كل ما يجري من حولك

صنعاءُ تتوقَّعُ في مرحلةِ ما بعد الاتِّفاق مع الرياض أن تحدُثَ هذه التطوُّرات الهامة

لا تفاوُضَ مع أبو ظبي: صنعاءُ تقارِبُ مرحلةَ ما بعد الاتِّفاق مع الرياض

867

متابعات| تقرير*:

في مؤشر إلى أن الاتفاق مع السعودية صار في المتناول، بدأت صنعاء رسم ملامح ما بعد الاتفاق المتوقّع، مؤكدة أنها لن تسمح ببقاء أية قوات أجنبية على الأراضي اليمنية، ولن تقبل بالتفاوض مع أي طرف آخر غير «قائدة التحالف» ممثلة بالسعودية، في تلميح إلى الإمارات، داعية الأطراف اليمنية كافةً الى حوار يمني ـ يمني دون تدخل خارجي.

وأكد مصدران في صنعاء، أحدهما مقرّب من «أنصار الله» لـ«لأخبار»، أن «الإمارات تستميت لإعاقة مسار السلام من خلال محاولاتها المتكرّرة منذ أسبوع للمشاركة في المفاوضات التي تجرى بين صنعاء والرياض، وحققت تقدماً كبيراً الأسبوع الماضي». وأوضح المصدران أن «صنعاء كانت تتوقّع أن تدفع أبو ظبي الأطراف الميليشيوية الموالية لها إلى عرقلة أي اتفاق سلام، كون السلام سيجرّدها من أي دور في جنوب اليمن، ولن يضمن بقاءها في الموانئ والمطارات والجزر اليمنية، وخاصة جزيرة سقطرى». وكشف المصدران عن تواصل عدد من المكوّنات الجنوبية مع صنعاء للحوار معها بخصوص «القضية الجنوبية». وفي هذا الشأن، أكد مصدر في «الحراك السلمي الجنوبي» المشارك في الحوار الوطني في صنعاء لـ«الأخبار»، أن «القضية الجنوبية وطنية بامتياز، ولاعلاقة للإمارات ولا بريطانيا بها»، مشيراً إلى أن «حل مظلومية الجنوب سيتم في إطار الوحدة الوطنية، وليس وفق مشاريع التجزئة والتفتيت»، متهماً أبو ظبي «باستغلال مظلومية الجنوب الناتجة من تداعيات حرب صيف 1994، لتنفيذ أجندات استعمارية لن يطول بقاؤها».وتحاول الإمارات فرض نفسها كطرف ثالث في المفاوضات التي تجرى بين صنعاء والرياض، على رغم تقليل الصحافة الإماراتية من أهمية مفاوضات الرياض. وتتزامن تلك المحاولة مع تراجع رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي»، عيدروس الزبيدي، الموالي لأبو ظبي، عن تهديده السابق بتقويض أي اتفاق سلام يجرى بين صنعاء والرياض من دون مشاركة «الانتقالي» ومن دون أن يشمل مطالب الانفصال التي يروّج لها مجلسه. فالزبيدي وقيادات في «الانتقالي» أبدوا رغبتهم في الحوار مع صنعاء، وذلك في أعقاب تعرّض المجلس لضغوط سعودية بسبب موقفه من مفاوضات السلام.
ويرى رئيس المكتب السياسي لـ«مجلس الحراك الثوري الجنوبي»، مدرم أبو سراج، في تصريح لـ«الأخبار» أن «الزبيدي يراوغ فقط. ولا رغبة جدية لديه في الحوار مع صنعاء». وأرجع ذلك إلى خضوع الأخير لرغبات الإمارات وعدم امتلاكه القرار، «فهو ينفّذ ما يُملى عليه». ويشير أبو سراج إلى أن «من حق أي مكوّن سياسي أن يتحاور مع صنعاء»، إلا أنه لفت إلى أن «الزبيدي ملتزم باتفاق الرياض الموقّع مع حكومة عدن بالمناصفة أواخر 2019، وأنه جزء من الحكومة ولا يستطيع الخروج على الاتفاق الذي جمد القضية الجنوبية».

مغادرة الالتحاق بالخارج ستخلق أجواء داعمة لحوار يمني – يمني

وفي هذا الإطار، دعا نائب وزير الخارجية في حكومة الإنقاذ، حسين العزي، من وصفهم بالخصوم المحلّيين إلى الحوار. وأشار في تغريدة على منصة «X» إلى أن المشكلة تتركّز في التحاقهم بالخارج، ومغادرة هذا الاتجاه سيخلق أجواء داعمة لحوار يمني – يمني.

وفي اتجاه معاكس لمطالب صنعاء بخروج القوات الأجنبية كافةً من الأراضي اليمنية خلال فترة زمنية محدّدة، كشرط أساسي لتنفيذ خريطة السلام التي سيعلن عنها قريباً في حال عدم الاعتراض عليها من قبل أميركا وبريطانيا اللتين بدتا متمسكتين بوجودهما في المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن تحت ذريعة مكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية، منح رئيس «المجلس الرئاسي»، رشاد العليمي، القوات الأميركية في المحافظات الجنوبية هامشاً أوسع، واستدعى المزيد من تلك القوات لمكافحة «التنظيمات الإرهابية» في جنوب اليمن. وأثار لقاء العليمي الثلاثاء الماضي في نيويورك وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، موجة سخط ضد «الرئاسي» في المحافظات الجنوبية، وأزعج السعودية التي قاطعت كلمته في الأمم المتحدة على خلفية اتهامه للتحالف بتهميش المجلس في المفاوضات التي جرت مع صنعاء.
اللافت في الأمر أن الأحزاب والمكوّنات السياسية الأخرى الموالية للتحالف، لم ترحّب بتقدم مفاوضات السلام الأخيرة ولم يصدر عنها أي تأييد للقاءات المباشرة بين صنعاء والرياض، بل منحت وسائل إعلامها الضوء الأخضر للتصعيد الإعلامي ضد حركة «أنصار الله»، وسط تحذير قيادات في «حزب الإصلاح» والأحزاب الأخرى الموالية للتحالف من مصير غامض لما تسمى بـ«الشرعية».

وكانت الولايات المتحدة قد أبدت رغبتها بإقامة قواعد عسكرية في عدد من الجزر اليمنية خلال مفاوضات سابقة، وقال الباحث العسكري، عبد الله بن عامر، في تغريدة على منصة «X»، إن واشنطن طرحت على صنعاء إقامة قواعد عسكرية أجنبية في جنوب البلاد وشرقها وفي عدد من الجزر، وكان الرد بالرفض المطلق. وبعد ذلك، توجهت أميركا إلى فرض مشروع التقسيم لأنها تدرك استحالة إقامة قواعد في ظل وجود قوة عسكرية كبيرة بيد اليمنيين.
يشار إلى أن موقف صنعاء من وجود أيّ قوات أجنبية معروف، إذ أكدت عدّة مرات أن تلك القوات كانت وستبقى تحت مرماها، وفي حال رفض الانسحاب وفقاً لاتفاق سلام، فإن تلك القوات ستكون هدفاً مشروعاً لقوات صنعاء التي كشفت أخيراً عن تنامي قدراتها وأنها صارت قادرة على ضرب أيّ هدف في البحرين، الأحمر والعربي، وصولاً إلى ما بعد جزيرة سقطرى.

* الأخبار البيروتية

You might also like