كل ما يجري من حولك

هآرتس: لن ينجحَ التطبيعُ بإنهاء الصراع حتى لو زار آلافُ الإسرائيليين الرياض

301

متابعات| تقرير*:

تعليقاً على الرواية الإعلامية التي يقدمها رئيس وزراء كيان الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في تقديم التطبيع مع السعودية على انه “نهاية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، تشير صحيفة هآرتس العبرية في مقال قام موقع الخنادق بترجمته، أن أي اتفاق تطبيع سابق لم يضع حداً للصراع وسيستمر “حتى لو كان آلاف السياح الإسرائيليين يقضون عطلاتهم في الرياض”. معتبرة أن “السعودية بلد حقق أحلام نتنياهو وسيمحا روثمان وياريف ليفين، باختصار، بلد شقيق”.

النص المترجم:

رياح التطبيع السعودي لم تجلب بعد أي سحب ممطرة، لكن التوقعات كبيرة ومبررة. إن التوصل إلى اتفاق سلام مع أي دولة عربية، وخاصة مع قوة عربية كبرى، هو دائماً إنجاز دبلوماسي ذو قيمة استراتيجية هائلة لإسرائيل.

ولكن في حالة السعودية، تنسب قيمة أكبر إلى التطبيع مما يبرره الواقع الصعب. “ثورة ذات أبعاد تاريخية”، تذكرة دخول إلى سماء المجتمع العربي والإسلامي، اعتراف غير مسبوق من العالم العربي بحق إسرائيل في الوجود، وقبل كل شيء، نهاية الصراع العربي الإسرائيلي – كل هذه أكثر من مجرد شعارات يتم تسويقها لمشروع لم يتحقق بعد.

إن التوصل إلى اتفاق مع السعودية لن يمثل بداية حقبة جديدة بل نهاية عملية. ولولا اتفاقات السلام الرائدة مع مصر والأردن وحتى اتفاقات أوسلو المكروهة، لما اقترحت السعودية مبادرة السلام العربية لعام 2002 أو وضعت عرض التطبيع على الطاولة بعد جيل. المملكة لا تصنع التاريخ – إنها تتبع مسار التاريخ.

وينبغي ألا نسمح لأنفسنا بأن نصبح أسرى الأوهام. لم ينجح أي اتفاق سلام في تمهيد الطريق لسلام شامل مع “العالم العربي” أو “العالم الإسلامي”، وليس هناك سبب للاعتقاد بأن اتفاقاً مع السعوديين سيحقق هذا الحلم أيضاً. لم يضع أي منها حداً للصراع التاريخي والوطني والأخلاقي بين إسرائيل والفلسطينيين، والذي سيستمر حتى لو كان آلاف السياح الإسرائيليين يقضون عطلاتهم في الرياض.

تشير جهود بنيامين نتنياهو لتقديم التطبيع كدليل قاطع على الشرعية العربية الشاملة لوجود إسرائيل إلى كيفية تراجع شعور إسرائيل بالأمن. الزعيم الذي تأمل إسرائيل أن يقدم هذا الاعتراف هو المسؤول عن قتل صحفي، زعيم بلد أعدم نظام العدالة الجنائية فيه هذا العام وحده أكثر من 100 شخص، وأصبحت حقوق الإنسان في ظل حكمه غير مرئية ونظامه القانوني يخضع لسيطرته وحده – بدون لجنة تعيينات قضائية. البرلمان أو الصحافة الحرة. السعودية بلد حقق أحلام نتنياهو وسيمحا روثمان وياريف ليفين – باختصار، بلد شقيق. لذلك ربما تكون السعودية هي الدولة التي ستمنح إسرائيل نتنياهو شرعيتها.

إنه لأمر مدهش أن نشاهد كيف يذوب عشاق الأخلاق والعدالة في إسرائيل عند أقدام البذخ السعودي ويرون فيه فرصة تاريخية لتصحيح جرائم بلادهم. إنهم يدركون أن الفلسطينيين لن يحصلوا على شيء، لكن لا يهم، الشيء الرئيسي هو أن بيبي سيحصل على إرثه وأن إسرائيل ستصبح عضواً مُرحباً به في النادي الإقليمي للدول غير الأخلاقية. اليسار، وخاصة اليسار الذي يرى نفسه أنقى تجسيد له، لم يواجه أبداً مشكلة في تربيع دوائره.

ولكن، كما يقول المثل، لا تنظر أبداً إلى حصان والهدية في فمه، حتى لو كانت الهدية تأتي بثمن استراتيجي مكلف للغاية لدرجة أنها قد تشكل تهديداً لوجود إسرائيل في وقت لاحق – بشرط ألا تتطلب الهدية وقف بناء المستوطنات. لا تحتاج إسرائيل إلى أن تكون أكثر قداسة من الباباوات الأمريكيين أو الأوروبيين، الذين يرون السعودية والعديد من الدول الاستبدادية الأخرى كشركاء استراتيجيين.

تذكر أن رئيس الولايات المتحدة تعهد خلال انتخابات 2020 بتحويل السعودية إلى “دولة منبوذة” ورفض مقابلة ولي عهد محمد بن سلمان – حتى يحتاج إلى مساعدته. الفرق هو أن الولايات المتحدة ودول أوروبا لا تعتمد على العلاقات مع المملكة لإثبات حقها في الوجود أو استقامتها أو أخلاقيتها أو كخطوة تحافظ على الاحتلال.

هكذا يجب أن ترى إسرائيل أيضاً اتفاق التطبيع مع السعودية، إذا أتى ثماره – ليس كهدية من السماء لزعيم فاسد سيسوقه كما لو أنه برأته محكمة قانونية، وليس كانتصار للروح الصهيونية على القومية الفلسطينية، وبالتأكيد ليس كمطهر لتطهير جرائم الحرب.


المصدر: هآرتس

You might also like