تلكؤٌ سعوديٌّ في خطواتِ بناءِ الثقة وصنعاءُ تحذِّرُ الرياضَ من هذه العواقب (تفاصيل)
أزمة غير معلنة بين الرياض و«الرئاسي»: تلكؤ سعوديّ في خطوات بناء الثقة
متابعات| تقرير*:
على رغمِ نفيِها أيَّ تعثُّرِ في مسار المفاوضات مع الرياض، حذّرت صنعاء من عواقب أية «انتكاسة» للتفاهمات التي جرت الأسبوع الماضي بين وفدها والجانب السعوديّ، داعية الرياض إلى المباشرة بتنفيذ ما تم الاتّفاق عليه في الجانبين الإنساني والاقتصادي من دون مماطلة أَو تسويف.
التحذير جاء في كلمة ألقاها رئيس المجلس السياسي الأعلى (الحاكم) في صنعاء، مهدي المشّاط، في كلمة ألقاها عشية الذكرى الـ 61 لثورة 26 أيلول 1962، مساء الأول من أمس، ودعا خلالها إلى الإنهاء الفوري للحصار والانخراط في إجراءات بناء الثقة، وفي مقدمة ذلك الفتح الكلي للمطارات والموانئ ودفع المرتبات، كما طالب دول التحالف بالتخلي عن الاستراتيجيات والممارسات العدائية والانتقال إلى أجواء السلام والحوار الذي يُفضي إلى الحلول العادلة.
تحذيرات المشّاط كشفت عن وجود تلكؤ في تنفيذ خطوات بناء الثقة من قبل الجانب السعوديّ، تحت مبرّر تأخر التشاور مع الحكومة الموالية للتحالف، و«المجلس الرئاسي» التابع للرياض، وخَاصَّة أن الأخيرة تحاول تقديم نفسها كوسيط سلام حتى الآن، وليس كقائدة للعدوان والحصار على الشعب اليمني، وعلمت «الأخبار» من مصدر مقرّب من حكومة عدن، بأن «لا جديد في تشكيل وفد مفاوض من المكوّنات الموالية لدول التحالف حتى الآن».
وقال المصدر إن هناك أزمة غير معلنة بين الرياض و«المجلس الرئاسي» على خلفية تهميش الأخير في مفاوضات الرياض الأخيرة.
وفي الوقت الذي زعمت وسائل إعلام موالية للإمارات تعثّر مسار التفاوض بين الرياض وصنعاء التي عاد وفدها برفقة الوفد العماني، الخميس الماضي، إلى مسقط، نفى عضو المكتب السياسي لحركة «أنصار الله» علي القحوم في تصريح إلى «الأخبار» وجود أي تعثر.
ومنذ أسبوع، أخذت مخاوف الموالين للتحالف بالتصاعد، وزاد ذلك في أعقاب تسريبات عن موافقة ولي العهد السعوديّ، محمد بن سلمان، خلال لقاء جمعَه بوفد صنعاء المفاوض خلال زيارته إلى سلطنة عمان، على معظم مطالب صنعاء.
وعلمت «الأخبار» من مصدر سياسي مطلع، أن اللقاء الذي استمر لأكثر من أربع ساعات كان إيجابياً للغاية، وبناء عليه استُؤنفت المفاوضات المباشرة بين صنعاء والرياض.
وأشَارَ المصدر إلى أن المعلومات التي حصل عليها عكست رغبة لدى ابن سلمان بإغلاق ملف الحرب في اليمن، إلا أنه أشار إلى وجود رغبة سعوديّة بالخروج من اليمن بدون التزامات أَو معالجات تتحمّلها الرياض كقائدة للعدوان، مع القبول بمخارج أُخرى لا تحمّلها المسؤولية المباشرة عن جرائم الحرب والتدمير التي ارتكبها تحالف العدوان في اليمن.
