مناورة “الركن الشديد”: الضفةُ والقطاعُ جبهةٌ واحدة
متابعات| تقرير*:
تزامناً مع الذكرى الـ 30 لاتفاقية أوسلو، ومن على الأرض التي حررت عام 2005 بالسلاح، نفّذت فصائل المقاومة الفلسطينية مناورة “الركن الشديد” بنسختها الرابعة. فيما كان من اللافت حضور قادة الفصائل في غرفة عمليات مشتركة وسط تهديدات إسرائيلية بتنفيذ اغتيالات تستهدف المسؤولين عن تصاعد العمليات في الضفة الغربية المحتلة. وهي أولى الرسائل التي حملتها المناورة: أنّ الظهير في قطاع غزة بكل فصائله يُراكم من قوته ويستعدّ للمعركة الكبرى.
بهدف رفع الجهوزية والاستعداد لأي مواجهة مع الاحتلال، استعرض المقاومون تكتيكات الهجوم والسيطرة، في طريقة أظهرت تنسيقاً عالي المستوى بين مختلف التخصصات العسكرية: القنص والتغطية النارية، الاقتحام والاتصالات، والاندفاع السريع إلى ميدان الخصم. كذلك، شاركت الكلاب البوليسية المدرّبة في عمليات السيطرة على الجنود وتثبيتهم، والتي انتهت بتطهير المواقع وأسر المزيد من الجنود.
تحاكي المناورة بأبرز تكتيكاتها مبدأ إدارة النار والعمليات المختلفة لقوات الفصائل بينما تؤكد قيادة الغرفة المشتركة أهميتها في تجاوز العقبات الميدانية والتركيز على وحدة الهدف والقيادة. وتعتبر هذه المناورة (التي نفذت النسخة الأولى منها عام 2020) نتيجة وخلاصة العبر من مختلف التدريبات السابقة على مدار العام وتتميز بأنها مناورة قيادة وسيطرة يتم فيها العمل تجاوز المعضلات الميدانية في التركيز على وحدة الهدف.
تضمنت المناورة الهجوم على مواقع وقواعد عسكرية في الضفة الغربية وشهدت إطلاق رشقات صاروخية تكتيكية باتجاه البحر ورميات مركزة لوحدة المدفعية بالهاون كما شهدت الهجوم على قاعدة بحرية للعدو واستخدام الأنفاق في البعد العملياتي والأهم محاكاتها عملية أسر جنود إسرائيليين.
تحمل هذه المناورة دلالات هامة لا سيما في توقيتها ورسائلها الموجهة، خاصة وأنها تأتي في لحظة إقليمية تشهد على خطوات تمهيدية قد تنتهي بالتطبيع بين كيان الاحتلال ودولة ذات ثقل كالسعودية مع تماهي السلطة في رام الله مع هذا الحدث. وهذا ما يدل على ان الفصائل غير معنيين بأي اتفاقيات تطبيع وان الخيار سيبقى بما طوروا من أسلحة وما ثبتوا من معادلات. في حين ان المناورة التي أجريت على وقع أصوات طائرات الاستطلاع الإسرائيلية التي لم تفارق سماء قطاع غزّة منذ ما قبل بدء المناورة إلى ما بعد انتهائها، استمرت حوالي 5 ساعات، بجهوزية مرتفعة دون أن تتجرأ تلك الطائرات على الاستهداف.
لم ترصد المناورة التي نفذت في الذكرى الـ 18 لاندحار الاحتلال عن قطاع غزة، تطور المقاومة العسكرية على كافة المستويات فحسب، بل وحدة الحركة والقرار والتنسيق بين 12 فصيل من فصائل المقاومة الفلسطينية وهذا بعينه هدف ورسالة واضحة لكيان الاحتلال.
في تمام الساعة السابعة والنصف صباحاً، أُطلقت العشرات من الرشقات الصاروخية تجاه البحر، إيذاناً ببدء المناورة، فيما حضرت في الميدان تشكيلات المقاومة كافةً، البرية والبحرية، المدفعية وضد الدروع، توازياً مع تحليق مسيّرة “أبابيل” في السماء طوال مدة التدريبات.
كان التوقيت من أشد الرسائل أيضاً، اذ انها أجريت في ظل حكومة يمينية متطرفة تستعجل حسم الصراع مع الفلسطينيين وتبني لأجل ذلك المستوطنات وترغب في تهويد المناطق والداخل المختل، كذلك تمرير مخططاتها تجاه المسجد الأقصى والضفة الغربية والأسرى في سجون الاحتلال. أضافة إلى الرسالة الواضحة التي حملتها للمقاومة في الضفة الغربية المحتلة ان المعركة مع الاحتلال مشتركة ولا استفراد بفصيل او منطقة دون أخرى. كما تمتين الجبهة الداخلية الفلسطينية، وتوحيد الصف العسكري، أحد الأهداف الاستراتيجية التي تمهّد لمرحلة التحرير.
من جهته قال قائد العلاقات العسكرية في كتائب القسام أيمن نوفل بأن المناورة “تؤكد جاهزية الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية وتوحدها في وجه أي تهديدات للاحتلال، ومضيها في طريق الإعداد والاستعداد لأي مواجهة دفاعًا عن المقدسات والأرض، وتصديا للعدوان على شعبنا في كل مكان”.
* الخنادق