أنفسهم ليبراليين ومدافعين عن سيادة القانون، لهذا الموقف السخيف يرجع إلى أمرين، الأول يتلخص في الثقافة العسكرية الراسخة في واشنطن، والتي بلغت ذروتها منذ الحرب ضد الإرهاب ومنذ رئاسة باراك أوباما التي حولت سياسات بوش الخارجة عن القانون إلى إجماع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، والآخر هو التفوق العسكري الساحق للولايات المتحدة، وهو ما يعني أن المسؤولين الأمريكيين يمكنهم بكل سرور تنفيذ أعمال حرب ضد الدول الأضعف ويفترضون أنها ستبقى محدودة، لأن الأهداف لن تجرؤ على الانتقام والمخاطرة بحرب شاملة مع الولايات المتحدة وهو افتراض يختبره الحوثيون حالياً”.
وبخصوص الحجة الثانية أوضح التقرير أن “مجرد تصرف مجموعة من رؤساء الولايات المتحدة بالطريقة نفسها التي يتصرف بها بايدن الآن، لا يجعل الأمر مقبولاً أو قانونياً بطريقة أو بأخرى، ففي نهاية المطاف، كان التاريخ الطويل من إفلات النخبة والرئاسة من العقابــ من العفو عن نيكسون إلى الفشل في محاسبة أي شخص في إدارة بوش عن خرقه للقانون- هو الذي مهد الطريق لتصرفات دونالد ترامب الغريبة”.
ورداً على الحجة الثالثة لتبرير الهجمات الأمريكية على اليمن، قال التقرير إنه “في حين أنه من الصحيح أن الحوثيين غير معترف بهم دولياً كحكومة شرعية في اليمن، إلا أنهم أقرب ما يمكن أن تصل إليه في الظروف الحالية كجهة فاعلة على مستوى الدولة، وقد تنقسم السيطرة الجغرافية لليمن إلى ثلاثة أقسام، لكن الحوثيين يحكمون المناطق التي تضم 70 إلى 80 بالمائة من السكان، بما في ذلك العاصمة، حيث توجد مؤسسات الدولة الحيوية، ومنظمات الإغاثة الدولية، وقطاع الاتصالات في البلاد، وأجزاء مهمة من الصناعة، كما أنهم يسيطرون على الميناء الذي يستقبل معظم واردات البلاد والمساعدات الخارجية، وتضم حكومتهم العديد من الوزراء غير الحوثيين الذين هم من قدامى الحكومات اليمنية السابقة، والادعاء بأن بايدن قادر على قصف اليمن طوعاً أو كرهاً لأن الحوثيين ليسوا حكومة حقيقية هو أمر مشكوك فيه للغاية”.
وأشار التقرير إلى أن “أقوى الحجج التي تبرر ما يفعله بايدن هو المبدأ القائل بأن الرئيس يمكنه أن يأمر الجيش بالرد بسرعة على الهجمات على الأمريكيين، ومن الواضح أن البيت الأبيض يشير إلى هذا المنطق عندما يصف ضرباته على اليمن بأنها أعمال دفاعية أو مسألة دفاع عن النفس، مشيراً إلى أن الحوثيين هددوا السفن الأمريكية في البحر الأحمر”.
وأضاف: “لكن بايدن، الذي تعرض للكثير من الانتقادات، لم يكلف نفسه عناء محاولة التعامل مع القضية بالوسائل الدبلوماسية، حيث أصدرت إدارته ببساطة تحذيرات علنية للحوثيين بالتوقف، وطلبت من إيران، التي لها تأثير محدود على الحوثيين، الضغط على الجماعة لإنهاء الهجمات، في حين رفضت القيام بالشيء الوحيد الذي أوضح الحوثيون صراحة أنهم يريدونه: وقف دعم الحرب الإسرائيلية على غزة ودعم وقف إطلاق النار، كما لم يظهر بايدن أي مؤشر على أنه سيسعى للحصول على إذن من الكونجرس لما يقول مسؤولوه إنها ستكون عملية عسكرية طويلة الأمد ومفتوحة”.

وتابع: “وماذا يعني الدفاع عن النفس هنا؟ فإدارة بايدن اعترفت بعد أيام من الضربات الأمريكية الأولية على اليمن بأنها ليس لديها قائمة بالضحايا من هذه السفن التجارية، مما يشير إلى أنه لم يكن هناك أي أمريكيين قتلوا بسبب هجمات الحوثيين في وقت أمر بايدن بالقصف”.