لا جديد في تشكيل وفد مفاوض من المكوّنات الموالية لدول التحالف
وكان عدد من الموالين للسعوديّة في حكومة الطرف الآخر، قد أبدوا انزعَـاجهم من تقدم المحادثات بين الرياض وصنعاء، وطالبوا المملكة بمراجعة الانخراط المباشر في مفاوضات مع صنعاء، معتبرين ذلك «خطأ تاريخيًّا سيقضي على ما تبقّى من شرعية» ويمكّن حركة «أنصار الله» من تحقيق نصر سياسي كبير على خصومها.
بل ذهب رئيس مجلس شورى حكومة عدن، أحمد عبيد بن دغر، المقيم في القاهرة، إلى التهديد بالحرب لمواجهة أي اتّفاق بين الرياض وصنعاء يتجاوز قبول الأخيرة بمرجعيّات السلام الممثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216.
ووسط رفض الأطراف الأُخرى للسلام، حذر مراقبون من مخاطر الحلول الجزئية للملف اليمني، مشيرين إلى أن الرياض تحاول الخروج برأسها فقط من حرب اليمن، وذلك في إطار خطة أميركية – سعوديّة لتأمين إمدَادات النفط وإزالة التهديدات الناتجة من ارتداد العدوان والحصار على بيئة الأعمال السعوديّة والشركات الأجنبية التي كانت ولا زالت في قائمة بنك أهداف صنعاء.
المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الذي سبق له أن رحّب باستئناف المفاوضات المباشرة بين صنعاء والرياض، زار المملكة، أول من، أمس، وقال مكتبه إنه أجرى مناقشات مع مسؤولين إقليميين ودوليين بارزين، كما التقى السفير السعوديّ لدى اليمن، محمد آل جابر، وجرت مناقشة الجهود المبذولة للتوصل إلى اتّفاق بين أطراف الصراع حول تدابير تحسين الظروف المعيشية في اليمن، بما في ذلك دفع رواتب القطاع العام، ووقف مستدام لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، واستئناف عملية سياسية جامعة برعاية الأمم المتحدة.
كما التقى بسفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن لبحث تنسيق الجهود الدولية لدعم السلام، وسفراء دول الاتّحاد الأُورُوبي الذين نقلوا مقترحات أميركية – سعوديّة إلى «المجلس الرئاسي» في عدن الأسبوع الماضي، تتعلّق بآليات صرف المرتبات وفتح الطرقات ورفع الحصار عن مطار صنعاء وميناء الحديدة.
وفي تطور لاحق، قالت وسائل إعلام بحرينية أن أربعة جنود بحرينيّين قُتلوا الاثنين، وجُرح أكثر من 25 آخرين بهجوم استهدف مواقعهم عند الحد الجنوبي للسعوديّة في محافظة جيزان، وكشفت أن الجنود كانوا يعملون ضمن وحدة المدفعية الثقيلة على الحدود اليمنية – السعوديّة.
وتضاربت الأنباء حول ملابسات مقتلهم.
ففي حين قالت وسائل إعلام إنهم قُتلوا بهجوم على معسكرهم في جيزان، قالت أُخرى إنهم قتلوا أثناء مهاجمتهم لمواقع قوات صنعاء.
وأعلنت السعوديّة عبر متحدث التحالف، تركي المالكي، أنها «تحتفظ بحق الرد»، فيما استغلت الإمارات الحادث، ودعت خارجيتها «المجتمع الدولي إلى توحيد الجهود واتِّخاذ موقف حاسم ضد صنعاء، والعودة إلى عملية سياسية تحقّق السلام والأمن والاستقرار في اليمن».
التضامن الإماراتي الكبير مع الجنود البحرينيين كشفت وجود تنسيق بين المنامة وأبو ظبي لإيقاف مساعي السلام في اليمن، وفي هذا الاتّجاه، قالت مصادر إن هجوم الجنود البحرينيين على الحدود اليمنية جاء من دون علم قيادة العمليات التابعة للتحالف، وتم الرد على مصادر النيران كحق مشروع.
* الأخبار اللبنانية