ووفق التقرير فإن “الشيء الذي دفع بايدن إلى التفكير بجدية في شن ضربات على اليمن كان حادثة 31 ديسمبر، حيث استجابت المروحيات الأمريكية لنداء استغاثة من سفينة تجارية كان الحوثيون يحاولون الصعود إليها، وتعرضت لإطلاق نار من قوارب الحوثيين (وقتلت المروحيات الأمريكية بعد ذلك عشرة أفراد من طاقمهم) وبالمناسبة، فإن سفينة الحاويات التي كان الجيش الأمريكي يدافع عنها لم تكن أمريكية، بل كانت سفينة ميرسك هانغتشو، التي تبحر تحت العلم السنغافوري. ومع ذلك، سرعان ما أصدرت الإدارة تحذيرها الأخير بأن العواقب ستتبع إذا استمرت هجمات الحوثيين”.
وأضاف: “الحادث الآخر الوحيد الذي يمكن القول بأنه هدد بشكل مباشر الموظفين الأمريكيين جاء بعد بضعة أيام، في 3 يناير، عندما فجر الحوثيون ما كان في الواقع قارباً انتحارياً مملوءاً بالمتفجرات على بعد بضعة أميال من سفن البحرية الأمريكية في ممرات الشحن في البحر الأحمر- وهو عمل يعتقد معهد دراسة الحرب، على سبيل المثال، أنه كان محاولة من قبل الحوثيين ليس لإلحاق الضرر، ولكن لإظهار قدراتهم رداً على التحذير الأخير لبايدن، وعندما سأله أحد المراسلين صراحةً في أعقاب الحادث، اعترف نائب الأدميرال كوبر بأنه لا توجد معلومات محددة تفيد بأن أي سفينة أمريكية قد تم استهدافها بشكل مباشر من قبل الحوثيين حتى ذلك الحين، لكنهم ببساطة كانوا في خطر نتيجة الموقع والقرب”.
وأوضح كوبر: “أثناء قيامنا بدوريات والدفاع عن السفن، يتم إطلاق صواريخ باليستية مضادة للسفن على بعض هذه القطع التجارية، أو يتم إطلاق هجوم أحادي الاتجاه عليها، ونحن في المنطقة المجاورة، لأننا نقوم بدوريات نشطة، ومن الصعب للغاية معرفة ما إذا كان هناك صاروخ يتجه نحوك مباشرة أو نحو السفينة التجارية المجاورة لك”.
وبمعنى آخر بحسب التقرير فإن “المسؤولين الأمريكيين أنفسهم يعترفون بأن الحوثيين لم يقتلوا أي أمريكيين ولم يستهدفوهم بشكل مباشر، وأن السفن الأمريكية معرضة للتهديد هنا فقط بحكم حقيقة أنها في المنطقة المجاورة أثناء قيامها بتنفيذ عملية عسكرية تهدف صراحة إلى حماية الشحن الدولي وتجارة دولة أخرى. هل يملك الرئيس الأمريكي حقاً الحق في إرسال الموارد العسكرية من جانب واحد إلى طريق الخطر، وانتظار تعرضها لإطلاق النار، ثم استخدام ذلك كسبب لبدء حرب دفاعاً عن النفس؟
وأضاف: “إن أعضاء الكونجرس على حق في الطعن في شرعية ما تفعله الإدارة في اليمن، وليس فقط لأن العملية غير دستورية”.
وأشار إلى أنه “بمجرد أن يتوقف أمر كهذا على التصويت في الكونجرس، فإنه يصبح مسألة نقاش وطني ويجبر المسؤولين والدولة بأكملها على مواجهة ما إذا كان بدء حرب مع الحوثيين في اليمن منطقياً بالفعل، وقد تؤدي هذه العملية إلى سيطرة العقول الأكثر هدوءاً وتمنع الرئيس من القيام بشيء يحمل في طياته احتمال حدوث رد فعل كارثي”.
واختتم التقرير بالقول إن “قصف بايدن لليمن يظهر مخاطر السماح لرجل واحد بسلطات تشبه الملك بإعلان الحرب، وقد استغرق الكونجرس وقتاً طويلاً جداً لإعادة تأكيد سلطته في شن الحرب ضد الرؤساء الذين لا يهتمون كثيراً.. دعونا نأمل أن يفعل ذلك الآن”.

You might also like